أمهلت دول غرب إفريقيا الأحد المجموعة العسكرية الانقلابية في النيجر أسبوعا لإعادة الانتظام الدستوري، فارضة حصارا اقتصاديا ومؤكدة أنها لا تستبعد "استخدام القوة". وتوعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الانقلابيين بالرد "فوراً وبشدّة" على أي هجوم يستهدف مواطني فرنسا ومصالحها في النيجر حيث تظاهر آلاف الأشخاص الأحد أمام سفارة باريس في نيامي. وحاول بعض هؤلاء اقتحام المبنى قبل أن يتم تفريقهم باستخدام الغاز المسيل للدموع. وانتزع آخرون اللوحة التي تحمل عبارة "سفارة فرنسا في النيجر" وداسوها ووضعوا مكانها علمي روسياوالنيجر، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وتعد النيجر شريكا استراتيجيا لفرنسا التي تنشر نحو 1500 من جنودها في هذا البلد الذي يعتبر محوريا في مكافحة الحركات الجهادية ويؤمن 20 % من اليورانيوم الذي تحتاجه أوروبا. وحمّل جوزيب بوريل مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي الاثنين الانقلابيين في النيجر مسؤولية أي هجوم على السفارات الأجنبية. وأشار الى أن الاتحاد الأوروبي "سيدعم بسرعة وبحزم" قرارات الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس). ويشتد الضغط يوما بعد يوم على الرجل القوي الجديد في النيجر، الجنرال عبد الرحمن تياني قائد الحرس الرئاسي الذي يقف وراء إطاحة الرئيس محمد بازوم المحتجز منذ أربعة أيام. عقوبات مالية فورية ولا يعترف هذا التكتل الإفريقي الغربي ولا الاتحاد الأوروبي والدول الغربية ب"السلطات" المنبثقة عن الانقلاب وتطالب جميعها بعودة الانتظام الدستوري. وعقدت قمة استثنائية للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والنيجر عضو فيها إلى جانب 14 بلدا آخر، الأحد في أبوجا برعاية رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يتولى رئاسة التكتل منذ مطلع يوليوز. وطلبت الجماعة في ختام القمة "الإفراج الفوري" عن الرئيس بازوم و"العودة الكاملة الى الانتظام الدستوري في جمهورية النيجر". وحذّرت من أنه في حال "عدم تلبية (المطالب) ضمن مهلة أسبوع"، ستقوم الجماعة "باتخاذ كل الإجراءات الضرورية… وهذه الإجراءات قد تشمل استخدام القوة". كذلك، قررت المنظمة الإقليمية "تعليق جميع المبادلات التجارية والمالية" بين الدول الأعضاء والنيجر. وفرضت عقوبات مالية أخرى منها "تجميد أصول المسؤولين العسكريين الضالعين في محاولة الانقلاب". والنيجر بلد يقع في منطقة الساحل الصحراوية ويبلغ عدد سكانه 20 مليون نسمة، وهو من أفقر دول العالم رغم موارده من اليورانيوم. وأعربت واشنطن عن "دعمها الثابت" لبازوم مؤكدا أن الانقلاب يعرّض للخطر "الشراكة" بين الولاياتالمتحدةوالنيجر. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان "نضم صوتنا إلى صوت إكواس وقادة المنطقة للمطالبة بالإفراج الفوري عن الرئيس محمد بازوم وعائلته وإعادة كل السلطات إلى الحكومة وأضاف بلينكن أن "الولاياتالمتحدة ستظل منخرطة بنشاط مع إكواس وزعماء دول غرب افريقيا بشأن الخطوات التالية للمحافظة على الديموقراطية التي حققتها النيجر بعد جهد كبير". "حان وقت التحرك" وقال تينوبو "لم يعد الوقت مناسبًا لنا لإرسال إشارات إنذار"، وأضاف "حان وقت التحرّك". وقال رئيس وزراء النيجر حمودو محمدو لمحطة فرانس 24 الأحد إن العقوبات "ستكون كارثة" اقتصاديا واجتماعيا، لكنه أعرب عن تفاؤله حيال الوساطات. وشارك رئيس تشاد محمد إدريس ديبي إيتنو في القمة مع أن بلاده ليست عضواً في الجماعة الاقتصادية، لكنها جارة للنيجر وهي أيضا قوة عسكرية في منطقة الساحل متحالفة مع فرنسا. وتوجه ديبي بعدها إلى نيامي الأحد في إطار "مبادرة تشادية"، "ليرى ما يمكن أن يقدمه في سبيل تسوية الأزمة" في النيجر، بحسب ما أكد المتحدث باسم الحكومة التشادية عزيز محمد صالح. وخلال جهود الوساطة هذه تحدث إلى بازوم ونشر صورة له عبر فيسبوك هي الأولى لرئيس النيجر منذ الانقلاب. وبدا بازوم مبتسما وهو جالس بجوار رئيس تشاد. وأفادت أوساط مقربة من بازوم أن ديبي "تحدث إلى تياني ونقل إليه رسالة من إكواس". وأعلن رئيس النيجر السابق محمدو يوسفو الأحد أنه يعمل على "إيجاد مخرج للأزمة عبر مفاوضات" بهدف "الإفراج" عن خلفه محمد بازوم و"إعادته إلى منصبه". وكانت الجماعة العسكرية الحاكمة نددت مساء السبت بقمة دول غرب إفريقيا ورأت فيها تهديدا "بتدخل عسكري وشيك في نيامي بالتعاون مع دول إفريقية غير أعضاء في الجماعة وبعض الدول الغربية". محاربة الجهاديين فرضت دول أخرى عقوبات ووجهت إنذارات للانقلابيين وبينها فرنسا التي أعلنت السبت تعليق مساعداتها الإنمائية للنيجر. أما الاتحاد الإفريقي فأمهل الانقلابيين الجمعة 15 يوما "لإعادة السلطة الدستورية". وتقع النيجر في قلب منطقة الساحل وهي الحليف الأخير الذي تقيم معه باريس شراكة "قتالية" ضد الجهاديين في هذه المنطقة التي تعاني انعدام الاستقرار والهجمات. وتعرف المنطقة حالة انعدام استقرار إذ إن النيجر هي ثالث دولة تشهد انقلابا منذ العام 2020 بعد مالي وبوركينا فاسو.