أثارت التطبيقات الذكية التي يستعملها الخواص في النقل العمومي موجة غضب بين مهنيي سيارات الأجرة ومستعملي هذه التطبيقات، تطورت لتصل حد الاعتقالات بسبب المشادات والاعتداءات الجسدية التي شهدها شارع الزرقطوني، بالعاصمة الاقتصادية، مطلع الشهر الجاري. ظهور هذه التطبيقات التي تسهر عليها شركات معروفة، تعرض خدماتها بشكل علني، يطرح عدة تساؤلات أبرزها الإطار القانوني الذي يحتويها ويسمح لها بالاشتغال علنا، علاوة عن الأسباب التي جعلت بعض المهنيين يعبرون عن رفضهم لها ومقاومتها بحدة، وعدم الانخراط فيها. وفي الوقت الذي يرى آخرون أن هذه التطبيقات ستسهل على المواطنين تنقلاتهم وتُقلّل مدة الانتظار في المحطات، إضافة إلى كون هذه الخدمة تواكب التطورات التقنية التي يعرفها العالم، كما من شأنها أن تخلق تنافسية في القطاع، يرى رأي آخر أن هذه الوسيلة غير آمنة ولا تتوفر على أي سند قانوني يحمي ضحاياها. ظاهرة عالمية معروف أن خدمات النقل عن طريق التطبيقات الذكية، أصبحت منتشرة بالعديد من دول العالم، وأن شركات كبيرة معروفة استثمرت أموالها في هذا المجال، منها شركات عابرة للقارات. عضو النقابة الوطنية لسيارة الأجرة بالإتحاد المغربي للشغل، أبو جمال لحجاب، قال في بداية حديثه مع جريدة "العمق"، إن هذه الظاهرة عالمية، وراءها شركات ذات رؤوس أموال بالملايير، اختارت استثمار أموالها في قطاع نقل الأشخاص عبر التطبيقات الذكية. وأضاف لحجاب، أن هذه الظاهرة تشتغل "دون أي سند قانوني"، لذلك وجدت ضدها ردود أفعال قوية على المستوى العالمي، في إسبانيا وأمريكا وفرنسا والصين وغيرهم، وصلت لدرجة إضرام النار في السيارات المستخدمة لهذه التطبيقات. وجه "ذكي" للنقل السري وفي المغرب، تابع لحجاب قائلا: أن هذه الظاهرة تؤطرها شركات معروفة وتشتغل بوجه مكشوف عن طريق الإشهار والتسويق، بالرغم من أنها لا تتوفر على تراخيص من السلطات المحلية المختصة، وبالتالي فهي لا تخلو تكون وجها جديدا للنقل السري، بالرغم من اعتمادها على السيارات الفاخرة والتطبيقات الذكية. وتساءل المتحدث: هل الزبناء المغاربة المستفيدين من هذه الخدمات على علم بأن هذه السيارات التي تنقلهم عبر التطبيقات الذكية، لا تكاد تكون سيارات للنقل السري؟ مستدركا "أنه لو كان في علمهم ذلك، ربما سيحتاطون منها، ويتنقلون عبر سيارات الأجرة". خطر يلاحق الزبون وأوضح المهني أبو جمال لحجاب، في التصريح ذاته، أنه بالرغم من كون الزبناء يتنقلون في سيارات فاخرة وتقدم لهم خدمة جيدة، فإنها تتم خارج القانون. وفي حالة سرقة أغراضهم أو وقوع حوادث السير، فإن الزبائن غير مؤمنين، وبالتالي فإن حقوقهم تضيع. وتبقى السيارة المستخدمة "مجهولة الهوية" وفق كلام لحجام، موردا أن مهنيي قطاع سيارات الأجرة توصلوا بشهادات "زبونات تعرضن للاغتصاب، والسرقة"، كما سجلت حوادث سير في هذا الإطار "ضاعت معها حقوق الزبائن". أما في حالة تعرض زبائن سيارات الأجرة لأي حادث كيف ما كان، يضيف لحجاب، أنه "من السهل ضبط أي مخالف". "صقور" التاكسيات خلقت هذه التطبيقات الذكية التي يعتمد عليها الخواص في نقل الزبائن، خلية في صفوف مهنيي سيارات الأجرة، خصوصا بالدارالبيضاء والرباط، وبصورة أقل بمراكش، أطلق عليها إسم "الصقور"، وهي مجموعة من سائقي سيارات الأجرة تتصدى لهذه الظاهرة. ووفق كلام لحجاب، فإن مجموعة "الصقور" لا تنتمي لأي هيئة مهنية أو نقابية، هدفها الدفاع عن قطاع سيارة الأجرة، تقوم باعتراض مسار السيارات المستخدمة لتطبيقات النقل الذكية، وتُخطر رجال الأمن من أجل تحرير محاضر معاينة. واسترسل المتحدث أن "الصقور" "لا يقومون بأعمال العنف أو الشغب، بقدر ما يقومون برصد وإيقاف هذه السيارات وإخطار السلطات المحلية، على اعتبار أنها تشتغل في نقل الأشخاص بدون رخصة أو أي سند قانوني. القانون لصالح المهنيين وتابع لحجاب أن أي سيارة ضبطت في هذا الإطار تذهب إلى المحجز، مشيدا بدور السلطات الأمنية في هذا الإطار، لأنها تقوم بأدوارها وتطبق القانون وتأخذ أوراق السائق والسيارة، وتنقل إلى المحجز، لخرقها القوانين الجاري بها العمل. وزاد النقابي المذكور أن الظاهرة أكبر بكثير من أن يتم ضبطها من طرف مجموعة "الصقور"، مناشدا السلطات المعنية بمضاعفة المراقبة الطرقية على أصحاب هذه التطبيقات، ووضع حد لهذه الممارسات، من أجل تفادي مواجهات ربما تكون أقوى مما وقع قبل أسبوعين بالدارالبيضاء. أسباب الرفض وعن أسباب رفض مهنيي سيارات الأجرة، كشف لحجاب أن هذه الممارسات "تجهز" على حق سيارات الأجرة في العمل، ولأنها "لا تتوفر على السند القانون أو أي ترخيص لتقديم هذه الخدم"ة، علاوة على أنها "لا توفر الحماية اللازمة لزبنائها". وتابع قائلا أن أصحاب هذه التطبيقات يضايقونهم في العمل ويحاولون الهيمنة على فئة معينة من الزبائن، خاصة السياح الذين يطلبون خدمات للتنقل داخل المدن أو خارجها. وزاد أن المشتغلين بهذه التطبيقات لا يؤدون الواجبات التي تؤدي سيارات الأجرة، ولا يتوفرون على سند قانوني، وبالتالي فلا فرق بينها وبين النقل السري، سوى أنها تعتمد على التطبيقات الذكية للتواصل مع الزبناء. تحايل وتمويه يقوم أصحاب هذه التطبيقات بالترويج لأفكار اعتبرها لحجاب فيها نوع من "التمويه والتحايل على القانون". وأوضح لحجاب أن هؤلاء يصرحون أمام الرأي العام، بأنهم لا يعرضون خدمات نقل الأشخاص، وأن شركاتهم متخصصة في كراء السيارات. الأمر الذي اعتبر المتحدث "تحايلا واضحا كونهم إشهار تطبيقاتهم الذكية تطرح عروض نقل وليست عروض كراء سيارات". وزاد المتحدث أن دفتر التحملات الخاص بتأجير السيارات لا يعطيهم إمكانية كراء السيارة بالسائق، علاوة على أن عملية الكراء تتطلب ضمانات وإجراءات قانونية بعيدة كل البعد عن ما يتم التعامل به. لا اعتراض على التنقية وقال عضو النقابة الوطنية لسيارة الأجرة بالإتحاد المغربي للشغل، إن مهنيي قطاع سيارة الاجرة ليسوا ضد الاستفادة واستخدام التطبيقات الذكية في القطاع، لكنهم "ضد التطبيقات التي تسمح بنقل الأشخاص في عربات غير سيارات الأجرة". وأورد لحجام أن بعض المهنيين أسسوا تعاونيات بشكل قانوني تشتغل بتطبيقات ذكية، وعندما يتصل الزبون تأتيه سيارة أجرة تحترم القوانين المنظمة لعميات النقل العمومي. وتابع أن هذه الخدمة مثلا في مدينة مراكش، تضيف على مبلغ الخدمة، 10 دراهم نهارا و15 درهم ليلا، مشيرا إلى أنها هذه الخدمة حققت نجاحا مهما نظرا للتوسع العمراني الذي عرفته المدينة. المشكل يصل البرلمان بعد حادث الشجار الذي عرفته مدينة الدارالبيضاء، بين مهنيي سيارات الأجرة المستخدمين للتطبيقات الذكية، والمهنيين الغير مستخدمين لهذه الخدمة، عرضت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، الواقعة على وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل. وطالبت النائبة المذكورة، من الوزير المعني بالقطاع، الكشف عن الإجراءات التي ستقوم بها وزارته لتجاوز المواجهات المحتدمة التي يخوضها عدد من سائقي سيارات الأجرة ونظرائهم من مستعملي التطبيقات الذكية للنقل الحضري. كما نبهت النائبة البرلمانية إلى أن شوارع ومدن المملكة المغربية، أضحت تعيش مظاهر خطيرة تصل في كثير من الأحيان إلى الاعتداءات الجسدية وعلى الممتلكات الخاصة والعامة، نتيجة تلك المواجهات.