تعتمد اغنية الزرزور أو البرتوش على كلمات بسيطة لكن ضررها عميق في مخيلة النشأ الاجتماعي بإيحاءات ورسائل ثورية في الوسط المحافظ لكنها في بنية كالغرب تبقى عادية لأن العلاقات الاجتماعية تبنى على القناعة والرضائية والانسجام ولاتبنى على المسؤولية، ولدلك تتأسس الحداثة السائلة على افراغ العقل الطفولي العربي من كل مسؤولية وتجريده من اخر مايتسم به هو القيم. فالأغنية التي تبين صورة مواطن يعيش تحت عتبة الفقر ويتنفس الصعداء ببعض الدراهم التي لا تكفيه، تجعله في وضع محرج مع الشريك الرضائي الدي لا تربطه معه أي علاقة مؤسساتية سوى انه صديقة او صديق يتقاسمان الأدوار والهيام فيما بينهما. وهنا تدور الحكاية كما دارت عند العديد من المغنيين الدين تدمروا من البؤس الاجتماعي وقدموا حلول في اغانيهم لكنها بقيت غائبة مع الموجة الجديدة التي تنتعش في القمامات الليلية والنوادي التي لا تعكس الصورة المأساوية للمجتمع. بل هي تناقض الواقع وتعيش في لحظة خيال من نوع اخر. البرتوش ونهاية الاسرة تعول الحداثة السائلة على جعل الاسرة شركة مفلسة حينما اغرقتها في الماديات واهملت ما يمكن اعتباره روحانيات تضمد الجراح، فغابت المودة والسكينة وعوضتها بالمصلحة والمقايضة الروحية، وجعلت المفلس الأول هم الأبناء ضحايا الضمور الاسري. وأصبح البوي فرند اوصديق العائلة يؤسس البرتوش الاجتماعي مثل بركولة صفيحية فوق سطح البيت الاسري، وأصبحت العلاقات الاسرية قاب قوسين او أدنى وأصبحت الرضائية على كل شيء تتأسس بتبريرات مقنعة لكل افراد الاسرة والمجتمع. البرتوش ورسالة الزرزور وفي برتشته يمضي هدا الوجه الجديد في ايحاءاته الانشطارية في المجتمع بإيحاءات سوقية ** أنا وياك و الليل و برشة و حكايات فالبتروش تكايسي عليا يالزين راه خوك درويش ما عندوش ويا زرزور عطيني جناحك ندور و يا سيدي رحال و راني جاي نزور لكن الزرزور يبقى مثالا في التعايش الاجتماعي ولا يرض الانشطارية المجتمعية وحتى عيش البرتوش لأنه اجتماعي ويبحث عن عول ابناءه ويمضي خصاما ويرجع بطانا لكن البرتوش او البرهوش لايستطيع ان يضمن قوت يومه ويعيش سواء في جنبات الرصيف او حتى في المجاري بسوقية تندى لها الجبين ، وهده ما تبحث عنه الحداثة السائلة في جعل هدا الانسان يفنى في مادية واشياء تجعله مجردة من كل روح وقيم . ويبقى الطير من الغراب حتى الزرزور يواري سوءة ابن أدم حتى لو تعرى فيبقى مجرد ديكور اجتماعي بلا قيم ولا روح، وهده هي مأساة هدا الانسان الظالم لنفسه.