أعاد قرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعيين ستيفان سيجورنيه في منصب وزير الخارجية الجدل حول مستقبل العلاقات بين باريسوالرباط، خاصة أن مواقف معادية للمملكة المغربية سجلت ضد رئيس الديبلوماسية الفرنسية الجديد. وفي هذا الصدد أوردت صحيفة "جون أفريك" تقريرا تساءلت فيه عما إذا كان هذا التعيين سيشكل ضربة جديدة في العلاقات بين باريسوالرباط. وقالت الصحيفة إن وصول هذا الشخص الذي يُعتبر في المغرب صانعًا لقرار سابق للبرلمان الأوروبي ضد المملكة قد يثير استياء الرباط، أو على الأقل يُفسر على أنه نوع من "الاستهتار" من جانب إيمانويل ماكرون، الذي يتمتع الوزير الجديد بعلاقة وطيدة معه. يأتي هذا في وقت تشهد العلاقات الثنائية بين البلدين تحسنا ملحوظا، بعد أن أظهر مسؤولو فرنسا إشارات إيجابية يفهم من خلالها رغبتهم في تحسين علاقاتها المتوترة مع المملكة. ومن بين هذه الإشارات زيارة وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، إلى مراكش أكتوبر الماضي حيث التقى رئيس الحكومة عزيز أخنوش وناقشا الرهاناتِ والتحديات الاقتصادية العالمية الحالية، خاصة في ظل التقلبات الجيوسياسية والتغييرات المناخية. وفي نفس الإطار جاءت زيارة المدير العام لوكالة التنمية الفرنسية (AFD)، ريمي ريو، الذي التقى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في نونبر الماضي، وزيارة فريدريك فيو، رئيس الشرطة الوطنية الفرنسية، الذي استقبله المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، دجنبر المنصرم. وتنضاف إلى هذه الإشارات الإيجابية، زيارة نيكولا لورنر، الذي كان حينها المدير العام للأمن الداخلي بالجمهورية الفرنسية، والذي استقبله المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، بمدينة الرباط، حيث ناقشا "تقييم التعاون الاستخباراتي والأمني بين المغربي وفرنسا، وتدارسا كذلك آليات التنسيق العملياتي في القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك". وعلى الجانب المغربي، عين الملك محمد السادس سميرة سيطايل، سفيرة جديدة للملكة لدى فرنسا، وهو المنصب الذي ظل شاغرا لما يقرب من عام، وكان من المقرر أن يلتقي الرئيس ماكرون بها في 8 يناير لتقديم أوراق اعتمادها، قبل أن يتم تأجيل هذا اللقاء بعد إعلان التعديل الوزاري الذي قلب جدول الرئيس، وفق ما أوردته صحيفة "جون أفريك". وقالت الصحيفة الفرنسية إن تعيين ستيفان سيجورني، البالغ من العمر 38 عامًا، على رأس الديبلوماسية الفرنسية يعطي إحساسًا بأن كل هذه الجهود قد تبقى دون جدوى. أو على الأقل، قد تعرقل العملية الصعبة لتحسين العلاقات بين الرباطوباريس. وقالت الصحيفة إن سبب نظرة المغرب للوزير الجديد تعود إلى العداء الذي أظهره ستيفان سيجورني تجاه المملكة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، وخصوصًا عندما قدم، في 19 يناير 2023، قرارًا يدين المملكة بسبب "انتهاك حقوق الإنسان". ومع ذلك، بالنسبة لمتخصصي السياسة الفرنسية وخفايا الدبلوماسية، فإن تعيين ستيفان لا يُظهر أي شيء دالًا أو حاسمًا بخصوص العلاقة بين البلدين في المستقبل، لأن خط السياسة الخارجية لفرنسا يُحدده الإليزيه، وأن وزير الشؤون الخارجية لا يفعل سوى تنفيذ التوجيهات الرئاسية. وأضافت الصحيفة نقلا عن ديبلومساي مغربي أن "القرار الذي اتخذه البرلمان الأوروبي ضد المغرب لم يكن من صُنعه. كان موجهًا من قبل الإليزيه في سياق من التوترات الكبيرة بين البلدين. وكانت فرصة لسيجورني للوقوف لركوب الموجة، وإظهار ولائه وبناء اسمه في البرلمان الأوروبي. الآن أصبح وزيرًا للشؤون الخارجية، سيكون ملزمًا باستحضار ااعتبارات أخرى يمكن معها أن لا يظهر أي تأثير لمواقفه السابقة". وكان البرلمان الأوروبي قد أدان يناير 2023 المغرب بخصوص قضايا ترتبط بحرية التعبير وأوضاع الصحفيين، ولا سيما قضية الصحفي عمر الراضي. وصوت 356 نائبا من أصل 430 لصالح الإدانة، فيما رفض 32 نائبا الإدانة، وغاب عن التصويت 42 نائباً، وهو ما أثار حفيظة الرباط. وكان البرلمان الأوروبي قد عقد مناقشات عاجلة حول موضوعات حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، أمس الأربعاء، همت أيضا العواقب الإنسانية للحصار في ''كارباخ''، واقتحام المؤسسات الديمقراطية البرازيلية. واعتمد البرلمان الأوروبي، أمس الأربعاء، تعديلين على "تقرير حول تنفيذ السياسة الخارجية والأمنية المشتركة 2022′′. من جانبه، اعتبر مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى، أن هناك جهات داخل البرلمان الأوروبي تملك أجندة معروفة، تعادي المغرب دون غيره من الدول العربية والإفريقية، مشيرا إلى أن هناك حملة أوروبية مستمرة تستهدف المملكة بشكل مباشر وفردي. وأوضح مصدر دبلوماسي لجريدة "العمق"، أن "هذه التعديلات، التي تروج لها جهات تعادي مصالح المغرب، تدخل في خانة الاعتداءات والمضايقات التي تتعرض لها المملكة من قبل أولئك الذين يضايقهم ما حققه المغرب من نمو وازدهار وحضور قوي في محيطه الإقليمي والدولي". وأفاد المصدر بأن المغرب كان قد حذر منذ فترة طويلة وفي عدة مناسبات، من "هذه الحملة المستمرة التي تستهدفه بشكل مباشر وفردي، فمن بين كل الدول العربية والإفريقية، يعد المغرب الأكثر استهدافًا وهجومًا، وهو ما يدل على تحيز واضح لا يمكن التغاضي عنه". وبحسب المصدر ذاته، فإن هذه التعديلات "ما هي إلا مظهر من مظاهر التجاوزات والانتهاكات الحقيقية للمؤسسات والمسار الديمقراطي". ويرى المصدر أن "ما يثير الدهشة والاستغراب، أن نرى أولئك الذين يشتكون من التدخل الأجنبي، هم أول من يقومون بالتدخل في الشؤون الداخلية والمساطر القضائية لدولة ذات سيادة"، مشيرا إلى أن "أولئك الذين يشتكون من التدخل هم في الواقع أبطال هذا التدخل''.