من المعتاد أن نعتبر الانتخابات في أي بلد شأن داخلي، وهي فعلا كذلك فكما يقال : " أهل مكة أدرى بشعابها"، نظريا كل شعب له الحق والحرية في اختيار من يقوده، ولا يحق لأي دولة التدخل لتوجيه الناخب و التأثير عليه، لأن ذلك يعتبر خرق لمبدأ " عدم التدخل" في قانون العلاقات الدولية، لكن الواقع شيء أخر حيث أصبح اليوم التدخل هو الأصل في العلاقات الدولية، وهذا ما يحدث بالضبط في انتخابات الجمهورية التركية، وأنا هنا لا أقصد مجرد المتابعة البريئة للمنافسة القوية بين الرئيس والمعارضة، فهذا أمر طبيعي لأن تركيا لها تأثير واضح في سياسة المنطقة والعالم، لكنني أقصد تدخل الدول الغربية الكبرى، وسعيها الجاد لتغيير الخريطة السياسية في هذا البلد المسلم، فعندما تجد أمريكا وبريطانيا وفرنسا وباقي الدول الغربية قد توحدت خلف المعارضة التركية، و تدعمها بكل قوة من أجل إسقاط الرئيس أردوغان، فاعلم أن الأمر فيه "إن" فليس هناك دعم مجاني، فلم تعد الدبلوماسية السرية كافية ولا التخابر في الغرف المظلمة، بل خرج الأمر إلى العلن وعلى المكشوف حيث المطالبة برأس رجب طيب أردوغان، فكما في أفلام ( الويسترن) الأمريكية، حيث توضع صورة المطلوب مرفقة بعبارة "WANTED"، يعني القبض عليه و إحضاره حي أو ميت، والمطلوب هنا هو الرئيس التركي " أردوغان "، الغريب أن حتى تلك الصحف الأوروبية التي كنا نعتقد بأنها رزينة، لكن مع هذا الرئيس فقدت تلك الصحف التوازن و المصداقية، صحيفة "الأندبندنت" البريطانية نموذجا، لقد دعت هذه الأخيرة إلى التغيير و رحيل رجب طيب أردوغان، كما كانت باقي الصحف الغربية تحرض على التصويت ضد الرئيس، و تصفه بالمستبد و الإسلامي المتطرف و الخليفة القادم، ودائما وفي إطار الحملة الإعلامية المعادية للرئيس التركي، كتبت الصحيفة الأمريكية " الواشنطن بوسط" (..رحيل أردوغان في هذه الانتخابات، ضروري كي لا تتحول تركيا إلى دولة عظمى..)، لقد استعملوا سلاح الانقلاب العسكري لكن الشعب تصدى لهم، واليوم يدعمون المعارضة بشكل سافر قصد التخلص من الرئيس، و أظن أن الشعب التركي يقظ ولن يخذل رئيسه هذه المرة كذلك، لكن المشكل هو عندما يفوز أردوغان ويصبح رئيسا للجمهورية، فهل ستتوقف محاولة إسقاطه من طرف الدول الغربية..؟؟، مسرور المراكشي يعتقد أن المحاولة الثالثة قد تكون عملية تصفية جسدية لهذا "الطيب"، إن فشل الانقلاب وفشل المعارضة يدفع في اتجاه تولي الغرب المهمة بيده، وأنتم يا سادة تعلمون خبرة أمريكا وفرنسا وبريطانيا في تنفيذ العمليات الإرهابية، في الحقيقة هناك عدة سيناريوهات مرعبة أرجو من الله ان ينجي الرئيس منها، فقد يكون سلاح السم (البلونيوم المشع ) الذي تم به اغتيال الشهيد أبو عمار عرفات، وقد يكون سلاح القنص الذي قتل به الرئيس الأمريكي (جون كينيدي)، وقد يكون سلاح التفجير الذي قتل به الشهيد رفيق الحريري، وقد يكون سلاح قصف طائرة الرئيس بصاروخ كما وقع للرئيس الباكستاني الشهيد ضياء الحق، إن أعداء الإسلام لن تتوقف محاولة تدميرهم نهضة تركيا الحديثة، لهذا مسرور المراكشي ينصح العقلاء من الأتراك وباقي الشعوب المسلمة، ويقول : (لا تكونوا صفا وراء البندقية الأمريكية بل كونوا دائما في صفوف تقابلها و تواجه فوهتها ولو بصدر عاري..)، لقد علمتنا التجارب أن لا خير في نصائح الغرب وأمريكا، فهم العدو فاحذرهم إذا قالوا ( نعم) قل( لا )وإذا قالو (لا) قل (نعم) فلربما تنجو، ونطرح هنا سؤال كبير لماذا هذا الكره الشخصي لهذا الرئيس بالضبط..!!؟ في الحقيقة الجواب سهل ولا يحتاج لخبراء تحليل، لقد كانت تركيا قبل 20 سنة من وصول حزب العدالة والتنمية التركي لتسيير البلاد، كانت في عداد الدول المتخلفة: (اقتصاد تابع- ديون – بنية تحتية هشة – فساد على كل المستويات انقلابات عسكرية)، لكن اليوم بقيادة أردوغان أصبحت من بين 20 دولة الأكثر تقدما وعلى كل الأصعدة ( صناعة عسكرية جد متطورة – بنية تحتية متطورة – اقتصاد قوي بصفر ديون – قضاء مستقل – تقدم في الصحة و التعليم – قوة إقليمية كبيرة لها تأثير دولي واضح...)، في نظري هذا كاف لجعل الغرب يعادي تركيا و رئيسها أردوغان شخصيا، لقد طالب الإنجليز و الأمريكان الشعب التركي بالتغيير و إسقاط الرئيس أردوغان، ونظرا لفرط سذاجة الأوروبيين المطالبين الشعب التركي بالتصويت من أجل التغيير، مسرور المراكشي يقول لهم يا معشر الحمقى إن الشعب التركي يعيش فعلا التغير الإيجابي منذ 20 سنة، لقد كانت تركيا دولة انقلابات عسكرية واليوم هي تنعم بالديموقراطية و تصنف مع الكبار، أليس هذا هو التغيير الذي يطمح إليه الشعب التركي وكل شعب حر، فهل نغير فقط من أجل التغيير ؟، أم نغير من أجل الأفضل ..؟، في الحقيقة الغرب يريد فقط تغيير الرئيس والتحكم من جديد في تركيا لتبقى متخلفة وتحت سيطرته. خلاصة: إن العالم العربي و الإسلامي ينظر لتركيا كنقطة ضوء من الحرية والديمقراطية، وسط بحر مظلم من الاستبداد و قمع الحريات و التخلف، فبعد انطلاق موجة الربيع الديموقراطي تم إجهاضه، وذلك بواسطة الثورة المضادة المدعومة مع الأسف من جهات عربية، لهذا تشكل تركيا انطلاقة جديدة لربيع ديموقراطي قادم... نرجوا لشعب تركيا الازدهار والتقدم وحسن الاختيار حفظ الله تركيا من كل مكروه وباقي دول الإسلام.