ما زال العلماء يكتشفون أسرار علاقة الإنسان بأقدم صديق حيواني له على الإطلاق، حيث يرجع العلماء تاريخ تدجين الكلاب، إلى ما بين 38000 إلى 10000 عام، إما في أوروبا أو الشرق الأوسط أو آسيا. وتتجاوز علاقة الإنسان بالكلاب تبادل المنافع المادية، تغذية مقابل خدمة حراسة، إلى مستويات أدق يتحول فيها الكلب إلى مصدر يساعد البشر في تحقيق صحتهم النفسية ومحاربة التوتر من مجرد مداعبة فرائها، حسب دراسة حديثة، كما تؤكد دراسة أخرى فعالية الاستعانة بالكلاب في أقسام الطوارئ لتخفيف الألم عن المرضى. مداعبة الكلب والصحة النفسية وجدت دراسة جديدة، حسب سي ان ان عربية، أنّ مداعبة كلب حقيقي تتغلب على احتضان دمية حيوان محشوّ، عندما يتعلق الأمر بتحفيز الجزء من الدماغ الذي يتحكم في تفكيرنا، وحل المشكلات. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، حسب نفس المصدر، قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة راهيل مارتي، وهي طالبة دكتوراه في قسم علم النفس الإكلينيكي والتدخلات بمساعدة الحيوانات في جامعة بازل في سويسرا: "اخترنا فحص القشرة الأمامية لأن هذه المنطقة من الدماغ تشارك في العديد من الوظائف التنفيذية، مثل الانتباه والذاكرة العاملة، وحل المشكلات، كما تشارك أيضًا في العمليات الاجتماعية والعاطفية". وأوضحت مارتي أنّ هذا الكشف يوفر دليلًا إضافيًا على أن تفاعلات العلاج بين الإنسان والحيوان قد تعزز النشاط المعرفي والعاطفي في الدماغ. وقالت: "إذا أظهر المرضى الذين يعانون من قصور في التحفيز، والانتباه، والأداء الاجتماعي والعاطفي انخراطًا عاطفيًا أعلى في الأنشطة المرتبطة بالكلب، فإن مثل هذه الأنشطة يمكن أن تزيد من فرصة التعلم وتحقيق الأهداف العلاجية". تضيف هذه الدراسة الأخيرة إلى الأبحاث الحالية حول فوائد العلاج بمساعدة الحيوانات في إعادة التأهيل العصبي تحت الإشراف الطبي لحالات الجهاز العصبي، مثل السكتات الدماغية، واضطرابات النوبات، وصدمات الدماغ، والالتهابات. وقال الدكتور تيفاني برالي، الأستاذ المشارك في علم الأعصاب بجامعة ميتشيغان، إنها "دراسة مثيرة للاهتمام، أجريت بدقة، وتوفر رؤية جديدة للارتباطات بين التفاعل بين الإنسان والحيوان، ونشاط الدماغ قبل الجبهية لدى البالغين الأصحاء". وتابع برالي، الذي لم يشارك في البحث الجديد: "رغم الحاجة إلى مزيد من البحث في عينات أكبر من الأشخاص الذين يعانون من حالات عصبية معينة، إلا أنّ الدراسة الحالية يمكن أن تفيد البحث المستقبلي للتدخلات بمساعدة الحيوانات لإعادة التأهيل العصبي، من خلال توفير بيانات جديدة تتعلق بنوع، وشدة، وتكرار التفاعلات الحيوانية اللازمة لتحقيق الفسيولوجية المرغوبة. أو الفوائد السريرية". واستخدم الباحثون التحليل الطيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة في الدراسة، وهو ماسح ضوئي للدماغ يوفر المرونة لأنه يعمل في الظروف الطبيعية، ولا يقتصر على غرفة مغلقة داخل المختبر. وتقيس هذه التقنية نشاط الدماغ عن طريق تشبع الدم بالأكسجين في الدماغ. قام فريق الدراسة بتجهيز كل من 19 مشاركًا بالماسح الضوئي، وطلب منهم مراقبة واحد من ثلاثة كلاب حية والتفاعل معها، واحد من سلالة جاك راسل تيرير، والثاني هجين من نوع المسترد الذهبي والبطباط، والثلاث من نوع المسترد الذهبي وفي البداية، راقب المشاركون في الدراسة إحدى الكلاب الثلاثة من بعيد في الغرفة، ثم اقترب الكلب ليجلس بجانبهم، وأخيرًا، سُمح لكل شخص بمداعبة الكلب، وتكررت هذه العملية مرتين في تواريخ لاحقة. وفي جلسات أخرى، كرر كل مشارك التسلسل ذاته مع دمية أسد محشو من القطيفة، يحتوي على زجاجة مياه ساخنة لمحاكاة درجة حرارة جسم الكلب الحي. وفي كل من السيناريوهات، ارتفع تحفيز الدماغ مع اقتراب الكلب أو الحيوان المحشو. وشرحت مارتي قائلة: "وجدنا أن نشاط الدماغ يزداد عندما أصبح الاتصال بالكلب أو الحيوان القطيفة أقرب، ما يؤكد الدراسات السابقة التي تربط الاتصال الوثيق بالحيوانات بزيادة نشاط الدماغ." ومع ذلك، وجدت الدراسة زيادة أقوى في نشاط الدماغ عندما قام الشخص بمداعبة فرو كلب حقيقي مقابل دمية الحيوان المحشو. وأضافت مارتي: "نعتقد أن المشاركة العاطفية قد تكون آلية أساسية لتنشيط الدماغ في التفاعلات بين الإنسان والحيوان"، مشيرة إلى أن دمى الحيوانات المحشوة من المحتمل أن تسبب قدرًا أقل من المودّة". وأشارت إلى أنّ النتائج تعكس تلك التي توصل إليها باحثون آخرون، والذين وجدوا المزيد من نشاط الدماغ عندما تفاعل المشاركون مع الأرانب الحية، والقطط، والكلاب، والخيول. وأوضح برالي أنّه "يمكن للإشارات غير اللفظية الإيجابية، والتفاعلات المتبادلة التي يقدمها الحيوان الحي أن تفسّر جزئيًا هذا الاختلاف". الاستعانة بالكلاب في أقسام الطوارئ تخفف الألم 43% توصلت دراسة كندية، حسب مصادر إعلامية، إلى أن قضاء 10 دقائق فقط مع كلاب علاج مدربة خصّيصاً يمكن أن يخفف الألم والقلق لدى مَرضَى الطوارئ. وأكد المرضَى الذين تمّ إدخالهم إلى أقسام الطوارئ انخفاض مستويات الألم لديهم بنسبة تصل إلى 43% بعد التفاعل مع كلب مدرب يدعى مورفي، إلى جانب انخفاض مشاعر القلق 48 %. وذكرت صحيفة ديلي ميل، حسب نفس المصادر، أنه اعتماداً على حالة وحركة المرضَى، يمكنهم التعامل مع الحيوانات الأليفة، مثل مورفي، أو جعله يرقد بجانبهم كمصدر للراحة والصداقة. وأظهرت الأبحاث السابقة، أنه حتى التفاعلات الصغيرة مع الكلاب يمكن أن تؤدي إلى إنتاج الدماغ للأوكسيتوسين، وهو هرمون يُشار إليه غالباً باسم "هرمون الحب والدفء". ولقياس تأثير الحيوانات المدربة على المرضى، أجرَى الباحثون في جامعة ساسكاتشوان تجربة لِما يقرب من 200 مريض، تمّ قبولهم في قسم الطوارئ في مستشفى الجامعة الملكية. وطُلب من المرضَى تقييم آلامهم واكتئابهم وقلقهم مرتين، مع وجود فجوة مدتها 30 دقيقة بين التقييمات. وزار كلب مدرب يدعى مورفي ما يقرب من نصف المرضَى. وأشارت الدكتورة كولين ديل، الخبيرة في الصحة ومشرفة الدراسة، إلى أن النتائج أظهرت القيمة المحتملة للكلاب في علاج مرضَى قسم الطوارئ. وقالت: «لاحظنا تغيرات مهمة في تقليل الإحساس بالألم وانخفاض مستويات القلق والاكتئاب وارتفاع الروح المعنوية مقارنة بالمجموعة التي لم يزرها الكلب المدرب». وتستخدم بعض مستشفيات هيئة الصحة البريطانية الكلاب المدربة، أحياناً، لمساعدة المرضَى الذين تتطلب حالتهم البقاء في المستشفى لفترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الحيوانات في علاج مشاكل الصحة العقلية، مثل الاكتئاب. وتنسق تلك المستشفيات مع الجمعيات الخيرية أو المتطوعين للاستعانة بالحيوانات الأليفة في الغرف والأجنحة. واستشهد الباحثون بدراسات سابقة وجدت أن مداعبة الحيوانات تطلق هرمون الأوكسيتوسين المسكن للألم، وتثبط هرمون التوتر الكورتيزول. وقالوا أيضاً، إن هناك عاملاً محتملاً آخر يمكن أن يؤثر على النتائج، ألَا وهو دور معالج الكلاب الذي يتحدث، كجزء من العملية، إلى المرضَى حول تجربتهم مع الكلاب ومدى ارتياحهم للحيوانات.