لم يكن احساين الشاطر يعلم وهو يدلف إلى باب سيارة الإسعاف، بعد أن تعرض للذغة أفعى بمسقط رأسه بدوار تغصى بجماعة إكنيون، أنه حجز لنفسه تذكرة سفر في رحلة هيتشكوكية إنطلاقا من مستوصف الجماعة الترابية التي يتنفس هواءها مرورا بالمستشفى الإقليمي لتنغير، وانتهاء بالمركز الإستشفائي سيدي حساين بورزازات، الذي ما يزال يرقد بأحد أجنحته إلى حدود الساعة. وكشفت مصادر محلية لموقع "العمق"، أن المصاب الأربعيني الذي يقطن بدوار تغصى بجماعة إكنيون، كان بصدد جني محصوله من اللوز، قبل أن يتعرض للدغة أفعى بشكل استدعى نقله إلى المستوصف المتواجد بجماعة إكنيون، ليتم بعد ذلك توجيهه إلى المستشفى الإقليمي بتنغير، وذلك بعد دخوله في وضعية صحية صعبة بسبب تفشي السم في جسده. ووفق المعلومات التي وفّرتها المصادر، فإن غياب الأمصال بالمستشفى الإقليمي السابق ذكره، جعلت عائلة المصاب احساين تتكبد عناء التنقل إلى ورزازات في رحلة مكوكية، مشيرة إلى أن مجهودات الطاقم الطبي الذي سهر على المريض مكّنت من استقرار حالته الصحية. وأضافت المصادر نفسها أن الأربعيني المصاب لا يزال يتابع العلاج بالمستشفى الإقليمي سيدي حساين بورزازات، وأنه تجاوز مرحلة الخطر إثر تلقيه جميع الفحوصات والعلاجات المعمول بها في مثل هذه الحالات، وأنه من المرتقب أن يغادر أسوار هذا المرفق الصحي العمومي في غضون الأيام القليلة المقبلة. في سياق متصل، نبهت فعاليات مدنية في تصريحات متطابقة لجريدة "العمق" إلى خطورة تنامي "غياب الأمصال"، بعدد من المراكز الصحية بجهة درعة تافيلالت، وبإقليم تنغير على وجه التحديد، الشيء الذي يفاقم معاناة الذين يتعرضون للدغات ولسعات الزواحف السامة، في الوقت الذي لايمكن فيه توفير الأمصال إلا في مؤسسة صحية توجد بها مصلحة الإنعاش والتخدير. الفعاليات ذاتها، أوردت في تصريحها، أن "هذا الوضع غير السوي يدفع ساكنة المنطقة إلى التوجه إلى مؤسسات صحية متواجدة بآقاليم تابعة لجهة درعة تافيلالت، منها بالخصوص المركز الإستشفائي الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية أو المستشفى الإقليمي سيدي حساين بورزازات، طلبا للإستشفاء أو الاستشارة الطبية، الأمر يكبدها مصاريف إضافية أثقلت كاهلها، لاسيّما وأن أغلبها من ذوي الدخل المحدود". ولفتت إلى أن العديد من القرى بهذه الجهة، تشهد في فصل الصيف ظهور أنواع مختلفة من الزواحف والحشرات السامة كالأفاعي والعناكب والعقارب، ويعتبر التسمم الناتج عن هاته اللسعات الأخطر مما يشكله من تهديد لحياة الإنسان وسلامته بشكل عام. وطالبت الفعاليات عينها، السلطات المعنية ب"إنهاء الأشغال بالمستشفى الإقليمي لتنغير الذي تبلغ سعته 120 سرير على مساحة ست هكتارات وميزانية 24 مليار سنتيم وتجهيزه وتشغيله للتخفيف من هذه الأوضاع الكارثية التي تؤرق ساكنة المنطقة، وذلك عبر توفير مختلف الاختصاصات، تفاديا لعودة شبح الوفيات في صفوف الأطفال والنساء الحوامل".