ظلت الدبلوماسية المغربية بعيدة عن الأزمة في النيجر، منذ إطاحة الانقلابيين بقيادة الجنرال "عبد الرحمان تياني" بالرئيس "محمد بازوم" أواخر شهر يوليوز الماضي، عكس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إكواس"، المدعومة من فرنسا والتي تهدد بالتدخل عسكريا في البلاد. وكان رد الفعل الوحيد من الرباط على ما يجري في النيجر، على لسان ممثلها الدائم في الاتحاد الإفريقي محمد العروشي، خلال اجتماع مجلس السلم والأمن، حين قال إن المملكة "تثق في حكمة شعب النيجر والقوى الحية في النيجر للحفاظ على المكتسبات والحفاظ على دورها الإقليمي البناء المهم والعمل على تحقيق تطلعات شعب النيجر الشقيق". وأشارت صحيفة "جون أفريك" ضمن مقال تحليلي، أنه منذ الإعلان الوحيد للرباط في 30 يوليوز الماضي، على لسان سفيرها لدى الاتحاد الإفريقي، لم تدفع أي من التطورات المختلفة، الدبلوماسية المغربية إلى التفاعل، هذا على الرغم من إرادة الرباط لإحداث تقارب مع منظمة "أكواس" في السنوات الأخيرة. الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خالد يايموت، ربط صمت المغرب إزاء الصراع في النيجر بالواقع الدولي الذي يشهد تقلبات مهمة ومناطق للنزاع التي تمثل وجه هذه التحولات، مبرزا أن "المغرب وإن كان يبدو صامتا في أزمة النيجر فإنه حاضر دبلوماسي من خلال مشاوراته وتحركاته الإقليمية الإفريقية والعالمية". وشدد أستاذ العلوم السياسة، ضمن تصريح لجريدة "العمق"، أن "الصمت هنا لا يعني الغياب وعدم الحضور وإنما يعني خلق فعالية وتأثير دبلوماسي في وضعية معينة دون ضجيج إعلامي"، من جهة أخرى، يرى يايموت أنه "يمكن النظر للموقف المغربي من خلال رؤيته للتصور الأمريكي لأزمة النيجر والتي تختلف كثيرا عن الموقف الفرنسي". واعتبر المتحدث، أن "المغرب باعتباره دولة غير عضو في الاكواس يمكن أن يلعب دورا مهما في صناعة رؤية محلية لأزمة الساحل وسبق له استضافة عدة قمم ومشاورات عالية المستوى، وعمل دبلوماسيا وأمنيا لخلق واقع يخدم دول الساحل واستقرارها ويدفع التنمية المحلية لدول غرب إفريقيا". وبحسب "جون أفريك"، إن الدبلوماسية المغربية لم تتخذ بشكل عام مواقف كبيرة بشأن الانقلابات المختلفة التي وقعت في منطقة الساحل، ونادراً ما تعبّر عن تعليقات حول ما لا يتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بقضية الصحراء المغربية. ومع ذلك، تضيف الصحيفة المهتمة بشؤون إفريقيا، "يمكن أن تفسر قرب موقع الأحداث، إلى جانب التحشيد الواسع الذي تظهره الدول الأفريقية الأخرى وبخاصة غرب أفريقيا، أن المغرب قد يشارك هذه المرة بشكل أكبر، إلى جانب أعضاء (سيدياو) على وجه الخصوص، على الرغم من عدم انتمائه الفعلي إليه". ونقلت الصحيفة الفرنسية عن الدبلوماسي المغربي السابق أحمد فوزي، أن "موقف المغرب كان دائما، في حالة نشوب صراع، هو متابعة تعاونه مع بلدان الجنوب بغض النظر عما قد يحدث"، ويشير السفير السابق بساحل العاج إلى أن موقف المغرب "لا يشكل صمتا". وأكد فوزي في حديثه مع "جون أفريك"، أن "الحمض النووي للدبلوماسية المغربية هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ووضع نفسها كوسيط محايد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدول القريبة منها، مثل الدول الأفريقية".