بعد فرحة عارمة بانتصارات أسود الأطلس.. تولَّدت آمال عريضة بأن يأخذ المنتخبون المسؤولون عن تدبير الشأن العام في بلادنا قبسا من جذوة تلك الانتصارات فيجددوا النية لله لخدمة الوطن ولمواطنين، والتجرد من حساباتهم الضيقة ومصالحهم الشخصية والحزبية. لكن يبدو أن تلك الآمال خابت في إبقاء روح الانتصار والإنجاز الذي بثها أسود الأطس نفسا جديدا يسري بيننا ، بعدما استفاق المغاربة قبل أيااام على جدل كبير، وشكوك تحوم حول مصداقية وشفافية امتحان الأهلية لولوج مهنة ولس أي مهنة، إنها المحاماة يا سادة يا كرام. زعم الوزير المعني بالقطاع، أن تلك الانتقادات والشكوك والمطالبات بفتح تحقيق، موجة قصيرة العمر سرعان ما ستنكسر وضجة صغيرة سرعان ماستنحصر، لكن القضية باتت ككرة الثلج كلما تدحرجت كبرت، وأصبحت فضيحتنا ب"جلاجل" كمايقول إخواننا المصريون؛ باتت القضية قضية رأي عام ومادة للصحافة الدولية، و" كأنك يا أبو زيد ما غزيت". والإعلام الدولي، الذي كان قبل أسابيع يتحدث عن دروس قدمها أسود الأطلس للعالم في القيم والوطنية، يتحدث عن شكوك تمس اختبارات في المغرب لولوج مهنة، جوهر مهمتها صيانة الحقوق والمساهمة في التطبيق السليم للقانون، ومساعدة القضاء على تحقيق العدالة والإنصاف. وما كان للقضية أن تكبُر لو أدارها المسؤولون عنها بطريقة حكيمة، ولم يصبوا الزيت في نار الشكوك والاتهامات إما بالصمت وعدم التوضيح، أو بتصريحات مستفزة، تعكس استخفاف بعض المسؤولين في الحكومة الحالية بخطورة وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يعتقدون أن التحكم في الإعلام بطرق مختلفة،يوفر لهم الأرضية لفعل ما يشاءون، لكنهم تجاهلوا رياح "الفيسبوك" وعواصف التيك توك العصية على الضبط والتحكم. وعدم تقدير خطورة وسائل التواصل الاجتماعي، وإضعاف وسائل الإعلام وإفقادها المصداقية يجعل المواطنين ضحية، ويتساءلون أين هي الحقيقة؟ وطريقة تعامل بعض المسؤولين مع القضايا وعدم تواصلهم بالشكل والتوقيت المطلوبين وبالوضوح والصراحة اللازمين، يُرَجِّحُ كفة ماتنشره وسائل التواصل الاجتماعي عما سواها، خاصة عندما تكون تصريحات هذا الوزير أو ذلك مستفزة تزكي شعورا عاما بأن الحكومة تكتفي بموقف المتفرج، و لاتهتم لأمر المواطن وانشغالاته وانتظاراته وحقه في المعلومة، فضلا عن تجاهلها لمايكتوي به من نار الأسعار الذي لا تزداد إلا لهبا. وتصبح المشكلة أكثر إزعاجا عندما لايصبح التفرج محصورا على الحكومة بل حتى على أحزاب المعارضة، التي كانت " ماشاء الله عليها" طليقة اللسان في عهد الحكومات السابقة وخاصة الحكومتين السابقتين، تنتقد كل شيئ بسبب أو بدون سبب، لكنها اليوم بلعت لسانها، ولاتحرك ساكنا، بل لانكا نسمع لها همسا.. وهذا التفرج من مؤسسات الوساطة عموما فيه إخلال بوظيفتها ويجعله محط سؤال كبير جدا، ويُفقدها "ماتبقى" من مصداقيتها.. وتداعيات هذا الواقع مضرة للديمقراطية ببلادنا.