عاد مجلس جهة كلميم واد نون من جديد لخلق الجدل بعد إعلانه طلب عروض حول التأجير الطويل الأمد للسيارات، بمبلغ يتجاوز 130 مليون سنتيم للسنة الواحدة، وذلك بعد شهور على إطلاق نفس الصفقة، وصفقات أخرى تتعلق ب"النفخ" في ميزانية السدود وشراء ملابس تقليدية كهدايا، كانت موضوع انتقادات واسعة. وحسب إعلان مجلس جهة كلميم واد نون، فإن عملية فتح الأظرفة المتعلقة بطلب (رقم المرجع (29/BR/RGON/2023) من أجل تأجير طويل الأمد للسيارات لحساب جهة كلميم واد نون، ستتم يوم الثلاثاء 26 شتنبر الجاري، على الساعة 11:00 صباحا، بمقر الجهة. وحدد مجلس كلميم واد نون مبلغ الخدمة السنوية في مليون وثلاثمائة وأربعة عشر ألف درهم (1.314.000.00 درهم) درهم مع احتساب الرسوم، ومبلغ أدنى قدره ستمائة وسبعة وخمسون ألف درهم (657.000,00 درهم) مع احتساب الرسوم. في هذا الإطار، اعتبر رئيس جمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، صفقة تأجير السيارات "ريعا"، داعيا في هذا الإطار إلى إيقاف الصفقة. مضيفا القول أن الريع والفساد يطارد التنمية المفترى عليها". وقال الغلوسي إن مجلس كلميم واد نون سيقدم يوم فتح الأظرفة "هدايا فخمة تليق بمقام مستشارين وأعضاء الجهة"، مردفا أنها عبارة عن "سيارات فارهة مهداة لهم من أموال دافعي الضرائب؛ البقرة الحلوب". واسترسل المتحدث، في تدوينة على حسابه الخاص على الفيسبوك، أن التنمية والخدمات العمومية والبنيات التحتية بالمنطقة "سترتدي خلال الحفلة اللباس الأسود لأنها في حداد وسيقدم لها العزاء في حضرة المستشارين الكبار". من جهتها، دعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، وزير الداخلية، عبد الوافي الفتيت، التدخل من أجل توقيف وإلغاء الصفقة الجديدة لتأجير السيارات التي أقدم عليها مجلس جهة كلميم. ووفق بلاغ المنظمة المذكورة، توصلت به جريدة "العمق" فإن الإعلان عن هذه الصفقة لتأجير السيارات جاء بعد سبق أن أعلن مجلس الجهة عن صفقة مماثلة، ذات المرجع (67/BR/RGON/2021) بعد أشهر قليلة على انتداب المجلس الحالي. وحدد مبلغ حينها الصفقة في 197 مليون سنتيم للسنة، الأمر الذي اعتبره المنظمة الحقوقية "سيلتهم" من ميزانية المجلس الجهوي ما مجموعه 985 مليون سنتيم لمدة 5 سنوات، إلى حين انتهاء مدة انتداب أعضاء المجلس الحالي. صفقة الملابس والسدود عضو المعارضة بمجلس جهة كلميم واد نون، إبراهيم حنانة، كشفت في وقت سابق، أن مجلس الجهة قام باقتناء ملابس الزي التقليدي الصحراوي بمبلغ وصل 95 مليون سنتيم، من أجل تقديمها هدايا لضيوف "غير معروفين"، مسجلا "نفخا" في ميزانية السدود عكس ما تم المصادقة عليه في دورة المجلس. المستشار إبراهيم حنانة، وهو المنسق الإقليمي لحزب الحركة الشعبية، قال في تدوينة على حسابه الخاص فيسبوك، إن رئيسة جهة كلميم واد نون، امباركة بوعيدة، "حرصت على دفع فاتورة بقيمة 950.000,00 درهم لشراء 280 ملحفة و340 فوقية و20 دراعة". ورغم أن المعارضة كانت ضد هذه "المهزلة"، وفق تعبير حنانة، إلا أنه تم اقتناء الأزياء التقليدية الصحراوية. مستنكرا إصرار مجلس بوعيدة على ذلك بالقول: "من أراد إكرام شخص ما فعليه أن يصرف عليه من "دار بوه" وليس من المال العام". كما تساءل المستشار المذكور، عن الوقت الذي تم اقتناء هذه الهدايا؟ ومن استفاد منها؟ ومن هو المقاول الذي نال الصفقة؟ وما هو المنطق الذي يسر به به مجلس جهة كلميم واد نون؟ واصفا اقتناء "ملاحف" و"فاقي" ب"المنكر والتخربيق"، خاصة أنه جرى في وقت المواطنون متضررون من غلاء الأسعار. ميزانيات "منفوخة" قبل قصة الزي التقليدي، فجر إبراهيم حنانة، قضية أخرى تتعلق ب"النفخ" في ميزانية تشييد سدين بجهة كلميم، وتخصيص ميزانية "أكبر" من تلك التي تمت المصادقة عليها في دورة يوليوز 2022. وأوضح حنانة، دائما على حسابه الخاص فيسبوك، بأن سد "تاروراست" تم تخصيص له في الاتفاقية مبلغ 30 مليون درهم أي 3 ملايير سنتيم اليوم نرى في الصفقة 120 مليون درهم وهي 12 مليار سنتيم. وبالنسبة للسد الثاني "عوينة الهنا"، حدد له في الاتفاقية مبلغ 12 مليون درهم أي مليار و200 مليون سنتيم، واليوم نتفاجأ بإعلان الصفقة بمبلغ 40 مليون درهم أي 4 مليار سنتيم. وطالب المستشار بالجهة من الرئيسة مباركة بوعيدة أن تقدم للمعارضة شروحات حول كيف تمت عملية تغيير هذه المبالغ في الوقت الذي تمت المصادقة على مبالغ أقل منها، متسائلا عن دور المجلس إذا كان سيصادق على أمور ثم تقوم الرئيسة بتغييرها كما تشاء، مشككا في قدرة المجلس على بناء العشر سدود، لأن الميزانية المخصصة لجميع السدود هي 43 مليار سنتيم، مضيفا "وإلى مشيتي بهاد طريقة لا أظن واش غادي ديري حتى 5 سدود". شكاية لدى القضاء مع بداية شهر أبريل الجاري، قام عضو مجلس جهة كلميم واد نون عن حزب العدالة والتنمية، محمد أبودرار، بوضع شكاية تتعلق بتبذير أموال عمومية لدى قسم جرائم المال العام باستئنافية مراكش، ضد امباركة بوعيدة رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون. جاء ذلك في شكاية نشرها محمد أبودرار تدوينة على حسابه الشخصي فيسبوك، والتي ارفقها بتعليق يقول فيه أنه وضع شكاية لدى قسم جرائم الأموال العامة بمحكمة الاستئناف بمراكش ضد رئيسة مجلس جهة كلميم وادنون. تهم ثقيلة وقال أبودرار، إنه تقدم بالشكاية بعد تسجيله ل"ارتفاع وثيرة هدر المال العام المختبئ في ثنايا المصاريف والصفقات والعقود التي تبرمها رئاسة مجلس جهة كلميم وادنون، ناهيك عن العشوائية وغياب النجاعة في معظمها". وسجل أبودرار وفق ذات المصدر، "استمرار رهن المجلس للتدخلات الخارجية"، وما للأمر من تأثير سلبي على مختلف مناحي تسيير المجلس، وفق تعبيره. مسجلا أيضا "تزايد وثيرة تفاقم الفضائح بشكل غير مسبوق". وذكر المتحدث أنه حصل على "إثباتات ووثائق دامغة على وجود شبهات خروقات مالية يعاقب عليها القانون، لذلك تم وضع شكاية لدى قسم جرائم الأموال العامة بمحكمة الاستئناف بمراكش ضد رئيسة مجلس جهة كلميم وادنون". وأوضح أبودرار أن التهم التي وجهها إلى رئيسة المجلس الجهوي لكلميم، هي: "تبدير أموال عمومية، إصدار عقود وهمية، صرف اعتمادات دون تبرير، عدم الالتزام بضوابط الصفقات العمومية، صرف اعتمادات دون موافقة المجلس". توضيحات المجلس اعتبر مجلس جهة كلميم واد نون، الأخبار الرائجة حول تخصيص اعتمادات للزي التقليدي الصحراوي، والتي أثارها عضو معارضة بالمجلس المذكور، إبراهيم حنانة، (اعتبرها) أخبارا "زائفة ومغالطات" يهدف صاحبها إلى "النيل" من مصداقية وسمعة المجلس، دون أن يكشف حجم ميزانيتها ونائل الصفقة. وقال مجلس جهة كلميم واد نون في بيان له، توصلت جريدة "العمق" بنسخة منه، إن ما تم نشره "أخبار زائفة وأباطيل منكرة ومغرضة ضد مؤسسة جهة كلميم واد نون وضد رئاستها". معلنا وضع مالية الجهة رهن إشارة أجهزة الرقابة الرسمية التي لها اختصاص المواكبة والمراقبة، وداخل المؤسسات الدستورية. وكذّب المجلس في بيانه "بشكل قاطع المغالطات" التي جاء بها حنانة، مشيرة إلى أن وضعية صرف الاعتمادات المرصودة للهدايا "بعيدة كل البعد عن كل ما نشر" وأن ما تم تداوله هو "من قبيل تحليلات صاحبها"، الغرض منها "النيل من سمعة ومصداقية" مجلس الجهة من خلال "الطعن" في رئيسة المجلس ومكتبها المسير. وأوضح بيان الجهة، أن الصفقة موضوع الجدل القائم، تندرج في إطار التسويق الترابي للجهة ودعم مختلف التظاهرات والزيارات الرسمية التي تقوم بها الوفود الرسمية والبعثات الأجنبية من أجل تشجيع الإستثمار وخلق دينامية اقتصادية تعتبرها من الأولويات ويدخل في صلب اختصاصات الجهة. وأضافت رئاسة مجلس جهة كلميم أن النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للجهة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم عن طريق الأساليب الشعبوية التي يتم نشرها من طرف بعض الأشخاص بل بالعمل الجاد والدؤوب وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية. المصدر نفسه أشار إلى "ما تقوم به الجهة من خلال الأوراش التي تشرف عليها وأيضا من خلال تشجيع الزيارات الميدانية التي يقوم بها المستثمرون والبعثات الرسمية والدبلوماسية". وشجب مجلس جهة واد نون "بشدة الأساليب التي اعتمدها صاحب التدوينة، وهو المحسوب على المعارضة، بنشره المعلومات تهم الجانب التدبيري لمؤسسة الجهة خارج إطار العمل المؤسساتي المبني على القانون والتدافع الديمقراطي والتعبير عن الرأي الذي كفله القانون بعيدا عن الفوضى والشعبوية، وعبر القنوات الديمقراطية التي يمثلها المجلس والهياكل التابعة له والتي حرصنا على تفعيلها وساعدنا على حسن سيرها واشتغالها". أما عن "الضيوف المجهولين" الذين استفادوا من الهدايا موضوع الجدل، أوضحت رئاسة جهة كلميم أنه في سنة 2022، شهدت الجهة تنظيم مجموعة من الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي والثقافي، ذكرت منها "على سبيل المثال لا الحصر، مختلف الزيارات الرسمية التي قامت بها مجموعة من الوفود الرسمية في إطار تنظيم ملتقى الاستثمار MD TALK". وتابع المصدر ذاته، أنها منحت أيضا ل"الضيوف المشاركين في الملتقى الدولي للسياحة بأسا، وللمشاركين في الملتقى الدولي المنظم من طرف المدرسة الكنتية، والوفد المشارك في المهرجان الدولي لسينما الصحراء". أما الجزء الباقي من الهدايا المقتناة، يضيف البيان أنه "تم الاحتفاظ بها لتغطية حاجيات الزيارات والتظاهرات التي سيتم تنظيمها مستقبلا".