استنكر منتدى الزهراء للمرأة المغربية ما وصفه ب"المنهجية الإقصائية"، التي اعتمدتها رئيسة المجلس الوطنية لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، في تشكيل مجموعة عمل حول مقترح مراجعة مدونة الأسرة، معتبرا أن ذلك ينطوي على خرق لمقتضيات القانون المنظم والنظام الداخلي للمجلس. وانتقد المنتدى، في بيان، تشكيلة مجموعة العمل التي شكلها المجلس، إذ ضمت في عضويتها عددا من الشخصيات "التي يعبر معظمها عن توجه فكري واحد، بل إن إحدى الجمعيات ممثلة بشخصيتين اثنتين، في الوقت الذي تم إقصاء تيار فكري وثقافي". هذا التيار، بحسب البيان، له "امتداده في المجتمع المدني ونضاله من أجل قضايا المرأة والأسرة انطلاقا من التكامل الخلاق بين المرجعية الإسلامية والمرجعية الدولية لحقوق الإنسان"، منددا ب"انتهاك صارخ للمبادئ الأساسية لمنهجية اشتغال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها مبدأ التعددية، وفي خرق واضح لمبادئ باريس وللقانون المنظم للمجلس". وفي تصريح لجريدة "العمق"، قالت رئيسة منتدى الزهراء، بثينة قروري، إن التقاطب المجتمعي حول مدونة الأسرة يتضمن مقاربتين، واحدة منهما تتمثل في الذين يطالبون بمراجعة المدونة وفق المرجعية الإسلامية بناء على المحددات التي حددها الخطاب الملكي. واسترسلت بأن هذه المحددات "كانت واضحة"، وهي عدم المساس بالكليات والقطعيات، مع فتح المجال للاجتهاد، وفي هذا الصدد تحدث الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش عن بعض النصوص التي يمكن مراجعتها عند الاقتضاء. أما المقاربة الثانية، بحسب رئيس منتدى الزهراء للمرأة المغربية، فيمثلها تيار يدعو إلى المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة وفق المرجعية الكونية لحقوق الإنسان. "الغريب في الأمر أن هذه اللجنة التي شكلها المجلس، يمثل أعضاءها من خارج المجلس نسيجا جمعويا كله ينتمي إلى التيار الذي يدعو إلى المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة وفق المرجعية الكونية لحقوق الإنسان"، تقول قروري. واعتبرت أن هذا الأمر "يثير تساؤلا كبيرا لا يمكن فهمه إلا في اتجاه إقصاء متعمد لتيار فكري وثقافي" من هذا النقاش، وأضافت أن "هذا يعني أن المجلس يريد النتائج والخلاصات في اتجاه معين، فاختار تشكيل اللجنة ممن يتفق مع هذه الخلاصات". وتضم مجموعة العمل التي شكلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان أعضاء يمثلون المجتمع المدني وهم؛ لطيفة الجبابدي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد العمل النسائي، وجميلة كرمومة، نائبة رئيسة فيدرالية رابطة حقوق المرأة، وأمينة لطفي، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ونائبتها عاطفة تيمجردين. وقال منتدى الزهراء إن مجموعة العمل حول مقترح مراجعة مدونة الأسرة التي شكلها المجلس "مجموعة لا تمثل إلا نفسها وهي فاقدة لأي مشروعية مؤسساتية أو قانونية". وشدد المصدر ذاته على ضرورة أن يلتزم النقاش العمومي المتعلق بمدونة الأسرة بالتوجهات المنهجية والمرجعية التي أعلن عنها في خطاب العرش، مؤكدا على أن المرجعية القانونية لمدونة الأسرة مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية، وأن الاجتهاد ينبغي أن يتم في إطارها على ضوء المقاصد الكبرى للشريعة الغراء. وأكد منتدى الزهراء انخراطه في النقاش العمومي انطلاقا من المحددات المنهجية التي جاءت في خطاب العرش، المتمثلة في (التشاور والحوار وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية)، و"المرجعية المعيارية التي حددها جلالته في نفس الخطاب والمتمثلة في: (مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي)، وفي حقل إمارة المؤمنين حيث التزم جلالته بصفته (أمير المؤمنين ، فإنه لن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله ، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية)". وحاولت جريدة "العمق" استقاء موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان وروايته حول "إقصاء" تيار من نقاش مراجعة مدونة الأسرة، عبر الاتصال برئيسته، لكن هاتفها ظل يرن دون مجيب، كما تواصلت الجريدة مع قسم التواصل بالمجلس، إلا أنها لم تتمكن من الحصول على تعليق لهذه المؤسسة الدستورية حول الموضوع.