حولت نتائج الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت أمس الخميس بالدائرة الانتخابية بني ملال، مقر حزب الحركة الشعبية بحي حسان بالرباط إلى ما يشبه خيمة العزاء. ففي الوقت الذي كان فيه مجموعة من قيادات الحزب في الرباط ينتظرون الخبر السار القادم من بني ملال، آملين في فوز محتمل لمرشح الحزب في الانتخابات التشريعية الجزئية، رجل الأعمال عبد العزيز الشرايبي، كان وقع صدمتهم قويا، ليس من خسارته، ولكن من هزالة الأصوات التي تحصل عليها. فالنتائج الرسمية التي تم الإعلان عندها بوأت مرشح حزب "التجمع الوطني للأحرار" عبد الرحيم الشطبي، الصدارة ب 17.536 صوتا، متبوعا بمرشح حزب الاتحاد الاشتراكي (2972)، أما مرشح حزب "السنبلة"، عبد العزيز الشرايبي، فقد حل ثالثا ب 2259 صوتا، أي بفارق أكثر من 15 ألف صوت على المرتبة الأولى. وبهذه النتيجة تبخرت أحلام محمد أوزين الذي خلف امحند العنصر، على رأس "الحركة الشعبية" قبل شهور، والذي كان يستمد شرعيته وسط الحركيين من مصاهرته مع حليمة العسالي، أرملة القايدي أمهروق، التي توصف بأنها "عرابة الحزب" و"علبته السوداء"، بعد وفاة مؤسسه المحجوبي أحرضان. حليمة العسالي، التي توصف كذلك ب"الحاكم الفعلي" لحزب "السنبلة"، يبدو أنها لم تصدق هزيمة حزبها في الانتخابات الجزئية بالدائرة الانتخابية بني ملال، مما دفعها إلى كتابة تدوينة على صدر حائطها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تضمنت الكثير من الانفعال، تساءلت فيها عن "الفائدة من الظفر بهذا المقعد"، دون أن تسأل نفسها عن سبب دخول المنافسة في الأصل، على مقعد يراه حزبها غير ذي جدوى؟ رغم أن زوج ابنتها محمد أوزين انتقل الأسبوع الماضي إلى بني ملال ليلقي خطابا أمام بضعة عشرات ممن تبقوا من مناضلي حزبه في بني ملال، عبر خلاله عن يقينه التام، أن مقعد المدينة في البرلمان سيسترجعه حزبه، بعدما قررت المحكمة الدستورية في وقت سابق سحبه من القيادي بنفس الحزب، أحمد شد، شهر فبراير الماضي، بعد تورطه في مخالفات قانونية منافية لأخلاقيات تدبير المرفق العام. والغريب في التدوينة الانفعالية للعسالي إقحامها لمؤسسة رئاسة الحكومة في التدافع الحزبي، عندما قالت: "... إيلا كان هاد المقعد (مقعد بني ملال) غادي يعطيك رئاسة الحكومة راك فيها غير قد بها أسيدي"، رغم علمها أن رئاسة الحكومة مؤسسة دستورية، شأنها شأن وزارة الداخلية، بعيدة عن الصراعات الحزبية. هذه السقطة المدوية للحركيين في الانتخابات الجزئية، علق عليها بعض الظرفاء بالقول أن "المصائب تأتي تباعا"، خاصة وأن هذا الأسبوع حمل الكثير من الأخبار غير السارة للحركيين، فيوم الخميس الماضي، تم اعتقال برلماني الحزب محمد مبدع، من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بسبب متابعته رفقة آخرين في شبهات فساد واختلاس أموال عمومية، وقبلها تم إعفاء القيادي الآخر أحمد شد بسبب اختلالات مالية من رئاسة الجماعة الحضرية لبني ملال، ثم خسر حزب "السنبلة" بالأمس نتائج الانتخابات الجزئية. لكن خسارة مقعد بني ملال، المدينة التي تعتبر معقلا تاريخيا للحركيين يؤكد أن حزب محمد أوزين وحليمة العسالي حرق كل مراكبه على شواطئ "الانتخابات الجزئية" التي راهن عليها لتدارك الهفوات المتلاحقة.