في التقرير الصادر من المكتب الدولي للشغل الموجه خصوصا للنقابات والذي يجسد خلاصات ستة عشر دراسة أنجزت منتصف سنة 2021 من طرف مكتب المهن والعمال التابع للمكتب الدولي للشغل، و التي تمحورت حول تحليل حالة العمل اللائق والفرص المتاحة في المناطق القروية في عدد من الدول وفي القطاعات الاقتصادية بإفريقيا والأمريكيتين وآسيا وأوروبا الشرقية. يشير التقرير بشكل مخيف إلى أن نسبة %80 من الفقراء يعيشون بالعالم القروي حيث يواجهون نواقص عديدة في مجالات الحكامة؛ الفوضى في العمل؛ أنظمة انتاج غير متطورة؛ ولوج محدود للخدمات العامة وأخيرا تغطية غير عادلة وغير مناسبة فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية. ويشير التقرير على أن هذه الفئة من السكان تعيش شروطا غير مؤمنة في الشغل؛ تكسب أجورا زهيدة؛ مع انعدام وغياب الاستقرار والضمانات على مستوى عملهم بالإضافة إلى عدد ساعات العمل المفرطة , على أن المرأة والشباب هم الأكثر تعرضا لهذه التجاوزات. وتحت عنوان «عجز في العمل اللائق لدى العاملين أو العمال القرويين «لخص التقرير 16 دراسة امتدت ل 15 بلدا بأفريقيا، آسيا، آسيا الوسطى، أوروبا وأمريكا اللاتينية. ومن أهم الخلاصات التي جاء بها التقرير: تعرض العاملين في المجال الفلاحي للمنتوجات الكيميائية التي تسبب مشاكل جمة على الصحة وأخطار أخرى خاصة على الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. تمثيل غير متناسب للنساء العاملات في المهن التي توصف بالهشاشة؛ وحصولهن على تعويضات زهيدة وعمل غير مؤهل كما أنهن يعانين التمييز بالمقارنة مع ما يحصل عليه الرجال بالإضافة لتعرضهن في بعض الحالات للتحرش والشطط أثناء العمل. عمل الأطفال؛ العمل تحت القوة أو التهديد والعيش تحت المديونية المزمنة يؤسس لواقع الحال بالمجال القروي حيث أن حوالي %90 من الأطفال هم معنيون بأشغال خطيرة كعاملين بالفلاحة على غرار قطاع الكاكاو وزيت النخيل والتبغ، والعمل تحت القوة أو التهديد هو واقع متأصل في قطاعات فلاحية أخرى ويرتبط بأوجه متعددة لعلاقة التبعية للعاملين مع أرباب عملهم. ضعف الحوار الاجتماعي والعقبات الكثيرة للولوج إلى الهيئات الخاصة بالعمال على قلتها وهشاشتها. في قطاعات عدة أشار التقرير أيضا إلى غياب تام للنقابات أو أنها إن وجدت تكون في مواجهة اكراهات وعقبات للتفاعل مع الهيئات المهنية الخاصة بالتجمعات الفلاحية والتعاونيات. ومن بين المجالات التي شكلت قلقا خاصا هو الحوار الاجتماعي؛ تمثيليات النساء؛ العمال الغير النظاميين؛ العمال الموسميون؛ العمال المؤقتون والمستقلون بالإضافة الى ممثلي صغار الفلاحين. اعتبار الحماية الاجتماعية من أحلام اليقظة لدى بعض الدول وعدم ملاءمتها عند دول أخرى يشكل مشكلة خاصة للعاملين في وظائف هشة شأنهم شأن العاملين بشكل غير منظم أو مؤقتين أو مياومين واللذين يشكلون الغالبية العظمى في الضيعات الفلاحية. التقرير في الأخير عرج على توصيات مهمة للمساعدة في امتصاص العجز الحاصل على مستوى العمل الغير اللائق بالمناطق القروية ومن بينها: تقوية إدارة الشغل في الاقتصادات القروية. الرفع من نسبة الحضور النقابي والمؤهلات النقابية والمنظمات التي تعنى بالعمل والعمال في الاقتصادات القروية. تأطير الشركات الغير المنظمة في شروط العمل اللائق. تطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالمكتب الدولي للشغل والمعايير الدولية الأخرى في احترام ضوابط العمل. إدماج القطاعات الإقتصادية القروية في المسارات المنظمة والمؤسساتية للحوار الاجتماعي. تقوية الاستعدادات في حال الأزمات وتوفير الحماية الاجتماعية في الاقتصادات القروية. إعطاء انطلاقة الأبحاث والتحليلات السياسية من أجل الفهم الجيد والإجابة الجيدة على احتياجات وانتظارات العمال بالمجال القروي ومنظماتهم المهنية. * عبد الكريم ناجي، باحث في ريادة الأعمال والإدماج الاجتماعي