انطلقت بمدينة تطوان، أشغال المؤتمر ال38 لصحفيي الضفتين، مساء أمس الخميس، بمشاركة صحافيين مغاربة وإسبان وخبراء وباحثين، وحضور مسؤولين ومنتخبين جهويين ومحليين، في دورة تحمل شعار: "الدبلوماسية الموازية ودورها في التقارب بين المغرب وإسبانيا". المؤتمر الذي تنظمه الجمعية المغربية للصحافة، وجمعية الصحافة بمنطقة جبل طارق (صحافيو الأندلس)، بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، يمتد على مدار 4 أيام بمدن تطوانوالفنيدقوالمضيق والرباط. وعرفت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حضور يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة ورئيس الفيدرالية الدولية للصحافيين، وعبد الكبير اخشيشن رئيس المجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة للمغربية، ومصطفى العباسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة، وخافيير مارتينيز، رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل طارق. كما عرفت الجلسة حضور منال الشيهي ممثلة عن وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، ونائب رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، توفيق البورش، ورئيس المجلس الإقليمي لتطوان، إبراهيم بنصبيح، ونائب رئيس جماعة تطوان، ناصر الفقيه اللنجري، إلى جانب برلمانيين ومنتخبين محليين. وخلال الجلسة الجلسة الافتتاحية تم تكريم الصحافي عبد العزيز المرابط، المراسل السابق لجريدة "الصحراء" و"لومتان" ووكالة المغرب العربي للأنباء، إلى جانب المستشار بجماعة تطوان، محمد الشرقاوي، الذي توفي السنة الماضي بسبب فيروس كورونا، وكان يُعد أحد أكبر داعمي هذا المؤتمر. ويعتبر مؤتمر صحفيي ضفتي البحر الأبيض المتوسط، تظاهرة إعلامية وعلمية وثقافية بين صحفيين وباحثين أكاديميين بالمغرب وإسبانيا، يهدف إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الراهنة ذات الاهتمام المشترك، ومد جسور التواصل البناء وإشاعة ثقافة الحوار بين العاملين في القطاع الصحفي والأكاديمي والبحث العلمي. وانطلق هذا المؤتمر لأول مرة سنة 1999، ويُنظم بالتناوب بين المغرب وإسبانيا، حيث يسعى إلى تقريب الصحفيين والأكاديميين الإسبان من القضايا الوطنية المغربية، وتعريفهم بخصوصيات المجتمع والمواطن المغربي، دعما للعلاقات بين البلدين والتعاون في إشعاع روح التآخي والتقارب بين الشعبين. وخلال الجلسة الافتتاحية، قدم يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة ورئيس الفيدرالية الدولية للصحافيين، عرضا افتتاحيا حول موضوع: "الديبلوماسية الموازية خارطة طريق لتحسين العلاقات بين البلدين"، فيما شهد اليوم الثاني من المؤتمر، تنظيم ورشات نقاش ومائدة مستديرة. وبعد القيام بجولة في المدينة العتيقة لتطوان، وزيارة مشاريع وأوراش بعمالة المضيقالفنيدق، يُرتقب أن يزور المشاركون البرلمان المغربي بالرباط، غدا السبت، من أجل تقريب الصحافيين الإسبان من المؤسسة التشريعية المغربية، ولقاء رؤساء فرق ومسؤولين، على أن تُعقد جلسة ختامية، صباح الأحد، لتقديم تقارير وتوصيات المؤتمر. أجيال من الصحافيين مصطفى العباسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة المشرفة على المؤتمر، قال في تصريح لجريدة "العمق"، إن الوصول إلى النسخة الثامنة والثلاثين هو في حد ذاته إنجاز غير مسبوق في أي مؤتمر أو نشاط بالمغرب، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر شاركت فيه 3 أجيال من الصحافيين منذ انطلاقه نهاية التسعينات. وأضاف المتحدث أن الدورة الحالية التي تأتي بعد سنتين من التوقف بسبب جائحة كورونا، ستعرف مرحلة أخرى بمشاركة جيل جديد من الصحافيين المغاربة والإسبان، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي هو إعطاء صورة صحيحة عن المغرب لدى الصحافيين الإسبان، والذين تطور عددهم تدريجيا وأصبح يتجاوز 30 مشاركا في كل دورة. غير أن العباسي انتقد ما اعتبره تهميشا واضحا للأنشطة والمؤتمرات التي تُنظم في تطوان، من طرف القطاعات الوزارية والحكومية، مشددا على أن تطوان لم تعد هامشا في المغرب، وتعامل المركز معها بهذا الشكل لم يعد مقبولا، خاصة من طرف الوزراء الذين يُسجل عليهم شبه غياب تام عن حضور فعاليات المدينة. وخلال الجلسة الافتتاحية، اعتبر وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، في كلمة ألقيت عنه بالنيابة، أن شعار الملتقى "يبرز الأهمية التي أصبحت تلعبها وسائل الإعلام في دعم خيارات التقارب والحوار بين البلدان والشعوب". وأوضح الوزير أن "تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات من أهم التحديات التي تواجه الإنسانية جمعاء، والتي تحتم اتخاذ مبادرات عديدة كفيلة ببناء جسور التقارب والتعارف بين الثقافات، خاصة في ظل العولمة والثورة الرقمية والتكنولوجية الهائلة التي أصبح معها العالم يعيش في إطار قرية كونية صغيرة". وأضاف في الكلمة التي تلتها نيابة عنه، المديرة الجهوية للتواصل بجهة طنجةتطوانالحسيمة، منال الشيهي، أن "وسائل الإعلام تمتلك القدرة على تيسير الحوار بين الثقافات وتقريب وجهات النظر وخلق جسور التواصل وتقوية روح التسامح والقبول بالاختلاف، لكنها في المقابل تمتلك كذلك قدرات تدميرية هائلة لكل هذه القيم إذا انزاحت عن الرسالة النبيلة المنوطة بها". واعتبر الوزير إلى أن المغرب واسبانيا تجمع بينهما علاقات قوية فرض فيها التاريخ والجغرافيا إيقاعا كبيرا على الإدراك المشترك بين المغاربة والإسبان وتمثلهم لبعضهم البعض. وأوضح أن وسائل الإعلام ساهمت في كثير من الأحيان في تغذية الشك والخوف من الآخر وتكريس الصور النمطية والذهنية السلبية، وهي لا تساعد أحيانا في مواكبة الديناميات التي يفرضها تطور العلاقات بين البلدين في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وفق تعبيره. وشدد الوزير على أن دعم الحوار والتقارب بين المغرب وإسبانيا يحتاج اليوم إلى قادة رأي وإعلاميين قادرين ومؤمنين بدور وسائل الإعلام في بناء مسارات الالتقاء والتقارب. وأضاف أن هذا الأمر رهين بتشجيع الجهود المبذولة على عدد من الأصعدة لتقوية العلاقات بين البلدين الجارين بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز فرص التنمية والازدهار في الضفتين، خاصة عبر تكثيف مثل هذه اللقاءات بين المهنيين والخبراء والمتخصصين لتسليط الضوء على مختلف الإشكاليات المرتبطة بالخطاب الإعلامي ودوره في تجسير الهوة والتقريب بين البلدين. من جانبه، قال رئيس جمعية صحفيي منطقة جبل طارق، خافيير مارتينيز، إن هذه الدورة مهمة باعتبارها محطة جديدة لاستئناف الأنشطة بين الجانبين بعد توقف دام لأكثر من سنتين بفعل جائحة كورونا، ولأن المؤتمر يتطرق لموضوع التقارب بين الضفتين، خاصة في هذه الظرفية المواتية التي تعيشها العلاقات المغربية الإسبانية. وأوضح خافيير مارتينيز أن جمعية الصحافة بمنطقة جبل طارق والجمعية المغربية للصحافة، وعلى مدى أكثر من 30 سنة من عمر الملتقيات والمؤتمرات، تشكلان نموذجا حيا لما يجب أن تكون عليه العلاقات المغربية الاسبانية والتعاون المفترض بين الشعبين، حسب قوله.