كشفت المعارضة النيابية عن موقفها من النقاش الدائر حول إقرار مدونة للأخلاقيات بالمؤسسة التشريعية، تنفيذا لمضامين الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس البرلمان المغربي، حيث حذرت من "شيطنة البرلمانيين" بإقرار مدونة تحت "ضغط الإغراء الشعبوي". وسجل رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عبد الرحيم شهيد، خلال ندوة صحفية جمعت مكونات المعارضة بمجلس النواب، الخميس، أن مدونة الأخلاقيات لا يجب أن تبنى تحت ضغط الشعبوية، لأن هناك حملة ووصلنا إلى شيطنة البرلمان والبرلمانيين، مبرزا أن "السوق الأسهل للبيع والشراء هو ظهر البرلمانيين، وهذا لا يعني أننا مقدسين". ورفض شهيد اختزال كل ما يقع في البلاد في البرلمانيين فقط، مضيفا أن إخراج مدونة للأخلاقيات في هذا المناخ سيكون بمثابة مقصلة وسنقوم فقط بمطاردة الساحرات، مشيرا إلى أن الفريق الاشتراكي هو الأول الذي عبر عن تخوفه من هذا الموضوع، وتبعته باقي الفرق. وتابع: "هل نريد إجراء عملية جراحية صغيرة أو تنقية المناخ السياسي في بلادنا"، مؤكدا ضرورة أن تنخرط الأحزاب السياسية كلها في هذا الورش، وأن تتم مراجعة القوانين الانتخابية التي تقود المنتخب إلى البرلمان، مضيفا أن الملك تحدث عن مدونة للأخلاقيات ملزمة بقانون للمؤسسة التشريعية، ويصعب لمجلس النواب لوحد القيام بذلك. واستحضر شهيد في حديثه، التجربة في إيطاليا وكيف دخلت المافيات إلى العمل السياسي، قبل أن تقوم الدولة بمجهود جبار لتنقية المناخ، ونفس الشيء بالنسبة لأمريكا اللاتينية حيث أصبحت المافيات تتحكم في الأحزاب السياسية وفي الحكومة، مضيفا أن المغرب لم يصل إلى هذا المستوى لكن حذاري أن نصل إلى هذه العملية، وفق تعبيره. في سياق متصل، قال رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بووانو، إن النقاش في الأول كان حول هل يتعلق الأمر بقانون خاص أو مدونة للأخلاقيات، فإذا كنا نتحدث عن قانون خاص، فيجب أن يصادق عليه مجلسي النواب والمستشارين، وإذا كان قانون فستكون هناك صعوبة في أن تجيزه المحكمة الدستورية. وأردف بووانو، أنه إذا تم إخراج مدونة للأخلاقيات على شكل قانون، فيمكن لأي مواطن أن يستعمله ضد البرلمانيين، مبرزا أن أغلبية الدول ذهبت في اتجاه إقرار مدونة للسلوك ضمن النظام الداخلي للمجلس، وذلك ما قام به المغرب أيضا، مشيرا إلى أن مدونة السلوك في مجلس النواب جد متقدمة. وأشار المتحدث، إلى أن هناك 4 صيغ للمقتضيات الجديدة في مدونة السلوك والأخلاقيات التي تم التشاور بشأنها، مسجلا إلى أنه "كان هناك نقاش حول اعتماد تقارير مؤسسات الدولة سواء من المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشية العامة للمالية أو المجلس الأعلى للحسابات، (اعتمادها) كتقارير فيما يتعلق بالجنحة العمدية، أما الجناية فليس هناك أي إشكال". وشدد على أن موضوع الأخلاقيات لا يتعلق فقط بالبرلمان، بل يجب معالجته في الأصل وهي القوانين الانتخابية وقوانين الأحزاب، مضيفا أن الإسراع مإخراج مدونة للأخلاقيات قد يمس ب4 مبادئ وهي مبدأ قرينة البراءة، وكرامة وحصانة البرلمان، سيتم إفراغه بالشكايات الكيدية في جميع الدوائر، ثم عمل البرلمان في علاقته بالمواطنين سيتم المس بها أيضا. وأكد بووانو ضرورة أن يتم أخذ الوقت الكافي من أجل تعميق النقاش في هذه الأمور، داعيا إلى ضرورة مراجعة القانون التنظيمي لمجلس النواب، وقانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخابات، وسن إجراءات فيها. من جهته، اعتبر رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، رشيد حموني، أن مناقشة مدونة الأخلاقيات التي دعا إليها الملك محمد السادس، يتطلب التريث وأخذ الوقت الكافي لتعميق النقاش لأن مقتضياتها ستكون ملزمة للنواب لسنوات، مضيفا أن الملك طالب بتخليق الحياة السياسية ولم يضع آجلا لإخراج المدونة. وأوضح حموني، أن الملك محمد السادس تحدث عن الديمقراطية وهذا يهم الأحزاب وأهلية الترشح واختيار المرشحين داخل البرلمان، مضيفا أن التخليق ليس هو محاربة برلماني فقط لأنه لديه متابعة، مبرزا أن البرلماني لديه تعويضاته الشهرية وليس لديه ما يسرق في البرلمان، ولكن ما هو متابع به جاء به من خارج المؤسسة التشريعية من ترؤسه لجماعة أو تجارة المخدرات. وأكد أن التخليق الحقيقي للحياة البرلمانية هو منع مثل هؤلاء من ولوج قبة البرلمان، مضيفا أن الصيغ التي ناقشها مجلس النواب لحد الآن يتم التوصل دائما لوجود ثغرة، ويتم إعادة فتح النقاش وكل فريق يقول فكرته، ونتناقش أيضا من الأحزاب ومع الخبراء في الدستور والقانون. وشدد على أن التآخر في إخراج مدونة الأخلاقيات لا تتحكم فيه أسباب أخرى، مضيفا أن المعارضة مع التخليق ولكن بجودة، لافتا إلى أن النقاش الأخير حول هذا الموضوع ذهب في اتجاه تعميق النقاش من أجل إخراج مدونة تخليق حقيقية، مشيرا إلى أنه بناء على المقتضيات الواردة في مسودة المدونة التي تناقش لن يكون هناك مستقبلا من يريد التقدم للمسؤولين خصوصا ونحن مقبلين على الانتخابات. ومضى مستطردا أن إقرار هذه المدونة بشكلها الحالي سيتسبب في النفور من تقلد المسؤولية "من سيترشح لعضوية المكتب ورئيس المجلس وعضوية اللجان ورئاسة اللجان، لن يكون هناك أحد"، مسجلا أنه ليس هناك من طريقة ليعرف بها البرلمان النواب المتابعين إلا من خلال ما يكتبه الإعلام.