سجلت عدد من الفعاليات الصحية والحقوقية نقصا وضعفا في القوانين المرتبطة بالأبحاث الطبية والحيوية بالمغرب. جاء ذلك على هامش ندوة وطنية نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، صباح السبت بالرباط، حول الإطار التشريعي الوطنية وقضايا الأخلاقية وحقوق الإنسان المرتبطة بالصحة والبحث الطبي الحيوي بحضور مختلف الفاعلين المعنيين بقضايا البيو-أخلاقيات، مع حضور رئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني. وفي هذا الصدد أكدت رئيس المجلس، آمنة بوعياش، في كلمة مقتضبة لها، على ضرورة وضع اعتبارات أخلاقيات البيولوجيا وأخلاقيات العلوم والتكنولوجيا المستندة إلى حقوق الإنسان في صميم الإجراءات المتعلقة بالأبحاث الطبية والبيو-حيوية. وأشارت بوعياش إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سجل في مختلف تقاريره السنوية والموضوعاتية ملاحظات حول الإطار التشريعي المرتبط بهذه الأبحاث، مؤكدة أهمية استحضار الأخلاقيات البيولويجية على المستوى الوطني والدولي، باعتبار أن هذه الأبحاث الطبية والحيوية قد يترتب عنها، على حد قولها، مخاطر للحقوق الأساسية للأفراد. من جانبه، قال هشام شهيبي، ممثل وزارة العدل، إن مجال الأبحاث والتكنولوجيا في علم الأحياء والصحة بشكل عام والعلوم البيو طبية بشكل خاص قد عرف تطورا هاما، وهو ما فرض مجموعة من الرهانات والتحديات على الممارسين في هذا المجال سيما في الجانب المرتبط بحقوق الإنسان وحمايتها من بعض الإنزلاقات التي تؤدي إلى انتهاكها. وأضاف أن المملكة قد انخرطت منذ سنوات في المنظومة الدولية ذات الصلة بهذا المجال عن طريق مصادقتها على العديد من الإتفاقيات الدولية المرتبطة بالحق في الصحة وحماية الكرامة الإنسانية والمعطيات الشخصية للأفراد في كافة المجالات، مؤكدا أنها عملت على ملائمة مجموعة من النصوص التشريعية مع المقتضيات الدولية تماشيا مع مقتضيات الدستور. كما أشار شهيبي إلى مجموعة من القوانين التي تم اعتمادها والمرتبطة باحترام أخلاقيات البيو طبية منها القانون رقم 16.98 المتعلق بالتبرع بالأعضاء البشرية وأخذها وزرعها والقانون 77.17 المتعلق بممارسة مهام الطب الشرعي وهو الأمر الذي يعزز السياسة الجنائية بالمغرب. ومن جهته، اعتبر ممثل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، الحسن بلكبير، أن رهانات البيو أخلاقيات المرتبطة بحقوق الإنسان في مجال الصحة والأبحاث الطبية الحيوية تشكل ركائز أساسية للمبدأ العام القائل أن مصلحة الإنسان ينبغي أن تسود على مصلحة العلم أو المجتمع، مؤكدا أن هذه الرهانات الأخلاقية تساهم بشكل كبير في حماية كرامة الإنسان وحقوقه من أي تطبيق تعسفي للإجراءات والبرامج الصحية أو للتقدم البيولوجي والطبي. وتابع أن هذه الرهانات ترتبط بوضع ضوابط وتطبيق معايير خاصة بالأخلاقيات المتعلقة بالصحة والرعاية الصحية والأبحاث البيو طبية عبر الإهتمام بمواضيع متنوعة كقضايا الأخلاق المتصلة بالإنجاب والوراثة وزراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا والحق في المعلومات وحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيو طبية. من جهتها، استعرضت، نزهة جسوس، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مختلف القوانين والتشريعات التي أخرجها المغرب لحيز الوجود المتعلقة بحماية حقوق الأفراد في الأبحاث الطبية، مسجلة التأخر في إخراج النصوص التطبيقية المرتبطة بهذه القوانين. وخلال عرض قدمته جسوس أمام المشاركين في هذه الندوة الوطنية، ذكرت بتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان من بينها إحداث لجنة وطنية مستقلة متعددة التخصصات تضم فاعلين علميين وأخلاقيين وسياسيين، وفقا للمعايير الدولية، وخاصة تلك المتضمنة في الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان؛ كما دعا المجلس، في تقرير سابق له، إلى التسريع بإصدار النصوص التنظيمية الخاصة بالقانون رقم 13-28 المتعلق بحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، والتي تحدد كيفية إنشاء وتأليف لجن جهوية لحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، وتحدد شروط وإجراءات الأبحاث البيوطبية، مع استرشاد السياسات الصحية الوطنية أثناء الأزمات الصحية بالاعتبارات الأخلاقية، ووفقا للمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبمجال أخلاقيات البيولوجيا. ويحدد القانون رقم 13-28 المتعلق بحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، المبادئ التي يجب احترامها خلال إجراء جميع الأبحاث البيوطبية. ويتعلق الأمر باحترام الحياة والصحة والسلامة الجسدية والنفسية والكرامة، كما يشترط أن تتم المشاركة على أساس تطوعي بعد الموافقة الحرة والمتنورة والصريحة، بما يتوافق مع قواعد الممارسة الأخلاقية الفضلى من أجل ضمان جودة الأبحاث البيوطبية. كما نص القانون على "إنشاء لجن جهوية لحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيوطبية، والتي سيتم تحديد عددها وتأليفها بموجب نص تنظيمي"، بالإضافة إلى قضايا أخرى أشار إليها القانون يتم تأطيرها بنصوص تنظيمية أخرى. ويشارك في هذه الندوة، التي تندرج في إطار مواصلة المجلس لمبادراته المرتبطة بفعلية الحق في الصحة، فاعلون مؤسساتيون ومهنيو الصحة الأعضاء في لجن الأخلاقيات وأساتذة باحثون في القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني، للتداول في المكتسبات والعوائق من خلال تحليل مستوى تغطية مختلف التشريعات المعمول بها في مجال الطب الحيوي لمبادئ البيو-أخلاقيات. وتهدف هذه الندوة إلى تحديد الرافعات التشريعية والمؤسساتية القادرة على ضمان تكريس البيو-أخلاقيات في الممارسة الطبية وفي مجال البحث الطبي الحيوي، وكذا على مستوى محتوى الدورات التكوينية المخصصة لمهنيي الصحة. بالإضافة إلى الجلسة العامة، شمل برنامج هذه الندوة الوطنية أربع ورشات عمل موضوعاتية تتناول مختلف المجالات المرتبطة بقضايا البيو-أخلاقيات: البحث الطبي الحيوي، التبرع بالأعضاء وزراعتها، الإنجاب بمساعدة طبية وكذا حماية الأشخاص المصابين بأمراض عقلية.