تعيش مدن الشمال على وقع اكتظاظ وازدحامات في مختلف مرافقها العمومية والخاصة، بفعل التوافد الكبير للزوار المغاربة والأجانب من أجل قضاء عطلة الصيف على شواطئها، وهو ما يجعل شوارعها وشواطئها ومرافقها العمومية تعيش على وقع اختناقات مرورية شديدة. وتزامنا مع ذلك، تتواصل حالة الغضب والاستياء من الارتفاع "الخيالي" لأسعار كراء المنازل والفنادق والخدمات بمدن الشمال، في وقت يطالب فيه عدد من الفاعلين بتدخل السلطات لتنظيم ومراقبة الأسعار، مع ضرورة توسعة البنية التحتية لاستيعاب الأعداد الضخمة التي تتوافد على المنطقة كل صيف. وعبر مجموعة من الزوار عن تذمرهم واستيائهم من مظاهر استغلال هذا الإقبال الكبير من طرف بعض السماسرة وأصحاب المشاريع لرفع أسعار كراء الشقق بشكل خيالي وبدون جودة في العرض، مع فرض حد أدنى لمدة الكراء، وسط مطالب بضرورة حماية السياحة الداخلية من تصرفات وسوء تنظيم يعيقان تطورها. "اختناقات" تشهد مدن تطوان وطنجة والمضيق والفنيدق ومرتيل وشفشاون ووادلاو والمناطق المحيطة بهم، منذ عيد الأضحى وإلى غاية اليوم، إقبالا كبيرا للزوار المغاربة القادمين من مختلف المدن، إلى جانب أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج. هذا الإقبال الذي يفوق القدرات الاستعابية لبعض مدن الشمال، يتسبب في اختناقات مرورية حادة تستمر لساعات، خاصة خلال نهاية الأسبوع، إذ عاينت جريدة "العمق"، بشكل متكرر، اختناقات مرورية على مستوى الطرق الرابطة بين تطوان وطنجة، تطوان وواد لاو، تطوان والمضيق ومرتيل والرأس الأسود "كابونيكرو". فعلى مستوى الطريق الوطنية الرابطة بين تطوان ووادلاو، على سبيل المثال، تشهد بشكل يومي اختناقا مروريا يمتد على طول يصل أحيانا إلى 20 كيلومترا، خصوصا ما بين جماعتي أزلا وزاوية سيدي قاسم "أمسا"، وهو ما جعل طوابير السيارات مشهدا معتادا بالمنطقة، خاصة أيام الجمعة والسبت والأحد. وأمام هذا الوضع، تزيد حوادث السير من حدة الاختناقات المرورية، حيث يتطلب وصول عناصر الأمن أو أفراد الدرك الملكي، إلى جانب سيارة الإسعاف، إلى مكان الحادثة، وقتا طويلا. وبتطوان، المدخل الرئيسية لزوار شواطئ البحر الأبيض المتوسط، تعرف طرقات المدينة ازدحاما شديدا، خاصة في تقاطعات المحطة الطرقية والرمانة ورياض العشاق و"بومبا الشعايري" ومرجان. وتعيش المحطة الطرقية لتطوان حالة اكتظاظ كبيرة، في حين يشتكي بعض المسافرين من قلة عدد الحافلات مقارنة بعدد المسافرين الذين يضطر عدد منهم إلى المبيت داخل المحطة في انتظار وصول حافلات تقلهم إلى مدنهم، في ظل عدم وجود خط سككي بالمدينة أو طريق سيارة. كما توثق صور وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، حجم الاكتظاظ في شوارع وشواطئ المدن الشمالية، خاصة بكورنيش مرتيل والمضيق ووادلاو، إلى جانب شوارع وساحات وأسواق تطوان. "استغلال" وفي الوقت الذي تستفيد منه منطقة الشمال، بشكل لافت، من ارتفاع نسبة السياحة الداخلية وانتعاش الاقتصاد المحلي خلال فصل الصيف، فإن بعض السلوكات الاستغلالية المتعلقة برفع أسعار الخدمات المقدمة للزوار، تسيء إلى صورة المنطقة وتدفع مجموعة من الزوار إلى تغيير برامجهم في العطلة. إذ يشتكي عدد كبير من الزوار والمصطافين من ارتفاع أسعار المنازل المعدة للكراء والفنادق، إلى جانب أسعار خدمات المطاعم والمقاهي، بل وحتى تسعيرة النقل عبر سيارات الأجرة الكبيرة التي وصلت إلى الضعف ببعض الخطوط. وتتراوح أسعار بعض الشقق ما بين 500 و1000 درهم لليلة الواحدة بمرتيل والمضيق ووادلاو، بعدما كانت تتراوح ما بين 250 إلى 400 درهم قبل عيد الأضحى، في حين تجاوز سعر كراء شقة صغيرة عادية في مناطق قروية مثل تارغة والجبهة، 400 درهم لليلة. وينتقد متضررون مما يعتبرونه استغلالا للتوافد الكبير للزوار على المدن الشمالية لرفع الأسعار من طرف السماسرة وبعض أصحاب المشاريع بالمنطقة، محذرين من أن هذه التصرفات ستضر بالصورة السياحية للمنطقة وستنسف المجهودات المبدولة لتطوير السياحة الداخلية. وشدد متتبعون على أن كراء الشقق لا يتم بطريقة معقلنة خاصة في ظل غياب العقود، وسط مطالب إلى وزارة السياحة والجهات المسؤولة بضرورة التدخل لتنظيم هذا التوافد السياحي على مدن الشمال، بما يحمي مصالح الزوار من جهة، وأصاحب المنازل المكتراة والمشاريع المحلية من جهة أخرى. وتعود إلى الواجهة المطالب التي تنادي بضرورة إشهار الأسعار في مختلف الخدمات المقدمة للوافدين، وتشجيع وتنظيم عمل وكالات الأسفار ووكالات الكراء حتى لا يبقى التعامل في هذا المجال يتم مع "المجهول"، مع ضرورة الضرب بيد من حديد على العابثين بالأسعار، بالنظر إلى كون هذه السلوكات تدفع السائح المغربي يفكر في عدم العودة مجددا إلى المنطقة. كما تبرز دعوات موجهة إلى الحكومة والفاعلين الاقتصاديين من أجل الاستثمار في البنية التحتية للشمال لكي تصبح في مصاف المناطق السياحية الرائدة عالميا، خاصة أن شمال المملكة تضاهي مناطق ساحلية أوروبية مماثلة من حيث الجمالية والمنتوج السياحي. ويرى متتبعو الشأن المحلي أن شواطئ الشمال تحتاج إلى إعادة هيكلة حقيقية من أجل مواكبة الطلب على المنطقة، منتقدين سياسة تشييد الفيلات والإقامات الفاخرة ل"أصحاب النفوذ" في مناطق استراتيجية بشواطئ الشمال، وهو ما يزيد من معاناة الفئات المتوسطة والفقيرة أثناء بحثها عن منازل أو فنادق بأسعار مناسبة. وبرغم أن البنية التحتية بالمنطقة تطورت بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، إلا أن فاعلين اقتصاديين يشددون على ضرورة إنجاز إصلاحات وتشجيع إنشاء الفنادق وتوسعة الطرق ووضع فضاءات للتسلية ليستفيد الجميع من العطلة.