سبتة ترفض مقترحا لحزب "فوكس" يستهدف المهاجرين والقاصرين    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية    فتح تحقيق في محاولة تصفية مدير مستشفى سانية الرمل تطوان    الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل سيدخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء    الأمن يحبط عملية بيع حيوانات وزواحف من بينها 13 أفعى من نوع كوبرا في الناظور ومراكش    العلمانية والإسلام.. هل ضرب وزير الأوقاف التوازن الذي لطالما كان ميزة استثنائية للمغرب    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يهزم الرجاء بعقر داره في افتتاح مباريات دور المجموعات    الملك محمد السادس يوجه رسالة إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف    إسرائيل توافق على وقف إطلاق النار في لبنان بدءا من يوم غدٍ الأربعاء    المغرب يستعد لإطلاق عملة رقمية وطنية لتعزيز الابتكار المالي وضمان الاستقرار الاقتصادي    لجنة الحماية الاجتماعية تجتمع بالرباط        تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. وفد من القوات المسلحة الملكية يزور حاملة الطائرات الأمريكية بساحل الحسيمة    بنسعيد: "تيك توك" توافق على فتح حوار بخصوص المحتوى مع المغرب        هيئة حقوقية تنادي بحماية النساء البائعات في الفضاءات العامة    وفاة أكبر رجل معمر في العالم عن 112 عاما    "نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    الجنائية الدولية :نعم ثم نعم … ولكن! 1 القرار تتويج تاريخي ل15 سنة من الترافع القانوني الفلسطيني    لحظة ملكية دافئة في شوارع باريس    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية        الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    توقيف فرنسي من أصول جزائرية بمراكش لهذا السبب    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفوق الفتيات على الذكور في نتائج الامتحانات – محاولة للفهم والتفسير-
نشر في العمق المغربي يوم 03 - 07 - 2022

صار من المألوف عند نهاية كل سنة دراسية أن تكشف نتائج الامتحانات تفوقا واضحا للفتيات على الذكور، بحصولهن على أعلى المعدلات، ليس في المغرب فقط، بل في العديد من الدول عبر العالم. وقد حمل تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)المنجز في إطار تقويم (PISA) التي تجريه فيعدد من الدول المنتمية للمنظمة، ويهم تقييم مستويات التلاميذ في القراءة والرياضيات والعلوم، حمل هذا التقرير معطيات تفيد أن النتائج التي يحققها الذكور إلى حدود سن 15 تكون في الغالب أضعف من نتائج الإناث، حيث لم يتمكن 14% منهم من بلوغ النتائج المرجوة، في مقابل 09% فقط من الفتيات، وعزى التقرير هذا التباين إلى كون الذكور أقل التزاما داخل المؤسسات التعليمية، وأن الفتيات يتجاوزنهم بساعة واحدة على الأقل كمعدل في إنجاز الواجبات المدرسية، في الوقت الذي ينشغل فيه الذكور بألعاب الفيديو وغيرها.
ويعتبر عدد من المتتبعين أن الأمر لم يعد يقتصر على حالات هنا وهناك، بل صار أقرب إلى الظاهرة التي ما فتئت تتكرر وتترسخ سنة بعد أخرى، الأمر الذي دفع بعض المختصين إلى محاولة تفسيرها وتحليل أسبابها، ومن بين هؤلاء السوسيولوجي الفرنسي (Arthur Imbert) الذي أعتبر أن من أسباب ذلك هو تنامي شعور الفتيات أن بلوغ مناصب أفضل في المجتمع يستدعي منهن بذل مجهودات أكبر في الدراسة والتحصيل العلمي، أما (Christian Baudelot) و(Roger Establet)، فيذهبان إلى أن الأمر يعود إلى تنشئة البنات التي تقوم أكثر على الانقياد والإنصات والتلقي، وهي نفسها المفاهيم السائدة في الوسط المدرسي، مما يجل الفتيات أكثر تقبلا وتقيدا بالقواعد المعتمدة داخل المدرسة، وأكثر التزاما بالتعليمات والتوجيهات المقدمة من الأساتذة والإدارة المدرسية، لذا فهن أكثر استعدادا للتحرك داخل منظومة القواعد المدرسية المضبوطة والمنظمة، عكس الذكور الذين ينجذبون أكثر لما يروج من قواعد اجتماعية خارج المدرسة، حيث تؤطرهم قيم ذكورية تغلب عليها ثقافة الرفض والتفلت والعنف وإظهار القوة، بدل ثقافة القبول والانصياع.
ولعل ما يفسر بعضا مما ذهب إليه الباحثان في نظري، أن الأساتذة والفاعلين التربويين عموما يرصدون من خلال تتبع نسب المواظبة داخل المدرسة، أن الفتيات يكن في الغالب أكثر انضباطا وأقل تغيبا من الذكور، وأكثر حرصا على القيام واجباتهن المدرسية، بل هن الاكثر التزاما بالأنظمة الداخلية وقواعد السلوك داخل الفصول الدراسية، لذا أفترض أن المعطيات الإحصائية المتوفرة لدى الإدارات المدرسية ستكشف حتما أن قلة قليلة جدا من الفتيات من يحلن على المجالس الانضباطية، عكس الذكور الذين لا يمكن أن تمر سنة دراسية دون رصد حالات الإحالة بينهم.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن البعض سعى منذ سنوات إلى رصد ما يمكن أن يكون حاصلا من تباينات أو فروق طبيعية بين الذكور والإناث على مستوى تركيبة المخ أو نشاط الدماغ، غير أن كل الأبحاث البيولوجية والعصبية أكدت غياب أي مؤشرات دقيقة تثبت تلك الفروق بين الرجل والمرأة عموما، وأن أي فرضية على هذا المستوى لم يتم إثباتها بشكل قاطع، صحيح أن البعض يذهب لوجود فروق عاطفية ونفسية بين الجنسين تجعل كلا منهما مختلفا عن الآخر في تصريف مواقفه وانفعلاته وتعاطيه مع الأشياء والظواهر، لكن لا أحد يستطيع -في غياب معطيات علمية ثابتة- أن يجزم بوجود تلك الفروق والتباينات وحدودها، ولا بعلاقتها -إن وجدت- بالاستعدادات الذهنية والمؤهلات العقلية لكل جنس.
وتبقى بعض التفسيرات السوسيونفسية- في تقديري- الأجدر بالتأمل والنظر، رغم حاجتها هي أيضا للتمحيص العلمي وفق قواعد البحث المعتمدة في هذا المجال.
وفي هذا السياق، أود أن أثير الانتباه إليه إحدى العوامل التي أفترض أن لها دورا مقدرا في تفسير تفوق الإناث على الذكور، ويتعلق الأمر في نظري في التأثير الذي يمكن أن تلعبه التنشئة الاجتماعية والأسرية، فالملاحظ أن الفتيات لا يخضعن لنفس نمط التنشئة الذي يخضع له الذكور، وهو ما قد يؤثر على طبيعة شخصية كل منهما، إذ تنشأ الفتاة منذ حداثة سنها في وسط يدفعها، بشكل أو بآخر، للقيام بمهام وأدوار متعددة، إذ في الغالب ما تحاول تقليد أمها في ما تقوم به من أعمال منزلية، ولو على سبيل اللعب (طبخ، كنس، تنظيف، صنع حلويات، ترتيب، الخ...)، فضلا عن اللعب وإنجاز الواجبات المدرسية، وهو ما لا نلحظه لدى الذكور الذين يقضون معظم أوقاتهم في اللعب، وفي أحسن الأحوال يميلون للقيام بمهمة منزلية واحدة تنحصر غالبا في القيام بمهمة خاطفة كاقتناء بعض الحاجيات من محل البقالة القريب والعودة إلى المنزل، تلك العودة التي قد تأخذ ساعات بسبب الاستغراق في اللعب، مستغلين ما يمنح لهم من مساحات إضافية للتواجد خارج المنزل، قد تبدو هذه الصورة بسيطة، لكنها في نظري قد تشكل علامة فارقة في تحديد بعض من ملامح شخصية الطفل/التلميذ(ة)، كيف ذلك؟
إن قيام الفتاة منذ صغرها بمهام وأدوار متعددة داخل البيت، ونجاحها في إتقانها مجتمعة بفضل الدربة وطول المراس، يجعلنا بعد سنوات معدودة أمام شخص مؤهل للقيام بعدة أعمال في وقت متزامن والنجاح فيها، مما يجعلنا أمام شخصية متعددة التخصصات (poly-disciplinaire)، عكس الذكر الذي لا ينشأ على القيام بمهمة واحدة، مما يجعلنا أمام شخصية أحادية التخصصات (mono-disciplinaire)، لذا لا يبدو مستغربا أن نجد أنفسنا أمام تلميذات قادرات على التفوق في كل المواد الدراسية بشمل متزامن ودون التمييز بينها، إذ تسعى الفتاة في الغالب إلى الحصول على أعلى الدرجات في الرياضيات والعلوم والفلسفة واللغات والفنون والإعلاميات، في وقت يميل معظم الذكور للتركيز على مادة أو اثنتين على الأكثر، مبدين نوعا من عدم الاكتراث بالمواد والمكونات الأخرى، بل ويقنع بعضهم بعضا أن لا حاجة للانشغال بالمواد الذي تتطلب الحفظ أو الاستظهار مثلا، ولعل هذا ما يفسر في نظري أن تحصل الفتيات على معدلات مرتفعة في مجالات معرفية ومهارية مختلفة علمية كانت أم أدبية، في وقت يسيج الذكور أنفسهم في سياج التصنيفات المسبقة (علمي/ تقني/أدبي... الخ).
لكن بالمقابل، وعلى عكس المسار المدرسي الموسوم بالتفوق والغلبة، قد تؤدي عدد من الفتيات الثمن غاليا في الدراسات العليا، حيث تميل الكفة لصالح الذكور بعد أن يكون الإجهاد قد بلغ من الإناث مبلغه، إذ غالبا ما يستفيد الذكور في هذه الحالة من عاملين اثنين؛ الأول هو استفادتهم من الاقتصاد في المجهود الفكري طيلة سنوات التعليم المدرسي، والعامل الثاني، وهو الأهم، أن خصوصيات التعليم العالي أقرب إلى الطبيعة الأحادية التي يتميز بها الذكور، والتي أشرنا إليها سابقا، حيث لم يعد هناك تعدد في المجالات والحقول المعرفية، إذ التخصص هو سيد الموقف (طب/ هندسة مدنية / معلوميات ميكانيك/ ... الخ)، وهنا تبدأ الانطلاقة الحقيقية للذكور، ولعل هذا ما يفسر هيمنة الذكور على معظم المراكز العلمية والأكاديمية في الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث ليس في المغرب فقط بل في العالم كله، فهل تؤدي الفتيات ضريبة البدايات الاي أرست معالمها ثقافة المجتمع والأسرة؟
لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال مالم يخضع كل ما سقناه لمشرحة البحث العلمي وفق قواعده المنهجية الصارمة، وهذا مما يفترض أن تقوم به السلطات التربوية ومراكز الدراسات والمؤسسات البحثية والجامعات وغيرها.
في انتظار ذلك، لا يسعنا ككل سنة إلا أن نهنئ مرة أخرى الإناث على تفوقهن.
حسن عديلي مفتش تربوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.