اعتبر نادي الصحافة بالمغرب أن مشروع القانون المتعلقُ بتشكيل لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، "قانون غريب وخارج السياق العام للمنظومة القانونية الوطنية، وغير مطابق لموضوعه في الشكل والجوهر"، مشددا على أنه مسيئ لصورة المغرب الحقوقية داخليا وخارجيا. وأمس الخميس، صادقت الحكومة على مشروع قانون رقم 15.23 يتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر بالمغرب، قدمه وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، وذلك بعد انتهاء التمديد الحكومي للمجلس الوطني للصحافة. وقال نادي الصحافة في بلاغ له، تتوفر "العمق" على نسخة منه، إن هذا المشروع يسمح للحكومة بالتدخل بشكل مباشر في تسيير مؤسسة مستقلة للتنظيم الذاتي، مشيرا إلى أنه جاء خارج سياق الفصل 28 من الدستور الذي يتحدث عن تشجيع السلطات العمومية للتنظيم الذاتي، ما يجعله غير متوافق مع الدستور. وأضاف النادي أن هذا المشروع "يفتقد للشرعية القانونية لأنه يتنافى مع القانون المنظم للمجلس، إضافة إلى ذلك، وتجاوزا لكل الأعراف والتقاليد الديمقراطية أسندت الحكومة لهذه اللجنة "المؤقتة" كل صلاحيات اللجان الخمس المكونة للمجلس وأقصت منهما لجنتين بدون مبرر معلن". وشدد النادي على أنه مند 5 أبريل الجاري، فقد المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة مهنية، شرعيته ووجوده القانوني، وهو حاليًا في وضعية تنافي مع قانونه الأساسي ومع الحد الأدنى من الفعل الديمقراطي، نظرا لعدم تجديد هياكله وانتخاب مسؤوليه كما ينص صراحة على ذلك قانونه المنظم، وأيضا بعد انتهاء ستة شهور من التمديد الحكومي لأجله القانوني. وفي هذا الصدد، ندد نادي الصحافة بالمغرب بما أسماه "التدخل غير الدستوري في تسيير وتدبير المجلس الوطني للصحافة"، معلنا "مساندته ومشاركته للمنظمات النقابية والجمعيات المهنية التي تتشبت بالتدبير الديمقراطي للمجلس والدعوة إلى الإسراع في تنظيم الانتخابات في أقرب الآجال، وهي الحل الوحيد والممكن للخروج من المأزق الحالي". كما أدان "تدخل الحكومة في تدبير المجلس وتعيين الأشخاص أنفسهم لإرضاء خواطر البعض وتغييب آخرين انتقاما لمواقفهم، وهو موقف سياسي واضح في مؤسسة مهنية عمومية ومستقلة، ممولة من المال العام،ً وتمثل إحدى ركائز الديمقراطية وهي الصحافة الحرة والنزيهة، ما يبعث بإشارة سلبية إلى الجميع". ويرى النادي أنه "آن الآوان لوضع نهاية لتخبط الحكومة التي مافتئت منذ شتنبر الماضي، وهي تحاول أن تعالج خطأ كان قابلا للإصلاح بمجموعة أخطاء متوالية، بدأت بالتمديد للمجلس السابق، ثم بدعمها لمشروع قانون قائم على التعيين كان سيشكل مذبحة تشريعية لو تم تطبيقه، وختمته بمشروع قانون هجين لملمت فيه أشلاء قانون التعيين مع مطالب التمديد، مع تعيين نفس الوجوه المرفوضة من أغلبية الصحافيين، وكأن المغرب عاجز عن تجديد نخبه في هذا المجال". ولفت المصدر ذاته إلى أن "الهيكل الصحافي برمته يؤمن ويدافع عن المسار الديمقراطي في بلادنا، ولايمكن أن يكون ضحية تواطئات، ويحرم الصحافيين والصحافيات من اختيار ممثليهم في المجلس الوطني للصحافة". وفي هذا الإطار، دعا نادي الصحافة البرلمانيين إلى تجميد هذا المشروع، مضيفا: "هم يعرفون جيدا توجهات الصحافيين التي عبروا عنها علانية ورسميا في اليومين الدراسيين الذي نظمهما مجلس النواب يومي 21 و22 دجنبر الماضي حول الإعلام الوطني والمجتمع، وترأسها رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، بمشاركة محمد المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل، ورؤساء الفرق البرلمانية وفاعلين مؤسساتيين ومهنيين في مجال الإعلام والصحافة". كما دعا نادي الصحافة، من أجل تجاوز هذه الوضعية غير الطبيعية، إلى المنظمات المهنية، والاحتكام إلى الدستور والقانون، والتحلي بالجدية في التعاطي مع القضايا المهنية للصحافة والصحافيين. وشدد على ضرورة تطبيق القانون وتفعيل المادة رقم 54 من القانون الأساسي للمجلس، واستدعاء لجنة الإشراف على الانتخابات التي يترأسها قاض، من القيام بواجبها، كما دعا جميع الزملاء والزميلات للوقوف صفا واحدا للدفاع عن حقوقهم والاستجابة لكافة الخطوات النصالية المنتظرة في الأيام القادمة وجاءت مصادقة الحكومة، أمس الخميس، على هذا المشروع، بالرغم من المعارضة الشديدة لهذا لمضامين هذا المشروع، والذي أبدته عدة هيئات مهنية للصحافة، على رأسها الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، ونادي الصحافة، إلى جانب فرق برلمانية. ونص مشروع هذا القانون على إحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة". ويقضي المشروع بأن تتألف اللجنة المذكورة، من رئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية مدة انتدابه، يونس مجاهد، بصفته رئيسا، إلى جانب نائبته، فاطمة الزهراء الورياغلي، بصفتها نائبة لرئيس اللجنة، ورئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، محمد السلهامي، ورئيس لجنة بطاقة الصحافة المهنية، عبد الله البقالي. وسيعين رئيس الحكومة ثلاثة أعضاء من بين الأشخاص المشهود لهم بالخبرة والكفاءة في مجال الصحافة والنشر والإعلام، كما ستضم اللجنة قاض ينتديه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. كما ستعين رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ممثلة عن المجلس في هذه اللجنة المؤقتة، فيما سيحضر ممثل السلطة الحكومية المكلفة بالتواصل، اجتماعات اللجنة بصفة استشارية، حسب مشروع القانون. وبحسب المشروع ذاته، فإن رئيس اللجنة ونائبته وأعضاء اللجنة، يتمتعون بنفس المنافع المخولة لهم خلال مهامهم في المجلس الوطني للصحافة، ويخضعون للواجبات نفسها. ويتولى رئيس اللجنة ممارسة مهام رئيس المجلس الوطني للصحافة، حيث تضع اللجنة في أول اجتماع لها نظاما داخليا يحدد كيفيات سيرها وتنظيمها، وفق مشروع القانون الذي تتوفر "العمق" على نسخة منه. وفي أولى ردود الفعل، طالبت كل من الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، بتجميد مشروع قانون "اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر"، ونددتا بمحاولة "السطو" على مؤسسة للتنظيم الذاتي. ووصفت الهيئتان، في بلاغ مشترك، مشروع القانون ب"الاستئصالي وغير الدستوري"، مشيرة إلى أنه "مسيئ لصورة المملكة الحقوقية، ويعد تراجعا خطيرا على استقلالية الصحافة في بلادنا، من خلال تدخل الجهاز التنفيذي في التنظيم الذاتي للمهنة". وقالت الهيئتان إن المشروع جاء بحل "تلفيقي"، في الوقت "الذي كان الرأي العام المهني ينتظر تفعيل مقتضيات المادة 54 من القانون المحدث للمجلس، واستدعاء لجنة الإشراف على الانتخابات التي يترأسها قاض"، داعيتان إلى تجميده. من جانبه، قال حزب العدالة والتنمية، إن هناك أسئلة كبيرة تُطرح عن وجود غايات أخرى من هذا المشروع القانون، تتعلق بالحفاظ على مكاسب مادية ذاتية ومنافع شخصية لأعضاء معينين، معبرا عن رفضه الكلي لهذا المشروع، داعيا إلى التراجع الفوري عنه. الأمانة العامة لحزب "المصباح"، قالت في بلاغ لها، إن إقدام الحكومة على بلورة مشروع قانون استثنائي يعمل على تعويض المجلس الوطني للصحافة، وهو هيئة منتخبة، بلجنة مؤقتة، يتم تعيين أعضائها لمدة سنتين، هو "تطور خطير وغير مسبوق في تاريخ الصحافة والنشر" بالمغرب. ووصف البلاغ مشروع القانون المذكور بأنه "خطوة تراجعية جديدة تطعن في الصميم المكتسبات الديموقراطية التي راكمتها بلادنا"، مشيرا إلى أن تعيين لجنة مؤقتة "يعد إعلانا لحالة استثناء في هذا القطاع الحيوي للبناء الديموقراطي، ومسا بصورة بلادنا ومسارها في مجال حرية الصحافة والتعبير". واعتبر الحزب أن تركيبة اللجنة المؤقتة في هذا المشروع "وُضعت في جزء منها على المقاس، إذ تضم في عضويتها رئيس وأعضاء من المجلس الوطني المنتهية ولايته بداية هذا الشهر، بعد انتهاء الأجل المحدد بالمرسوم بقانون، وهو ما نتج عنه فقدان رئيس المجلس وباقي الأعضاء فيه لصفتهم". وشدد على أن هؤلاء الأعضاء "لا يمكن تعيينهم ضمن اللجنة المؤقتة بصفة لم يعودوا يتوفرون عليها، وهو ما يطرح أسئلة كبيرة عن وجود غايات أخرى من هذا المشروع تتعلق بالحفاظ على مكاسب مادية ذاتية ومنافع شخصية والتضحية من أجل ذلك بالمكتسبات في مجال حرية الصحافة والتعبير وتنظيم المهنة على أسس ديمقراطية".