لم يسبق لي أن رأيت موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ، يتكلم بهذه المرارة والغضب وهو مقطب الجبين ، في وجهه عبوس ظاهر ، يطلق كلماته كأنها رصاصات ، تشعر بأنه يخفي في صدره الكثير ، رغم أنه تحدث بصراحة في لقاء مباشر بقناة الجزيرة ، حيث يصدق فيه المثل القائل : ( ما خفي كان أعظم) ، يبدو لي أنه لم يصرح بكل شيء ، بل اكتفى ببعض التلميحات الدالة ، وفي ذلك حكمة ولغة دبلوماسية راقية ، وترك للمشاهد حرية قراءة ما بين السطور ، وسأعود لتوضيح بعض ما جاء في هذه المقابلة ، لقد تتبعت العديد من حوارات أبو مرزوق ، لقد كان فيها هادئ الطبع كعادته ، طلق الوجه تعلوه ابتسامة خفيفة ، يتكلم بحكمة يزن كلماته لا يميل إلى الشتم المجاني ، لكن هذه المرة كان شكله وحاله مختلف ، وهذا أمر طبيعي نظرا لهول الفاجعة ، فلم يكتفي العدو بقطع الماء والكهرباء والغداء والدواء ، بل تمادى في قتل المدنيين حيث استهدف المنازل ، و المدارس المخابز المستشفيات معتبرا كل ذلك أهداف عسكرية ، عودة إلى ما قاله أبو مروق في هذا اللقاء ، لقد تحدث عن حزب الله اللبناني ، حيث قال : ( ..كنا ننتظر الكثير من حزب الله..) ، هنا نضع سطر أحمر تحث كلمتين ننتظر و الكثير ، و بمفهوم المخالفة أن الحزب لم يقدم إلا القليل ، وهذا ما يفهم من سياق كلام أبو مرزوق ، طبعا من يقل حزب الله يقول إيران ، المهم هناك ولاء وتنسيق تام بين الجانبين ، و هذ شيء معروف منذ بداية تشكل الحزب ، وهذا أمر يفتخر به سماحة السيد ولا ينكره ، المهم هل كان أبو مرزوق ينتظر هجوم بري واسع من الحزب ..؟ أو قصف صاروخي من إيران بالموازات مع هجوم 7 أكتوبر..؟ وهل كان هناك سيناريو متفق عليه مسبقا بين الأطراف الثلاثة ..؟ لأن كلام عضو المكتب السياسي لحماس ، قد يفهم منه ذلك لانه قال : (..كنا ننتظر الكثير..) إذن فهل أخلف الحزب وعوده ومن خلفه إيران ..؟ و قدموا فقط القليل بحيث يمكن اعتبار ذلك خذلان إلا " ربع "..!! أي ليس خذلان كامل كما فعلت الكثير من الدول العربية ، ولكنه شبه خذلان كامل ، لولا بعض المواجهات المحدودة على الشريط الحدودي ، قصف مواقع ردار العدو وبعض محاولات التسلل ، المهم أن الحزب لم يدخل المعركة بشكل جدي ، كما فعل في حرب 2006 وكلنا تابعنا تلك البطولات بكل فخر ، و نتذكر مواجهة مارون الراس وبنت اجبيل وغيرها من المواقع ، كما ان إيران تدير الحرب الدبلوماسية و تختار الكلمات بعناية ، أمثلة على ذلك : ( إذا استمر قتل المدنيين يمكن أن تتسع رقعة المواجهة ) – ( الوقت ينفذ و ستخرج الأمور عن السيطرة ..) ، و غير ذلك من التصريحات النارية ، و هناك كلام يروج مفاده أن إيران و الحزب ينتظرون الهجوم البري ، لكي يدخلوا جديا في حرب مفتوحة مع إسرائيل ، واليوم دخلنا في العشر الأواخر من شهر أكتوبر ، وها نحن في اليوم 25 والقصف لم يتوقف ليلا نهار ، وعدد قتلى المدنيين من نساء وأطفال تجاوز عشرة آلاف ، ناهيك عن المفقودين تحث الأنقاض ، و قد تمت تسوية أحياء كاملة بالأرض ، و ٱلاف النازحين و المشردين ، نطرح هنا سؤال افتراضي على إيران ، يا سادة لو كانت حركة حماس شيعية ، هل ستنتظر إيران وحزب الله بداية الهجوم البري لتعلن الحرب على إسرائيل ..؟ أنا أطلب من الأخ أبو مرزوق استعمال حيلة ، أليست الحرب خدعه كما يقال ، فإذا أراد الحصول على الكثير من حزب الله ، لأنه قال كنا ننتظر الكثير من الحزب ، وكي لا يطول انتظار الرجل فما عليه إلا أن يطلب من أبو عبيدة تطعيم خطابه، وذلك بإضافة بعض التوابل و البهارات من نوع ( ياحسين ) ، و على كتائب القسام إطلاق رشيقات الصواريخ باسم (يا فاطمة الزهراء ) ، وعلى محمد الضيف الإكثار من ذكر كربلاء بمناسبة أو بدونها ، أتمنى أن يكذبني سماحة السيد في خطابه المرتقب يوم الجمعة ، و يعطي الصهاينة مهلة 24 ساعة لوقف المجازر في غزة ، وإلا سيضرب حيفا وما بعد بعد حيفا ، فإن فعل سأسحب المقال دون تردد ، وإن لم يفعل فاعلم يرحمك الله أنها الطائفيه ، و سيبقى التحدي مرفوع إلى أن ينجز الوعد ، عودة إلى كلام موسى أبو مرزوق ، حيث قال : (...كنا ننتظر من إخواننا في الضفة الكثير ، لكننا مندهشون من الموقف المخزي لإخواننا في السلطة ..) وقال أيضا : (..هناك أعضاء في السلطة الفلسطينية ، وبعض الدول العربية يطالبون الغرب بالقضاء على حماس ..) ، ماذا أقول إن هذا ليس خذلان لغزة فقط بل التآمر و الغدر ، يا ليتهم وقفوا موقف الحياد من هذه الحرب ، إنهم بفعلهم هذا قد أصبحوا مشاركين في العدوان ، لقد شاهدنا حتى غير المسلمين كيف اسنكروا العدوان ، و بعد ما قاله عضو المكتب السياسي لحركة حماس ، موسى أبو مرزوق في السلطة الفلسطينية وهذه الدول العربية ، هل بقي هناك امل في شفاء هذه الأنظمة الرجعية المريضة..؟ إذا كان البيت الشعري المشهور لطرفة بن العبد يقول فيه : (وظلم ذوي القربى أشد مضاضة **على المرء من وقع الحسام المهند) ، حيث يمكن وضع كلمة ( خذلان) في هذا البيث مكان كلمة( ظلم) ، وقد نجد نفس المعنى ، فإذا قارنا بين موقف حزب الله ، و موقف هذه الأنظمة من العدوان الصهيوني ، نجد أن موفق الحزب وعمله جد متقدم ، رغم إشارة أبو مرزوق إلى تقصيره ، وهذا الوضع يصدق عليه المثل المشهور : ( الأعور في مملكة العميان ملك ) ، إن رأس حركة حماس مطلب صهيوأمريكي ، وهو مطلب السلطة الفلسطينية ، وبعض الدول العربية المتصهينة أيضا ، ورغم ذلك مسرور المراكشي يؤكد في النهاية ، أن غزة ستنتصر رغم الجراح والألم ، وأقول لكل من خذل المقاومة في غزة ، سيخذلكم الله في موطن تريدون نصره ، وإنه لجهاد نصر او استشهاد.