نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أول أمس السبت بالرباط، ندوة وطنية حول موضوع الإطار التشريعي الوطني والقضايا الأخلاقية وحقوق الإنسان المرتبطة بالصحة والبحث الطبي الحيوي، بحضور مختلف الفاعلين المعنيين بقضايا البيو-أخلاقيات. وتهدف هذه الندوة، التي تندرج في إطار مواصلة المجلس لمبادراته المرتبطة بفعلية الحق في الصحة، إلى تحديد الرافعات التشريعية والمؤسساتية القادرة على ضمان تكريس البيو-أخلاقيات في الممارسة الطبية وفي مجال البحث الطبي الحيوي، وكذا على مستوى محتوى الدورات التكوينية المخصصة لمهنيي الصحة. وقد عرف هذا اللقاء حضور مختلف الفاعلين المؤسساتيين ومهنيو الصحة الأعضاء في لجن الأخلاقيات وأساتذة باحثون في القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني، للتداول في المكتسبات والعوائق من خلال تحليل مستوى تغطية مختلف التشريعات المعمول بها في مجال الطب الحيوي لمبادئ البيو-أخلاقيات. وبهذه المناسبة، قالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في كلمة لها، إن موضوع اللقاء يندرج ضمن اختصاصات المجلس باعتباره مؤسسة دستورية تعنى بحقوق الإنسان، ويتماشى مع التقرير الذي قدمه المجلس حول القطاع العمومي للصحة وما يثيره من تحديات ورهانات ينبغي تجاوزها كي تتحقق فعلية الولوج للحق في الصحة. وأكدت بوعياش أن اللقاء يشكل فرصة لخلق نقاش جاد عن طريق بسط العناصر التشريعية المؤطرة لقضايا الأخلاقية وحقوق الإنسان المرتبطة بالصحة والبحث الطبي الحيوي وكيفية تفعيلها خاصة بعد أزمة كوفيد 19 التي كشفت عن أهمية أبحاث أخلاقيات البيولوجية على المستويين الوطني والدولي. وأشارت إلى أن تقرير فعلية الولوج للصحة الذي تقدم به المجلس جاء بتوصية تهم إحداث لجنة وطنية علمية جامعة للتخصصات تعنى بتقييم القضايا الأخلاقية والعلمية المتصلة بالمشاريع والأبحاث التي تهم حياة البشر. كما شددت على أن الورشات المبرمجة خلال هذا اللقاء من شأنها أن تمكن من تحديد الصعوبات التي سجلها الفاعلون في تفعيل المقتضيات التشريعية، معتبرة أن هذه المقتضيات مرتبطة بالإصلاحات التي تسجل في مجال النظام العمومي الصحي والذي يأخذ بعين الاعتبار عدد من توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ومن جانبه، قال هشام شهيبي، ممثل وزارة العدل، إن مجال الأبحاث والتكنولوجيا في علم الأحياء والصحة بشكل عام والعلوم البيو طبية بشكل خاص قد عرف تطورا هاما، وهو ما فرض مجموعة من الرهانات والتحديات على الممارسين في هذا المجال سيما في الجانب المرتبط بحقوق الإنسان وحمايتها من بعض الإنزلاقات التي تؤدي إلى انتهاكها. وأضاف أن المملكة قد انخرطت منذ سنوات في المنظومة الدولية ذات الصلة بهذا المجال عن طريق مصادقتها على العديد من الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالحق في الصحة وحماية الكرامة الإنسانية والمعطيات الشخصية للأفراد في كافة المجالات، مؤكدا أنها عملت على ملائمة مجموعة من النصوص التشريعية مع المقتضيات الدولية تماشيا مع مقتضيات الدستور. كما أشار شهيبي إلى مجموعة من القوانين التي تم اعتمادها والمرتبطة باحترام أخلاقيات البيو طبية منها القانون رقم 16.98 المتعلق بالتبرع بالأعضاء البشرية وأخذها وزرعها والقانون 77.17 المتعلق بممارسة مهام الطب الشرعي وهو الأمر الذي يعزز السياسة الجنائية بالمغرب. ومن جهته، اعتبر ممثل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، السيد الحسن بلكبير، أن رهانات البيو أخلاقيات المرتبطة بحقوق الإنسان في مجال الصحة والأبحاث الطبية الحيوية تشكل ركائز أساسية للمبدأ العام القائل أن مصلحة الإنسان ينبغي أن تسود على مصلحة العلم أو المجتمع، مؤكدا أن هذه الرهانات الأخلاقية تساهم بشكل كبير في حماية كرامة الإنسان وحقوقه من أي تطبيق تعسفي للإجراءات والبرامج الصحية أو للتقدم البيولوجي والطبي. وتابع أن هذه الرهانات ترتبط بوضع ضوابط وتطبيق معايير خاصة بالأخلاقيات المتعلقة بالصحة والرعاية الصحية والأبحاث البيو طبية عبر الإهتمام بمواضيع متنوعة كقضايا الأخلاق المتصلة بالإنجاب والوراثة وزراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا والحق في المعلومات وحماية الأشخاص المشاركين في الأبحاث البيو طبية. أما الأخصائية في علوم البيو أخلاقيات، نزهة جسوس، فقد اعتبرت أن الحقوق البيو أخلاقية التي تتحدث عن حقوق المرضى سواء تعلق الأمر بالإخبار بالمرض أو الإستشارة وكذا المساهمين في الأبحاث العلمية وإلتزامات المؤسسات الطبية الإستشفائية، تعد من بين الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان. وأضافت جسوس أن هذه المبادئ الأخلاقية أصبحت ذات صفة دولية بعد اعلان اليونيسكو لعام 2005 المتعلق بأخلاقيات البيو طبية والذي صادق عليه المغرب. مشددة على أن لقاء اليوم يندرج ضمن عمل المجلس من أجل تحقيق ولوج جميع المواطنين والمواطنات للخدمات الصحية. يشار إلى أنه بالإضافة إلى الجلسات العامة، شمل برنامج هذه الندوة الوطنية أربع ورشات عمل موضوعاتية تتناول مختلف المجالات المرتبطة بقضايا البيو-أخلاقيات: البحث الطبي الحيوي، التبرع بالأعضاء وزراعتها، الإنجاب بمساعدة طبية ، وكذا حماية الأشخاص المصابين بأمراض عقلية.