تباحث وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، هاتفيا أمس الثلاثاء مع نظيره الروسي "سيرغي لافروف"، وهو ثالث تواصل على الأقل بين الوزيرين في ظرف سنة، بعد لقاء مباشر في نيويورك أواخر شتنبر 2022، وتواصل هاتفي "غير معلن" مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وبالضبط شهر مارس من السنة الماضية. وركز بوريطة ولافروف خلال آخر مباحثات هاتفية بينهما، بحسب بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية المغربية، على أهمية تطور العلاقات الثنائية بين البلدين في إطار الاحترام المتبادل والحوار البناء وتعزيز التعاون القطاعي، كما تناولا القضايا الإقليمية والدولية، دون أن يكشف البلاغ تفاصيل أخرى. في السياق ذاته، ذكرت وكالة الأنباء الروسية، أن هذه المباحثات ركزت على آفاق تطوير العلاقات التقليدية بين البلدين، كما اتفقا على دعم الحوار السياسي المنتظم، وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية، مضيفة أنهما أكدا على الدور التنسيقي المهم للجنة الحكومية المختلطة الروسية-المغربية للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، التي ستعقد اجتماعها الدوري الثامن هذا العام في موسكو. بخصوص المواضيع الإقليمية، أشارت الوكالة الروسية، إلى أن الجانبان المغربي والروسي أكدا ضرورة تسوية جميع حالات النزاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على أساس مبادئ القانون الدولي المعترف بها عالميا، وتوازن مصالح جميع الأطراف المعنية. في هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية، خالد يايموت، ضمن تصريح لجريدة "العمق"، أن "العلاقة بين المغرب وروسيا تعرف نوعا من التطور والتحسن بشكل كبير جدا منذ 2019، أي قبل الجائحة، وهذا راجع لبعض التحولات الدولية"، مضيفا أن "الاشكال الذي يجده المغرب مع روسيا دائما هو موقفه من قضية الصحراء الذي يكون دائما أميل الى الطرف الجزائري". العزلة الدولية يربط يايموت، تحرك روسيا نحو عدد من العواصم العالمية، بما فيها الرباط، بالعزلة الدولية الشديدة المضروبة على روسيا، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يجعل من الدبلوماسية الروسية، بحسب المتحدث، "من أنشط الدبلوماسيات أو السياسات الخارجية على مستوى الشرق والعالم عموما". وبحسب الخبير المغربي، فإن التواصل الروسي مع المغرب يدخل في إطار التحرك الكبير لموسكو لشرح وجهة النظر الروسية فيما يخص الحرب في أوكرانيا وفك العزلة التي وضعتها فيها المنظومة الغربية خصوصا أوروبا وأمريكا والدول المساندة لها عالميا، مضيفا أن هذا التواصل يؤكده نوع التعاون على مستوى الأنشطة الاقتصادية وكذلك نوعا من تليين روسيا لمواقفها فيما يتعلق ببعض القضايا الأساسية بالنسبة للمغرب. وأشار المتحدث إلى هذا التواصل يدخل كذلك في إطار إعادة روسيا ترتيب علاقاتها الدولية في ظل الأزمة الموجودة على مستوى النظام الدولي الذي يعرف صراعا كبيرا، فالمغرب بالنسبة لروسيا، يضيف يايموت، مهم جدا بحكم موقعه الجيو-استراتيجي، كما تعترف بأن علاقاتها مع المملكة المغربية مهمة على مستوى الربط بين الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط. حياد المغرب ويرى أستاذ العلوم السياسية بالكلية المتعددة التخصصات بتازة، أن المغرب باتخاذه موقف الحياد فيما يتعلق بالهجمة الدولية التي تُشن ضد روسيا، بعد الحرب في أوكرانيا، إذ لم تصوت الرباط ضد موسكو إلا في مناسبة أساسية تتعلق بميثاق الأممالمتحدة، ولذلك "تنظر روسيا بعين إيجابية الى المغرب". المغرب من جهته، يضيف يايموت، يعتبر بأن تقوية العلاقات مع روسيا ستؤدي في نهاية المطاف إلى فك اللغز القائم بين العلاقات الروسية المغربية الفرنسية، بحكم أن موسكو كانت دائما متشددة تجاه قضية الصحراء خصوصا في قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالمينورسو، حيث أنه "كلما توترت علاقاتها بشكل كبير مع فرنسا إلا وكان المغرب ضحية لهذه التجاذبات الفرنسية الروسية". تلاقي المصالح ومضى المحلل السياسي مستطردا: "المغرب يكون دائما ضحية التجاذب الروسي الفرنسي، إلا أن روسيا تعلم بأن المغرب يسعى لبناء علاقات جديدة مع فرنسا، وفي نفس الوقت بناء نفوذه، وهو ما تسعى إليه أيضا روسيا في مواقع جغرافية، كإفريقيا التي تلتقي فيها المصالح المغربية الروسية". في هذا الإطار، قال يايموت "يمكن أن تكون هناك بداية لعلاقات جديدة بين المغرب وروسيا، حيث يفرض عليهما الواقع الدولي الجديد بناء تحالفات غير تقليدية"، مشيرا إلى أن المعايير التقليدية في العلاقات الدولية خلال الثلاث سنوات الأخيرة تم تكسيرها وأصبحت التحالفات متشابكة وجدية. وخلص المتحدث، إلى أن التواصل المستمر بين روسيا والمغرب لا ينحصر فقط على مستوى وزيري الخارجية، بل يتعداه إلى قطاعات أخرى لا تتم الإشارة إليها إعلاميا، مسجلا في هذا الإطار، رغبة روسيا في التعاون مع المغرب فيما يتعلق بالصناعات المرتبطة بالفوسفاط، كما هو الحال على مستوى الصيد البحري وبعض القطاعات الاقتصادية. موقف المغرب من الحرب وكان وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، قد نفى أن تكون المملكة المغربية قد منحت دبابات لأوكرانيا، مؤكدا في الوقت ذاته بأن "المغرب ليس طرفا في هذا النزاع المسلح ولم ولن يشارك فيه بأي شكل من الأشكال". وأضاف بوريطة خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره النمساوي، نائب الوزير الفيدرالي للشؤون الأوروبية والدولية، بيتر لونسكي، الثلاثاء 28 فبراير الماضي، أن المغرب ليس طرفا في النزاع المسلح بين روسياوأوكرانيا، وأن لم ولن يساهم بأي شكل من الأشكال في هذا النزاع، مضيفا أنه يتعامل هذه القضية كأنها قضية تؤثر في الأمن والسلم الدوليين ولديها الثار مهمة اقتصادية واجتماعية. التصويت ضد روسيا وحول تصويت المغرب ضد روسيا في الأممالمتحدة، قال المتحدث، "موقف المغرب كان واضحا منذ البداية، وهو قائم على 4 مبادئ، أولها: المغرب مع الحفاظ على سيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم المس بالوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأممالمتحدة، وثانيها: المغرب كان دائما ضد استعمال العنف لحل الخلافات". أما المبدأ الثالث، بحسب بوريطة، فهو أن "المغرب كان دائما مع سياسة جوار بناءة بين الدول المتجاورة وبأن أمور الجوار لا تحل باللجوء إلى القوة"، فيما المبدأ الرابع يتعلق بكون "المغرب كان دائما مع احترام مبادئ القانون الدولي واحترام ميثاق الأممالمتحدة في التعامل مع مثل هذه القضايا". وزاد المسؤول المغربي، "هذه القضية في الأممالمتحدة ووكالتها المتخصصة، وكان في كلة يكون هناك تصويت، المغرب كان موقفه دائما هو الغياب عن التصويت"، قبل أن يستطرد بالقول: "باستثناء عندما يكون القرار يهم مبادئ ميثاق الأممالمتحدة ويهم مبادئ القانون الدولي"، مبرزا أن المغرب انطلاقا من المبادئ الأربعة السابق يصوت بالإيجاب على هذه القرارات. وأشار إلى أن هذه القرارات التي يصوت عليها المغرب "مرتبطة بالحفاظ على الوحدة الترابية للدول وعلى عدم الاعتداء وعدم استعمال القوة لحل الخلافات بين الدول"، مؤكدا أن تصويت المغرب يتطابق مع الشرعية الدولية ومع قرارات الأممالمتحدة. وأكد بوريطة أن تصويت المغرب ضد روسيا، يعبر بشكل واضح عن موقفه، خصوصا وأن هذا القرار يشير إلى مرجعيته التي هي ميثاق الأمم المتخذة وقرارات القانون الدولي والشرعية الدولية، مجددا التأكيد على أنه فيما يخص النزاع المسلحة المملكة لا تشارك فيه بأي شكل من الأشكال.