أطلقت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بالدارالبيضاء اليوم الثلاثاء، مشروعا بشعار "سطوب العنف الرقمي"، للمساهمة في الحد من اتساع دائرة العنف الممارس ضد النساء عبر الوسائط الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي. وفي هذا الصدد، قالت بشرى عبدو مديرة الجمعية صاحبة المشروع بمناسبة إطلاقه رسميا، "إنها استقبلت أول حالة ناتجة عن العنف الرقمي في 2016، بعدما وجدت الضحية نفسها في الشارع جراء طردها من منزلها من طرف أسرتها وطردها من العمل، واستمرار الجاني آنذاك في التجوال حرا طليقا، واستمرار تعنيفها عبر منصات التواصل برسائل رديئة بعد فضح صورها، ومن هنا كان لا بد من البحث عن سبل لوقف ما وصفته ب"غول" العنف الرقمي. وأشارت عبدو في كلمتها، أنه "منذ ذلك الحين بدأ عدد الضحايا وخاصة من النساء، في التزايد، وارتأت الجمعية اعتماد آلية تحسين التواصل مع الضحايا انطلقت منذ 2019، وهي حملة "سطوب العنف الرقمي" في نسختها الأولى آنذاك، جاءت من أجل دق ناقوس الخطر للحد من هذه الآفة". 87% من النساء ضحايا للعنف الرقمي قالت مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة صاحبة مشروع "سطوب العنف الرقمي"، "إن عدد المشتكيات ضحايا العنف الرقمي الوافدات على الجمعية بالدارالبيضاء بلغ 87 المائة، وأغلبهن كانت لهن رغبة في الانتحار، مع تسجيل حالة انتحار واحدة، والمشكل في هذه الآفة"، تضيف عبدو، "أن أغلب النساء المعنفات عبر المنصات الرقمية، لا يبلغن خوفا من أن تصل الفضيحة إلى المحيط أو العائلة أو الزوج في حالة كانت الضحية متزوجة". واستحضرت المتحدثة، حالة الرعب التي تعانيه النساء ضحايا العنف الرقمي، بل تجاوز هذا العنف النساء وصار الرجال أيضا، حسب المتحدثة، إذ صار الرجال بدورهم يتعرضون للعنف عبر الوسائط الالكترونية". وشددت على أن المشروع الجديد "سطوب العنف الرقمي"، الذي تم إطلاقه اليوم الثلاثاء، "هو امتداد للمشروع الأول، مشيرة إلى أن القطاعات الحكومية المعنية تعمل من جهتها لإرساء آليات الوقاية من العنف، منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الأسرة والتضامن ووزارة الشباب وغيرها. ودور الجمعيات، تقول عبدو، "للحد من تزايد ضحايا العنف الرقمي، هو الاشتغال مع الجهات المعنية للمساهمة في الحد من هذه الظاهرة إلى جانب جميع المتدخلين، منهم وزارة الأسرة والعدل والشباب والرياضة ومؤسسة التعاون الوطني وغيرها، لاقتراح آليات للحد من تزايد ظاهرة العنف الرقمي". وسجلت أن "للمجتمع المدني دور كبير جدا في الحد من ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات، عبر نقل الخبرات لباقي الفاعلين المدنيين لخلق خلايا الاستماع والدعم وتحسيس ساكنة محيطه بخطورة العنف الرقمي". وتابعت بأن مشروع "سطوب العنف الرقمي"، وفرته جمعية التحدي للمساواة والمواطن لتشجيع النساء على التبليغ على تعرضهن للعنف الرقمي واستقبال الشكايات، وكان الجمعية قد أطلقت منصة لاستقبال الشكايات تقول المتحدثة في 2019 لكن الشكايات كانت قليلة جدا، وبعد خلق جسر التبسيط والتواصل تزايد عدد الشكايات وانفتحت النساء المعنفات الكترونيا على الجمعية التي توفر هذه المساعدة مجانا، لأن أغلب الحالات تأتي وهي تفكر في الانتحار" بحسب بشرى عبدو. ووصفت المتحدثة، العنف الرقمي، ب"الغول" الذي يمكن أن يلتهم النساء في أي وقت، مشيرة إلى أن الجمعية "مازالت تشتغل لتطوير هذا المشروع، مع توفير وحدة مستقلة متخصصة في العنف الرقمي بالجمعية تضم أخصائيين نفسانيين وتقني إعلامي الذي يتابع الصفحات من أجل حذف منشورات المسيئة للضحية وأيضا تضم الوحدة محامون يتابعون ملفات الضحايا قضائيا". وأشارت عبدو إلى أن الجمعية "تشتغل أيضا على الجانب الإعلامي بمختلف أشكاله من أجل نشر مزيد من التوعية لدى المعنيين وكذا الضحايا، من خلال كبسولات ومنشورات مرئية ومكتوبة". وقالت إن "انستغرام" كان خلال مرحلة "كوفيد"، "من أكثر منصات التواصل الاجتماعي بروزا للعنف الرقمي ضد النساء، مردفة أن الجمعية "ستشتغل داخل المؤسسات التعليمية في الدارالبيضاء، خاصة مع المساعدين الاجتماعين من أجل نقل آليات الحماية من العنف الرقمي إلى التلاميذ والتلميذات، إلى جانب لقاءات ومشاورات مع الفاعلين السياسيين لتشريح الوضع باعتبار أن مشروع "سطوب العنف الرقمي" ممتد إلى حدود سنة 2027′′. وخلصت مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بالدارالبيضاء، أن هذا المشروع، لن يظل محصورا داخل تراب الدارالبيضاء، بل سينفتح على ثلاث جهات وعلى جميع الفاعلين المدنيين". محدودية القانون في حماية الضحايا وفي الشق المتعلق بالحماية القانونية للنساء ضحايا العنف الرقمي، قالت المحامية بهيئة الدارالبيضاء زاهية اعمومو في مداخلتها بمناسبة إطلاق مشروع "سطوب العنف الرقمي"، إن "القانون 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء يظل محدودا في حمايتهم من العنف الرقمي، والخلل فيه هو استنباط عدد من النصوص من القانون الجنائي. وأشارت اعمومو إلى أن المشكل الرئيسي في جرائم العنف الرقمي، "تتعلق بوسائل الإثبات حيث اعتمد هذا القانون على وسائل إثبات تقليدية، أي إحضار وسيلة، وفي حال كانت المعنفة قد قامت بخذف الرسائل أو الصور التي تعرضت من خلالها للعنف، فلن يتقى لها دليل للدفاع عن نفسها". وأضافت أن "هذا القانون كان يجب أن يتغير خلال السنوات الأولى من إصداره"، وآخذت اعمومو على هذا القانون، "النقص الذي شابه في هذا السياق، مؤكدة أنهم كفاعلين في الميدان يكملون هذا النقص انطلاقا من العمل اليومي الميداني". وأشارت إلى أن "الشرطة القضائية تعتقل الجناة عند تقديم الضحايا شكاياتهم، وعند التقديم قد يتم قلب الموازين، وهو ما حصل مع حالة ضحية كانت على مشارف أن تتحول إلى جانية من خلال أسئلة مع الضباط مثل لماذا أرسلت هذه الصور وغيرها، كما أن عددا من القضايا من هذا النوع يتم حفظها"، بحسب المتحدثة وهذا يعقد من تبسيط المتابعة. وشددت على أن العنف الرقمي قد يرتبط بعدة جرائم أخرى، كاستدراج قاصر في بعض الحالات على أرض الواقع قصد اغتصابها، وهذا قد يرفع احيانا العقوبة، إضافة إلى السلطة التقديرية للقاضي التي قد تسهم أيضا في رفع العقوبة أو العكس". إلى ذلك تطرقت الحقوقية والمحامية بهيئة الدارالبيضاء، إلى مشكل آخر "يتعلق بتأخر المساطر في القضايا المعروضة على الشرطة القضائية فيما يخص العنف الرقمي، اضافة إلى أزمة تراجع عدد الموظفين بالمحاكم ونقص المعدات اللوجستيكية بذات المحاكم".