لقاء مرتقب بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش والنقابات التعليمية – يومه الاثنين 27 نونبر 2023 – في محاولة للخروج من عنق زجاجة أزمة تعليمية طال أمدها، بسبب نظام أساسي " لم يحمل معه إلا "المآسي"، خلافا لما كانت تشتهيه سفينة الشغيلة التعليمية بكل فئاتها، وعلى الرغم من تأخر قطار رئيس الحكومة عن الموعد، وإنقاذا للموسم الدراسي من شبح السنة البيضاء، واعتبارا لما للاحتقان المستشري منذ أسابيع، من آثار على المدرسة العمومية التي تعيش حالة غير مسبوقة من الارتباك، ومن تداعيات على السلم الاجتماعي والنظام العام، في سياق اجتماعي صعب، لا يمكن إلا أن نرحب بأي حوار أو خطوة أو مبادرة، من شأنها تذويب جليد الاحتقان، وإحداث الانفراج المأمول، بشكل يدفع في اتجاه عودة الأساتذة المحتجين إلى حجراتهم الدراسية، التي لم يغادروها، إلا مكرهين في ذلك، بحثا عن الكرامة الضائعة، التي ظلوا طيلة سنوات عجاف ينتظرونها بصبر وتحمل وترقب، قبل أن يعصف مرسوم الجدل، بما ظلوا يتطلعون إليه من كرامة واحترام وتقدير وتحفيز واعتبار، داخل مدارس عمومية جذابة، ببنيات استقبالها وفضاءاتها وعروضها البيداغوجية وأنشطتها ووسائلها؛ اللقاء المرتقب وإن كان بدون جدول أعمال محدد، ليس أمامنا كشغيلة، سوى النظر إليه بمنظور الأمل وحسن النية، على الأقل، في انتظار ما سيسفر عنه من نتائج، والمأمول أن تحضر فيه الجدية والمسؤولية من جانب الحكومة ورئيسها، وأن يفتح بابه، أمام كل النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية بدون قيد أو شرط أو إقصاء، بما في ذلك، إمكانية إشراك ممثلين عن التنسيقيات التي باتت رقما صعبا في معادلة النضال، مادام الهدف العام الذي يتطلع إليه الجميع، هو الانفراج والوصول الجماعي إلى الحل أو الحلول الممكنة والمبدعة، بعيدا عن خطط "المراوغة" و"التمويه" و"الهروب إلى الأمام"، وبمعزل عن خطاب "التحكم" و"الاستقواء" و"كسر العظام"؛ لقاء يأتي بعد طول انتظار، وفي أجواء من الاحتقان في أوساط الشغيلة التعليمية، التي اختارت الالتفاف حول الذات، بعدما تراجعت علاقاتها بالنقابات إلى مستويات غير مسبوقة، والمطلوب الآن، هو أن تبدي الحكومة ورئيسها، الرغبة الواضحة التي تقطع الشك باليقين، في تقديم الحل الذي تنتظره الشغيلة التعليمية بكل فئاتها، ونرى أن مدخل الانفراج، يمر أولا، عبر سحب "مرسوم الجدل"، الذي فجر بؤرة الحراك التعليمي، والانخراط في نقاش جدي ومسؤول، من شأنه الإسهام في إنتاج نظام أساسي جديد، تحضر في مواده ومقتضياته، فلسفة الكرامة والاحترام والتحفيز والتقدير والاعتبار، بدل فلسفة التركيع والتحقير والزجر والعقاب، التي شكلت لبنات المرسوم الجدلي؛ مع التذكير، أن الحوار المرتقب، لا يمكن البتة، أن يكون فرصة لإطلاق العنان لحوارات "هتشكوكية" بدون أي سقف زمني، لأن المطالب واضحة للعيان، وهي في حاجة الآن، إلى "قرارات" وليس إلى "حوارات" محركة لناعورة الاحتقان، استحضارا أن الموسم الدراسي بات على المحك، ولم يعد مقبولا ولا ممكنا، الاستمرار في هدر المزيد من الزمن، ونحن بتنا على بعد أسابيع قليلة من نهاية الدورة الأولى، وعلى رأس المطالب – بعد سحب المرسوم المثير للجدل- إعادة النظر في "نظام العقوبات" و"المهام" و"ساعات العمل" و"الترقي" و"تقييم الأداء المهني"، فضلا عن "الرفع من الأجور" و"إقرار تعويضات" تتناسب وحجم المهام والمسؤوليات؛ ونحن نترقب مخرجات هذا اللقاء، فالمطلوب من النقابات المتحاورة، أن تكون في مستوى اللحظة، بالحرص على وحدة الملف المطلبي ووحدة المواقف والقرارات، وهي الآن، أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما حفظ ماء الوجه واسترجاع الثقة المفقودة، بالدفاع الجدي والواضح والحازم عن مطالب الشغيلة التعليمية، أو الجنوح نحو خيار التهاون والتنازل وربما الانبطاح أمام الحكومة، وفي هذه الحالة، ستوقع على شهادة وفاتها، في ملعب نضالي، باتت كرته تتدحرج بين أقدام نساء ورجال التعليم أكثر من أي وقت مضى؛ وفي المجمل، فحل الأزمة، بيد الحكومة المطالبة باستعجال حل حقيقي وجاد ومسؤول، وفق منهجية عمل سليمة وواضحة، بعيدا عن خطط التمويه والمراوغة والمناورة والتسويف، وبمعزل عن ممارسات "كسر العظام" وما يرتبط بها من تهديد وهجوم وانتقام وتوقيف، علما أن ملف الشغيلة التعليمية، ليس فقط ملف أجور وتعويضات كما قد يتصور البعض، هو أيضا، ملف "عقوبات تأديبية" تضع المعلم/ة في خانة المجرم مع سبق الإصرار، و"مهام عاكسة لنظام السخرة"، و"نظام ترقي جامد" و"نظام تقويم للأداء" حامل لمفردات التحكم والتقييد والإجحاف، و"بيئة عمل" فاقدة لأدنى شروط الدعم والتحفيز... ونأمل أن تنجح الحكومة في الخروج من عنق زجاجة الأزمة، وتحول النوايا إلى حقائق عملية، تدفع في اتجاه الانفراج، من أجل الوطن الذي يجمعنا، وأي فشل، لن يكون إلا تعميقا لمساحات اليأس وانسداد الأفق، وتكريسا لفقدان الثقة في الدولة والقانون والمؤسسات، ومجازفة بأمن الوطن واستقراره، وإرباكا لما يقوده ملك البلاد، من مسيرة تنموية رائدة بأبعاد استراتيجية، وقبل هذا وذاك، ضربا للصورة الرمزية والاعتبارية، لمعلم، يعد محورا لكل نهضة تربوية وتنموية مأمولة...