تفيد الإرشادات الجديدة التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية السنة الماضية أن الذكاء الاصطناعي يفتح فرصا جمة تبشّر بتحسين تقديم خدمات الرعاية الصحية والأدوية في العالم. ويمكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين سرعة تشخيص الأمراض وإجراء الفحوصات ودقتهما، كما هي الحال في بعض البلدان الغنية التي بدأت في استخدامه؛ والمساعدة في الرعاية السريرية؛ وتعزيز الأبحاث الطبية وتطوير العقاقير؛ ودعم شتى تدخلات الصحة العامة مثل ترصد الأمراض، والاستجابة للفاشيات، وإدارة نظم الصحة. ويمكن أيضا للذكاء الاصطناعي أن يمكّن المرضى من التحكم بقدر أكبر في رعايتهم الصحية وتعميق فهمهم لاحتياجاتهم المتطورة. ويمكنه أن يساعد على سد النقص في الحصول على الخدمات الصحية في البلدان والمجتمعات المحلية التي تعوزها الموارد ويغلب فيها أن يقيّد وصول المرضى إلى العاملين في الصحة والمهنيين الطبيين. المزايا الكبيرة التي ينطوي عليها اقتحام الذكاء الاصطناعي لمجال الصحة تبشر بإحداث ثورة في هذا المجال، ولعل الدراسة الجديدة التي أبرزت الدور الحيوي الذي يمكن أن يعلبه الذكاء الاصطناعي في تشخيص أمراض الخرف خير دليل على ذلك. كما تعتبر دعوة كتاب علمي صدر حديثا إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي في محاربة الأوبئة عنوانا للأدوار الريادية التي يمكن أن يعلبها في توفير الأمن الصحي للبشرية، وبالطبع إذا احترمت توجيهات منظمة الصحة العالمية في هذا المجال. الذكاء الاصطناعي يدخل مجال تشخيص أمراض الخرف يكثف الخبراء جهودهم بمجال توظيف الذكاء الاصطناعي، في سبيل الوصول إلى رعاية طبية أفضل للأشخاص الذين يعانون من فقدان الذاكرة أو ضعف الأداء الإدراكي حسب سكاي نيوز عربية، تقول دراسة جديدة، أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة بوسطن، ونشرت يوم الاثنين، في مجلة "ناتشر كومينيكيشن": إن المحاولات مستمرة في سبيل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتشخيص الخرف. وقال "فيجايا كولاشالاما"، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ المساعد للطب وعلوم الكمبيوتر في جامعة بوسطن: إن دراسته تهدف إلى استخدام نماذج الكمبيوتر للمساعدة في الممارسة السريرية، للتقليل من العبء الملقى على كاهل الأطباء. من جانبه، وصف عالم النفس العصبي ستيفن راو، النتائج بالمشجعة، منوهاً إلى أنها ليست نهائية وتحتاج لمزيد من التطوير، حيث أنها لا تتضمن بيانات عن تحليل السائل النخاعي واختبارات الدم، وبالتالي لايزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحديد قيمة الأداة الفعلية. وتشير الدراسة إلى أنه يتم تشخيص ما يقرب من 10 ملايين حالة جديدة من الخرف سنوياً حول العالم. وقال كولاشالاما: "يجب تقييم حالة المريض على عدة مستويات مختلفة، لإجراء التشخيص اللازم وتحديد سبب الخرف". ولتحقيق ذلك، لجأ الباحثون لتصميم نماذج حاسوبية قادرة على استيعاب كميات كبيرة من البيانات التي يمكن جمعها خلال تشخيص إصابة المريض بالخرف. وتشمل البيانات نتائج الاختبارات العصبية والنفسية والوظيفية، والتاريخ الطبي، والفحص البدني، والتركيبة السكانية، ومسح التصوير بالرنين المغناطيسي. وأضاف كولاشالاما: شاركت مجموعة من 24 طبيبا، 17 منهم اختصاصي أعصاب، وسبعة أطباء أشعة متخصصين في التصوير العصبي، في دراسة مقارنة وجهاً لوجه مع نماذج الذكاء الاصطناعي. وأكمل قائلاً: تم إعطاء الأطباء ونموذج الكمبيوتر مجموعة متطابقة من 100 مريض وطُلب منهم تقديم التشخيصات باستخدام نفس المعلومات، وكانت دقتها متشابهة. ويأمل الباحثون على مدى العامين المقبلين في تقييم كيفية تشخيص الخرف عن طريق الذكاء الاصطناعي في بلدان أخرى غير الولاياتالمتحدة وأستراليا. كتاب جديد يدعو إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي في الحرب ضد الأوبئة يخلص كتاب علمي جديد، حسب قناة الحرة، إلى أن الحل لوقف الفيروسات والأوبئة التي تسبب أزمات صحية كبيرة على غرار فيروس كورونا المستجد قد يكون في فهم ودراسة مليارات الكائنات الصغيرة التي تنتشر في الطبيعة، وهي المسؤولة عن الأمراض التي عاشها ويعيشها العالم. ونشرت وكالة "بلومبرغ" تقريرا بتصرف عن كتاب "البشر ضد الميكروبات"، يؤكد أن هذه الكائنات تنتشر بهدوء في الطبيعة أو داخل الحياة البرية وهي التي تسبب الأمراض والفيروسات. وبعد فيروس كورونا وما سببه في العالم، يتوقع الكتاب أن يركز العلماء عملهم على هذه الكائنات، وهي ميكروبات مجهرية تتكاثر وتنشر الفيروسات في كل أنحاء الأرض. ويدعو الكتاب إلى ضرورة الاستثمار في نظام للمراقبة طويل الأمد لفهم كيفية تصرف هذه المخلوقات المجهرية والمخاطر التي تشكلها. والمكاسب المحتملة من كشف الأسرار الجينية للميكروبات تتجاوز الوقاية من الوباء، بل تشمل أيضا جميع التحديات الحضارية الكبيرة المقبلة مثل الأمن الغذائي، والأسلحة البيولوجية، وصحة المحيطات، وتغير المناخ، على سبيل المثال لا الحصر، بحسب التقرير الذي أعدته الوكالة. ولفهم هذه الكائنات المجهرية وفحص طبيعتها وعملها، يدعو الكتاب إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، الذي أثبت أنه عنصر مهم في مكافحة الأمراض والأوبئة، وسيلعب دورا محوريا في المستقبل. وينقل التقرير كيف أن الذكاء الاصطناعي ساعد مثلا في أوائل عام 2020، في اكتشاف مضاد حيوي فريد من نوعه فعال ضد السلالات الخطرة من بكتيريا الإشريكية القولونية والسل المقاوم للأدوية، على يد فريق بقيادة عالم الأحياء الاصطناعية جيمس كولينز في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولاياتالمتحدة. وهناك عنصر آخر، بحسب التقرير، في الحرب ضد هذه الكائنات المجهرية وهو الهندسة الحيوية التي تعمل على تعطيل نواقل الأمراض الحيوانية. ويشير التقرير إلى أن العام الماضي، شهد إطلاق شركة بريطانية للتكنولوجيا الحيوية بعوضا معدلا وراثيا في الهواء لقمع نوع من البعوض يسمى الزاعجة المصرية، والذي ينقل فيروس زيكا وحمى الضنك وينتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم. وبينما يعمل صانعو اللقاحات على استهداف متحورات جديدة للفيروس المسبب لكوفيد-19، يتطلع العلماء إلى أبعد من ذلك ويبحثون عن لقاح شامل قادر على مهاجمة السلالات المستقبلية لكورونا أو حتى درء جائحة أخرى. بشرط احترام الأخلاقيات وحقوق الانسان وتشدد منظمة الصحة العالمية، حسب تقرير في موقعها الرسمي، أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة رهين بوضع الأخلاقيات وحقوق الإنسان في صلب تصميمه واستخداماته. والتقرير بشأن الأخلاقيات وحوكمة الذكاء الاصطناعي لأغراض الصحة هو ثمرة عامين من المشاورات التي عقدها فريق خبراء دوليين عيّنتهم المنظمة. وقال المدير العام المنظمة، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، حسب نفس المصدر، "على غرار كل تكنولوجيا جديدة، ينطوي الذكاء الاصطناعي على إمكانات ضخمة تؤهله لتحسين صحة ملايين الأفراد في العالم، بيد أنه قد يساء استخدامه وقد يتسبب في إلحاق الضرر، شأنه شأن كل تكنولوجيا". ووضعت المنظمة تقريرا يتيح للبلدان دليلا عن كيفية تحقيق الاستفادة القصوى من منافع الذكاء الاصطناعي والعمل في الآن ذاته على التقليل إلى الحد الأدنى من مخاطره وتجنب محاذيره.