تعتبر المبادرة الملكية بخصوص فتح الواجهة الأطلسية للمغرب لدول الساحل والصحراء والتي تضم النيجر والتشاد وبوكينافاصو و مالي مبادرة استراتيجية واستشرافية المستقبل من أجل مواجهة التحديات التي تعاني منها القارة الإفريقية من حيث الأمن الغذائي، والارهاب والجريمة العابرة للقارات ومحاربة التطرف والتنمية الاقتصادية لهاته البلدان في إطار مقاربة رابح- رابح التي أصبحت تنهجها المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس من أجل تنمية القارة الإفريقية والبلدان الإفريقية بسواعد إفريقية. فهذه المبادرة الملكية لها فوائد اقتصادية كبيرة لدول الساحل والصحراء وستساهم في تعزيز التعاون الإقليمي للدول في المستقبل، من خلال مشاريع لتطوير النقل والتجارة الإقليمية، مشاريع سياحية، مشاريع اقتصادية. فمن المبادرة الملكية وفتح الواجهة الأطلسية للمغرب لدول الساحل والصحراء ستساهم بشكل استراتيجي في: * تعزيز التجارة الإقليمية: فتطوير البنية التحتية للنقل والتجارة عبر الواجهة الأطلسية، سيكون له تأثير إيجابي على فرص التجارة بين المغرب ودول النيجر والتشاد وبوركينا فاسو ومالي، خاصة على مستوى الأقاليم الجنوبية للمملكة التي تشهد انتعاشة اقتصادية في السنوات الأخيرة. * تعزيز التعاون الاقتصادي: حيث سيساهم في تحسين التعاون الاقتصادي بين هذه الدول عبر مشاريع مشتركة، وبالتالي تحسين الأوضاع الاقتصادية وتعزيز التنمية في المنطقة. * الوصول إلى الموارد البحرية: ستتيح المبادرة الملكية لدول النيجرومالي والتشاد وبوكينافاصو من فرص الاستفادة من الموارد البحرية وتطوير الاقتصاد الوطني للمملكة من خلال تعزيز وجلب الاستثمارات المباشرة. * تعزيز الأمان والاستقرار في المنطقة: فتعزيز التعاون الاقليمي بين المغرب وهاته الدول سيكون له تأثير إيجابي على الأمان والاستقرار في المنطقة. فدول النيجرومالي والتشاد وبوكينافاصو تتوفر على مميزات رئيسية منها: * الثقافة والتنوع: تتمتع هذه الدول بتاريخ ثقافي غني وتنوع عرقي ولغوي، مما يسهم في تكوين مجتمعات غنية ومتنوعة. * الموارد الطبيعية: تحتل هذه الدول مواقع استراتيجية من حيث الموارد الطبيعية، مثل الأراضي الزراعية الخصبة والموارد المعدنية، مما يمنحها إمكانيات للتنمية الاقتصادية. * التراث التاريخي: تحتفظ هذه الدول بتراث تاريخي غني، يمكن أن يكون له أثر إيجابي على السياحة والترويج للتبادل الثقافي. * الاستقرار الجغرافي: هذه الدول تشغل مواقع استراتيجية في إفريقيا الغربية، مما يمكن أن يؤثر إيجاباً على التجارة الإقليمية والتعاون الإقليمي في المنطقة. فالمبادرة الملكية سيكون لها اثر إيجابي واستراتيجي على المنطقة بشكل عام وبشكل خاص على المغرب، حيث ستسمح المبادرة الملكية بتقوية وتعزيز الاسطول البحري الوطني وخلق خلق أسطول وطني قوي وتنافسي، كما ستسمح المبادرة بتعزيز وتقوية قطب مدينة الداخلة كمدينة دولية كنظيرتها في الشمال مدينة طنجة، وبالتالي خلق قطب استراتيجي اقتصادي في الجنوب والذي سيساهم في تعزيز الذكاء الترابي للمنطقة، كما ستسمح المبادرة ببروز مدينة الداخلة كمدينة دولية منفتحة على الفضاء الأمريكي و افريقيا، بالإضافة لكونها منطقة وحلقة وصل بين التعاون الاقتصادي العربي و الدول الافريقية. إن المغرب يتجه بخطى حثيثة نحو الازدهار والرفاه الاقتصادي من خلال المبادرة الملكية وفتح الواجهة الأطلسية للمملكة لدول الساحل، فنحن اليوم أمام استراتيجية جديدة واعدة بامتياز هدفها الاسمى تعزيز التعاون الاقتصادي والتنمية المستدامة واحياء طريق الصحراء الكبرى. إن التحديات التي تواجه هذه الدول تحديات اقتصادية، وتحديات اجتماعية وسياسية وتحديات إقليمية و... ولكن بالمقابل يمكن الاستفادة أيضا من الفرص المتاحة التي توفرها، في مجالات متعددة مثل الزراعة والتعدين والتجارة. إن دول الساحل والصحراء تتوفر على مجموعة متنوعة من الموارد الطبيعية والمعدنية التي تشكل فرصة حقيقة للتطور والازهار وتحقيق الرفاه الاقتصادي اذا وظفت بالشكل المطلوب وبشكل استراتيجي، فدول النيجرومالي والتشاد وبوكينافاصو تتوفر على: * الزراعة: فهذه الدول تمتلك أراضي زراعية خصبة، وتشمل محاصيلها الذرة والأرز والفول والقطن، مما يسهم في تطويرالقطاع الزراعي، كما يمكن أن تشكل فرصة استثمارية للمغرب من خلال خبرته في المجال الفلاحي عبر المخطط الفلاحي الجديد، الجيل الأخضر وتطوير الصناعة الغذائية من أجل تحقيق الأمن الغذائي بالمنطقة. * الموارد المائية: تمتلك دول الساحل والصحراء بعض الأنهار والبحيرات التي توفر مصادر مياه غنية، مما يعزز إمكانيات الري الزراعي ويدعم الحياة البرية، كما يمكن أن تشكل مصادر جذب لتطوير القطاع السياحي خاصة السياحة البيئية. * الموارد الحيوية: تحتضن هذه الدول تنوعًا بيولوجيًا كبيرًا، مع وجود غابات ومحميات طبيعية تضم مجموعة متنوعة من الحيوانات والنباتات، التي يمكن أن تشكل مستقبلا اقتصادا مستداما، يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. * المعادن: تشمل المعادن الموجودة في المنطقة الفوسفات والذهب واليورانيوم والرصاص والزنك، مما يعزز إمكانيات التعدين، وقيام الصناعات الثقيلة. * النفط والغاز: بعض الدول تحتوي على احتياطيات من النفط والغاز الطبيعي، مما يعزز دخلها الوطني ويسهم في القطاع الطاقي. * الطاقة الشمسية: تتميز دول الساحل والصحراء بوفرة الطاقة الشمسية، مما يعزز إمكانيات الاستفادة من الطاقة الشمسية في مشاريع الطاقة المتجددة، وتوظيفها في العديد من مجالات الحياة اليومية. إن المبادرة الأطلسية بقيادة المغرب بالنسبة لدول الساحل والصحراء، ستعود على هذا المملكة المغربية بعدة فوائد اقتصادية واجتماعية تسهم في تعزيز الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، وتقوية مكانة مدينة الداخلة كقطب اقتصادي دولي، من خلال: * تعزيز التجارة والاستثمار: فالتعاون الاقتصادي بين المغرب ودول الساحل والصحراء، سيؤدي إلى زيادة حركة التجارة والاستثمار بين المغرب وهاته الدول، ويعزز اقتصاد المنطقة، ويسهم في تطوير الأقاليم الجنوبية للمغرب. * تطوير البنية التحتية: من خلال مشاريع لتحسين البنية التحتية لمدينة الداخلة، وتعزيز مكانتها الوطنية والدولية، مما يسهم في جعلها قطبًا اقتصاديًا دوليًا مستدامًا. * توسيع سوق العمل: يؤدي التعاون بين المغرب و دول الساحل والصحراء إلى إنشاء فرص جديدة للعمل في المناطق الجنوبية، مما يسهم في توفير فرص العمل للسكان المحليين. * تنمية القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية: الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية، الهيدروجين الأخضر، الصناعات البحرية، مما يعزز التنمية الاقتصادية في المنطقة، ويسهم في خلق وتطوير إقتصاد البحر. زيادة الجذب السياحي: من خلال تعزيز الاقتصاد المحلي وتحسين البنية التحتية الفندقية في الداخلة وجعلها مقصدًا سياحيًا متميزًا، مما يزيد من جاذبيتها للزوار الوطنيين والدوليين. كما يمكن لمدينة الداخلة أن تصبح منطقة التبادل الحر بين الدول العربية وافريقيا والفضاء الأمريكي، بالمقابل مدينة طنجة هي الاخرى متجهة لتصبح منطقة التبادل الحر بين الدول العربية وافريقيا والاتحاد الاوروبي وآسيا. إن دول النيجر والتشاد وبوركينا فاسو ومالي تواجه عدة تحديات واكراهات تؤثر على تنميتها واستقرارها، منها: * الفقر والتشدد الاقتصادي: غالبًا ما تعاني هذه الدول من مستويات عالية من الفقر وتحديات اقتصادية تتسبب في صعوبات في توفير الخدمات الأساسية والفرص الاقتصادية. * تغير المناخ: يواجه العديد من سكان هذه الدول تحديات ناتجة عن تغير المناخ، مثل التقلبات المناخية ونقص المياه، مما يؤثر على الزراعة وموارد المياه. * التحديات الأمنية: الأمن يشكل تحديًا كبيرًا في بعض المناطق، حيث تعاني من التهديدات الإرهابية والصراعات المسلحة، مما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي. * تحديات الصحة: مشكلات صحية مثل انتشار الأمراض المعدية ونقص الرعاية الصحية يمكن أن تؤثر سلبًا على التنمية وجودة حياة السكان. * نقص التعليم: تواجه هذه الدول تحديات في مجال التعليم، مما يؤثر على تطوير المهارات وفرص العمل للشباب. * تبعات الديون: بعض هذه الدول تعاني من عبء الديون، مما يقيّد قدرتها على تمويل مشاريع التنمية وتحسين البنية التحتية. * التوترات العرقية والقبلية: بعض المناطق تشهد توترات عرقية وقبلية قد تؤثر على السلم الاجتماعي والاستقرار. ففهم هذه التحديات يساعد في تحديد الاحتياجات وتوجيه الجهود نحو حلول فعّالة لتعزيز التنمية المستدامة في هذه الدول. وتعتبر المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب لهاته الدول، من شأنها أن تعزز التعاون الإقليمي وتساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة التحديات الإرهابية. فهذه المبادرة ستساهم في التصدي للتحديات الإرهابية من خلال: * تحسين الظروف الاقتصادية: من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل، يمكن أن يسهم هذا في تحسين الظروف المعيشية للسكان، وبالتالي يقلل من الجذور الاقتصادية للتطرف. * تعزيز التعليم والوعي: من خلال بناء نظام تعليم فعّال وزيادة الوعي في المجتمع يمكن أن يحد من انتشار التطرف، حيث يساهم التعليم في تشكيل وجدان المجتمع وفهم القيم والأخلاق. * تحسين الأمان والاستقرار: من خلال بناء بيئة آمنة ومستقرة يمكن أن يقلل من التحركات الإرهابية، وبالتالي يؤدي إلى تعزيز الأمان والاستقرار في المنطقة. * التعاون الأمني: من خلال تعزيز التعاون الأمني بين الدول المعنية يمكن أن يقوي الجهود المشتركة لمكافحة التهديدات الإرهابية، بما في ذلك تبادل المعلومات والتنسيق الأمني. * إشراك الشباب: من خلال توفير فرص للشباب في مجالات التعليم والعمل يمكن أن يقلل من انخراطهم في أنشطة إرهابية، ويساهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا. * محاربة التمويل الإرهابي: من خلال التركيز على تعزيز نظم مكافحة غسل الأموال وتقليل التمويل الإرهابي يسهم في تقييد إمكانية التنظيمات الإرهابية في تنفيذ أنشطتها. فتجميع هذه الجهود المشتركة للتنمية والتعاون الأمني في المنطقة يمكن أن يلعب دورًا فعّالًا في تقليل التهديدات الإرهابية وتحسين الأمان في المنطقة برمتها، كما أن المبادرة الملكية ستساهم في إعادة إحياء طريق الصحراء الكبرى أو ما كان يسمى قديما طريق الملح والذهب من خلال إنشاء مراكز تجارية في المنطقة تساهم في تطوير اقتصادات البلدان، كما ستعزز المبادرة الأطلسية مستقبلا من الربط بين البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي انطلاقا من اثيوبيا الى المغرب.