بن عبد الله يخرج عن صمته ويكشف المستور بشأن دعم مستوردي الأغنام    زلزال بورما.. تواصل جهود الإغاثة والإنقاذ والأمم المتحدة تحذر من "نقص حاد" في الإمدادات الطبية    كأس العرش لكرة القدم (موسم 2023 -2024).. اتحاد تواركة يتأهل إلى ثمن النهائي بالفوز على شباب المحمدية (6-2)    كأس الكونفدرالية... تحكيم جنوب إفريقي لمباراة الإياب بين نهضة بركان وأسسك ميموزا الإيفواري    مدينة المحمدية تحتضن لأول مرة بطولة المغرب للمواي طاي لأقل من 23 سنة وللنخبة وكذا كأس سفير مملكة التايلاند بالمغرب    كأس العرش لكرة القدم (موسم 2023 -2024).. نهضة الزمامرة يتأهل إلى ثمن النهائي بالفوز على الدفاع الحسني الجديدي (4-0)    لقجع يحث منتخب أقل من 17 سنة على تشريف الكرة المغربية في كأس إفريقيا    صيباري: أتمنى المشاركة في مونديال 2026 وأحلم بالاحتراف في الدوري الإنجليزي    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    نتنياهو يزور المجر رغم مذكرة توقيف    مصرع شخص تحت عجلات قطار أطلس بضواحي مدينة طنجة    تتويج فريق جيل المستقبل بطلاً للدوري الرمضاني لبراعم المدارس الكروية بإقليم الدريوش    وزارة الداخلية تؤكد على الرفع من درجات اليقظة والتعبئة والتأهب لمواجهة كل التحديات المتعلقة بانتشار الجراد    دوافع ودلالات صفعة قائد تمارة    جمعية تطلب مؤازرة مؤسسات رسمية لاستخدام الأمازيغية في القضاء    السغروشني تكشف دعم "البنود" لإنشاء مركز ثانٍ للذكاء الاصطناعي بالمغرب    أوراق من برلين .. الحياة اليومية للسجناء في ألمانيا تحت المجهر    سطات تطالب بوقف "حرب الإبادة"    الذكاء الاصطناعي يقدم عوامل موضوعية لتجاهل الوكالة لمطالب الساكنة في بناء وترميم واصلاح البنية التحتية    عميد الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش يؤكد انخراط الكلية في تشجيع الشباب والأطفال على القيم الدينية والثقافية والإستمرارية في دعم مسابقة القرأن الكريم لجمعية نادي إقرأ الثقافي    حبس رئيس جماعة سابق بالبيضاء    30 مارس ذكرى يوم الأرض من أجل أصحاب الأرض    مراهقون خارج السيطرة    انتفاضة جماهيرية بالرباط تنديدا باستئناف العدوان الصهيوني هجماته على غزة    يقترب الدولي المغربي " إلياس أخوماش " من العودة إلى الملاعب    المعطيات الفلكية ترجّح موعد عيد الفطر لعام 1446 هجرية في المغرب    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    بوصوف: هكذا التف المغاربة حول أمير المؤمنين في ليلة القدر المباركة    ارتفاع الدرهم مقابل الدولار والأورو وسط استقرار الاحتياطات وضخ سيولة كبيرة من بنك المغرب    في انتظار قبول إسرائيل.. حماس توافق على مقترح هدنة جديد    تعزيز التعاون المغربي الفرنسي في التعليم العالي والبحث العلمي شراكة استراتيجية لمستقبل أكاديمي متطور    بريطانيا تؤكد حرية شركاتها في الاستثمار بالصحراء المغربية    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    المغرب يمنع دخول نشطاء إسبان موالين للبوليساريو إلى العيون للمرة الثالثة في شهرين    نقاش "النقد والعين" في طريقة إخراج زكاة الفطر يتجدد بالمغرب    نقابات تطالب بحماية الموظفين خلال عملية توزيع الأعلاف.. وإشادة بمجهودات المديرة الإقليمية لوزارة الفلاحة بطنجة    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    في الفرق الدلالي والسياقي بين مشهدية الناس ومنظورية العالم    أنبياء على الورق..    اتحاد جمعيات حماية المستهلكين يناشد الملك توجيه الحكومة لتسقيف الأسعار ومراجعتها    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    على قلق كأن الريح تحتي!    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    رقمنة الإستفادة من تعويضات العلاج ل"CNSS".. هذه هي الخطوات الجديدة التي يجب اتباعها من قبل المؤمن لهم    الطالبي العلمي يرد على بركة: "ليس هناك 18 مستوردا وإنما 100 مستثمر في مجال استيراد الأغنام والمبلغ لا يصل إلى مليار و300 وإنما 300 مليون"    الصين تعتمد مخططا للتحول الرقمي للصناعة الخفيفة    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    معنينو يكشف "وثيقة سرية" عن مخاوف الاستعمار من "وطنيّة محمد الخامس"    أوراق من برلين.. أوقات العزلة المعاصرة: اكتشاف الشعور الكوني    ترجمة "نساء الفراولة" إلى العربية    لائحة الشركات التي تقدمت للإستفادة من الدعم المخصص لأضاحي العيد العام الماضي    الرميد يرد على لشكر: مهاجمة حماس وتجاهل إسرائيل سقوط أخلاقي وتصهين مرفوض    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    العامل المنصوري يبشر بمشروع "مدينة الترفيه والتنشيط" لتطوير إقليم تطوان وخلق فرص للشغل    عمرو خالد: هذه تفاصيل يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. مشاهد مؤثرة ووصايا خالدة    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل علاقة أكثر صلابة بين المغرب وإسبانيا..
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 02 - 2023

انعقد الاجتماع رفيع المستوى بين الحكومتينالمغربية والإسبانية في الرباط يومي فاتح وثاني فبراير 2023، ولفهم ما هو مطروح للنقاش في هذه الدورة الثانية عشر يجب أن نرجع قليلاًإلى الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى جلالة الملك في مارس الماضي، حيث أكد فيها على "المصير المشترك"، واعتبر "المغرب حليفا استراتيجيا لإسبانيا"، وأكثر من ذلك "ربط ازدهار اسبانيا بالمغرب والعكس صحيح".
وهذا مفهوم لأنّ المغرب أصبح الشريك الأول للمملكة الإيبيرية من خارج الاتحاد الأوربي، وإسبانيا أصبحت الشريك التجاري الأول للمملكة الشريفة بحجم مبادلات تجارية تجاوز عتبة 17 مليار أورو، ومن حيث الاستثمارات الخارجية بتواجد أزيد من 800 شركة إسبانية في المغرب، ومن حيث العلاقات الإنسانية بتواجد ما يفوق 750 ألف مغربي في إسبانيا، بالإضافة إلى استعمال حوالي ستة ملايين مواطن مغربي لغة سرفانتيس كلغة ثانية، وهي أكبر جماعة ناطقة بالإسبانية خارج إسبانيا وأمريكا اللاتينية، إلى جانبإحدى أكبر الشبكات للمراكز الثقافية الإسبانية عبر العالم.
وهناك عبارة أخرى مهمة جداً وردت في ذات الرسالة تخصّ "الامتناع عن كل عمل أحادي" في إشارة إلى ترسيم الحدود البحرية للمغرب عام 2020 رغم أنه عمل سيّادي قام به المغرب وفقا للقانون الدولي، ولذلك لم تعلق عليه مدريد رسمياً. وإذا ربطنا ذلك بما ورد في البيان المشترك للسابع من أبريل حول "تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس"، يمكن أن نقول بأن هذه هي بؤرة الاهتمام الإسباني حالياً إلى جانب قضايا الهجرة والأمن والتجارة.
في المقابل عبّر جلالة الملك بوضوح بأنّ "المغرب لا يتفاوض على صحرائه"، وأن المملكة "لن تبرم اي شراكة مع الدول التي لا تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء"، وأنّ "الصحراء المغربية هي المنظار الذي يرى به المغرب علاقاته مع الدول الأخرى". كما عبر المغرب بوضوح أيضاً عن الأسس التي يجب أن تحكم العلاقات بين الجارين لتفادي الأزمات مستقبلاً، وهي الثقة والشفافية واحترام الالتزامات في إشارة إلى حادثة "ابن بطوش" التي وجهت ضربة للثقة وللاتفاقيات والالتزامات المبرمة بين البلدين.
وقد استطاعت الرباط ومدريد بذكائهما المشترك تجاوز زوبعة"ابن بطوش" التي كانت تقف وراءها الجزائر، وحوّل البلدان الأزمة إلى فرصة ومنعطف لتدشين "مرحلة جديدة" وصفها العاهل المغربي ب "غير المسبوقة" في خطاب 20 غشت 2021، وقال عنها العاهل الإسباني في خطابه أمام السلك الدبلوماسي في 17 يناير 2022 بأنها ستعيد "تحديد العلاقة بشكل مشترك للقرن الحادي والعشرين"، لتكون "الأقوى والأكثر صلابة".
نحن إذن أمام رسائل متبادلة بين البلدين، وضعت محددات واضحة لإرساء قواعد "المرحلة الجديدة" في علاقات الشراكة بينهما، ولكن يجب ألاّ نفصل مُحدّدا أو مبدأ عن الأخر. فإسبانيا من حقها أن تطمح إلى تطوير التعاون مع المغرب في استغلال الجرف القاري والمنطقة التجارية الخالصة على الأطلسي، وفي المقابل من حق المغرب أن يربط النقاش على الحدود البحرية الأطلسية بملفات حدوده على البحر المتوسط وفي الصحراء.
بمعنى آخر من حق المغرب أن يطالب بإعادة الجزر المحتلة على البحر المتوسط فوراً دون تأجيل لأنها ليست مأهولة وليس هناك ما يبرر بقاءها تحت الاحتلال، وهي 11 جزيرة ولا يتعلق الأمر بالجزر الجعفرية وحدها، ثمّ في خطوة ثانية يمكنأن نتفق سوياً على أجندة لعودة سبتة ومليلية تحت السيادة المغربية، وفقاً لتفاهمات تحترم روح القرن الواحد والعشرين. ولنا في هونغ كونغ مثالاً يمكن الاستفادة منه. والجميع يدرك أنّ بقاء هذه الثغور تحت الاحتلال سيشكل قنابل موقوتة قد تنفجر في أي وقت. وأظن أن جزءا من الطبقة السياسية في إسبانيا أصبح واعيا بذلك وهذا ما أكده التصريح الأخير لوزيرة الإسكان الإسبانية السابقة ماريا تروخيو وغيرها.
ومن جهة أخرى من حق المغرب أن يطالب إسبانيا بعد المراجعة التاريخية لموقفها من الصحراء المغربية، وبحكم المسؤولية التاريخية عن خلق النزاع في الصحراء بسبب تقسيم أراضي المملكة إلى مناطق نفوذ بين إسبانيا وفرنسا وبسبب تماطل مدريد في إعادة الأراضي المغربية، حيث أعادت بالتقسيط منطقة الشمال 1956 ثم طرفاية 1958 ثم سيدي إفني 1969 وأخيراً الصحراء 1975، أن تحصن موقفها من الصحراء،من أي تغيير مستقبلي طارئ.
ويمكن أن يكون هذا التحصين بإعلان حكومي واضح يتم نشره في الجريدة الرسمية الإسبانية ويتم توزيعه كوثيقة رسمية لدى الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، ومن خلال تضمين الخارطة المغربية كاملة غير منقوصة في كل الاتفاقيات التي ستوقع، وأن يتم تداول هذه الخارطة المغربية في وسائل الإعلام الإسبانية الرسمية ومقرراتها التعليمية. ومن جهة ثانية أن تساهم مدريد في مساعي المغرب لإقناع الدول الأوربية بسيادة المغرب على صحرائهبحكم ما تملكه من أرشيف يؤكد ذلك ويوثق لما تعرض له المغرب من مؤامرات استعمارية لتفتيت أراضيه.
من حق إسبانيا أيضاً أن تطلب دعم المغرب لوقف التدفقات غير النظامية للمهاجرين نحو أراضيها، وفي المقابل من حق المغرب أن يشترط التزاماً إسبانياً لرفع الدعم الأوربي المباشر لمواجهة ظاهرة الهجرة، على الأقل ليصل إلى حجم الدعم المقدم من طرف الاتحاد الأوربي لتركيا وهو ثلاثة مليارات دولار بدل المائة مليون دولار البخسة التي تقدم حالياً للمغرب.
وفي نفس السياق دائماً من حقنا أن نطالب بزيادة حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة لإسبانيا في المغربوأن تشمل أقاليمه الجنوبية كذلك، لأن توطين أزيد من خمسين ألف مواطن إفريقي من جنوب الصحراء، وهو رقم مرشح للارتفاع، يستوجب مجهوداً مالياً إضافياً يرهق الميزانية العامة للدولة من أجل خلق فرص الشغل لهؤلاء المهاجرين وعائلاتهم وإدماجهم في المنظومة الاجتماعية والخدماتية.
وأخيراً من حق إسبانيا كذلك أن تسعى لتعميق التعاون مع المغرب في الملف الأمني ومكافحة الإرهاب، ومن حق المغرب في المقابل أن يطالبهابمنع كل الأنشطة المعادية للمغرب فوق التراب الإسباني سواء التي تقوم بها الجزائر مباشرة أو بالوكالة، أو تلك التي تقوم بها جبهة "البوليساريو" الانفصالية وجمعياتها التي تتستّر وراء أنشطة إنسانية أو حقوقية.
علينا إذن أن نعزز هذا الرصيد المشترك حماية لمستقبل الأجيال القادمة وتجنيباً لها من الصِّدامات أو الانتكاسات، لذلك ليس من الضروري أن نتفق في اللحظة الراهنة على كل النقاط الخلافية وعلى كل التفاصيل، ولكن لا بدّ من أن نطرح كلّ الملفات على الطاولة دون طابوهات. وقد نذهب أبعد من ذلك فنقول أنه بإمكانناغضّ الطرف مرحلياً عن بعض المطالب، وإن كانت استراتيجية وحضارية،بسبب إكراهات اقتصادية أو سياسية أو لتقديرات جيوسياسية إقليمية أو دولية قد تكون مُعتبَرة وقد لا تكون كذلك، ولكن ليس من حقنا أبداً أن نقدم تنازلات في قضايانا الأساسية والسيادية، ولنا في تاريخنا الحديث وتعاطينا مع ملف الصحراء المغربية سواء الشرقية أو الغربية، ما يُغني من أمثلة على الأخطاء والتنازلات التي لا ينبغي تكرارها في الحاضر والمستقبل.. /


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.