أثار قرار وزارة التعليم العالي بالاتجاه نحو تخفيض مدة التكوين في مجال الطب من 7 سنوات إلى 6 سنوات، والرفع من عدد المقاعد البيداغوجية المفتوحة في وجه الطلبة في كل من كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان، (أثار) جدلا كبيرا بين الأطباء العاملين في القطاع والنقابيين والمهنيين فيه. وأجمعت أغلب ردود الأفعال على أن هذا القرار المرتقب ليس حلا للرفع من أعداد الخريجين وتعزيز الإمكانات والقدرات الطبية الوطنية، معتبرين أن هذا الأمر من شأنه التأثير بصفة مباشرة على جودة التكوين. وفي هذا الصدد، اعتبر بدر الدين الدسولي، رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، أن "عددا من القرارات التي اتخذت بعيدة كل البعد عن الواقع الصحي في المغرب"، مشيرا إلى أن "تقليص مدة التكوين من 7 إلى 6 سنوات قرار لا فائدة منه ولن يساهم في الارتقاء بالمنظومة الصحية". وأوضح الدسولي، في تصريح لجريدة "العمق" أن "الطالب في السنة السابعة من التكوين الدراسة في كليات الطب بمختلف أنواعها يشتغل كطبيب في أحد المستشفيات ويعمل على تفادي النفص الحاص في القطاع الصحي بالمغرب، مشددا على أن هذه السنة الأخيرة هي سنة محورية في برنامج تكوينه تساعده على صقل مهاراته وتطبيق ما تعلمه في السنوات الماضية وممارسة مهنة الطب على أرض الواقع". وحمّل المتحدث ذاته وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي مسؤولية القرارات التي وصفها ب"العشوائية" التي تتخذ في القطاع الصحي، معتبرا أن الدولة ترغب باتخاذها لقرار تقليص مدة التكوين في سلب صفة "دكتور" عن الطالب الذي سيتوفر عندئذ على دبلوم "الماستر" فقط، مشيرا إلى أن هذا الأمر قد يتغير فقط في حال إجراء تعديل على نظام التكوين بالمغرب. كما شدد الدسولي على أن هذا القرار من شأنه تعميق أزمة هجرة الأطباء المغاربة نحو الخارج، مذكرا بما خلصت إليه دراسة بريطانية حديثة تفيد بأن 300 طبيب مغربي يهاجرون المملكة المغربية بعد تخرجهم، بمعدل 1 على كل 3 أطباء. واعتبر رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر أن الدولة أجهزت على القطاع الصحي العمومي بالمغرب بفعل "القرارات العشوائية" التي أضرت به وأثرت على جودته وعلى ولوج المواطنين للمستشفيات والمستوصفات العمومية، مشيرا إلى أن الدولة في طريقها أيضا للقضاء على نقاط الضوء القليلة في القطاع الصحي الخاص. من جانبه، اعتبر المنتظر العلوي، الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، أن قرار تقليص مدة تكوين مدة الأطباء، يهم الطلبة بالدرجة الأولى لأنهم المعنيون بصفة مباشرة بهذا القرار، إضافة للهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء. وأشار العلوي، في تصريح لجريدة "العمق"، أن النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بالمغرب، كان يشغلها بالأساس خلال الفترة الماضية الاتفاق الذي وقع مع الحكومة، بشأن تحسين ظروف اشتغال الشغيلة الصحية، مؤكدا أن النقابة ستبلور قريبا قرارها الرسمي بخصوص موضوع تقليص مدة تكوين الأطباء من 7 إلى 6 سنوات. وفي السياق ذاته، وجهت عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، حنان أتركين، سؤالا كتابيا لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، حول أسباب مقترح تقليص المدة المخصصة للتكوين الطبي من سبع إلى ست سنوات. وأشارت أتركين إلى أن وزارة الصحة اقترحت تقليص المدة المخصصة للتكوين الطبي من سبع إلى ست سنوات، وذلك بهدف مواجهة الخصاص المسجل في الموارد البشرية الطبية لا سيما في قطاع الأطباء، لكن دون توضيح رؤيتها بخصوص هذا الموضوع، وبخصوص مآل التكوين الطبي بعد انقضاء الست السنوات المخصصة له. وشددت البرلمانية عن "البام" أن "هذا الإشكال يأتي لينضاف إلى جملة من الإشكالات التي يعاني منها التكوين الطبي، والتي ستؤثر على تكوين الأطباء وتحصيلهم العلمي، إن لم يتم إيجاد حلول آنية ومعقولة لها، مما سيؤثر لا محالة على استعداد هؤلاء الطلبة لممارسة مهنة على مستوى كبير من التعقيد في تلقيها النظري وممارستها العملية". يشار إلى أن الحكومة تتجه نحو تخفيض مدة التكوين في مجال الطب من 7 سنوات إلى 6 سنوات وذلك قصد الرفع من أعداد الخريجين وتعزيز الإمكانات والقدرات الطبية الوطنية لإنجاح تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية. وبحسب مذكرة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، موجهة إلى رؤساء الجامعات العمومية، حول تعزيز التكوين في ميادين الطب والصيدلية وطب الأسنان، فإن وتيرة تكوين الأطر الطبية كما هي عليه حاليا لن تمكن من بلوغ أهداف الاستراتيجية الوطنية للارتقاء بالمنظومة الصحية، وكذا الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية. وزادت المذكرة، أنه وقصد الرفع من أعداد الخريجين وتعزيز الإمكانات والقدرات الطبية الوطنية التي يقتضيها إنجاح هذا الورش، ارتأت الحكومة إمكانية مراجعة مدة التكوين في الطب من 7 إلى 6 سنوات والرفع من عدد المقاعد البيداغوجية المفتوحة في وجه الطلبة في كل من كليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان. وبالموازاة مع ذلك، سيتم رصد الإمكانات المادية والبشرية الضرورية لمواكبة هذا الورش الإصلاحي، وذلك وفق برنامج تعاقدي بين الحكومة والجامعات وكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان.