أعربت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، عن قلقها إزاء ما أسمته "هيمنة" و"تغول" الأغلبية الحكومية والبرلمانية، منتقدة "استقواء"، الأغلبية ب"المنطق العددي الضيق على حساب الاستناد إلى المنطق الديمقراطي الذي يُعلي من شأن التعددية ويَصُونُها". وأكدت المعارضة، خلال ندوة صحافية، الاثنين، بمجلس النواب، بمناسبة اختتام الدورة الخريفية، أنها أمام هذا الوضع غير السليم قررت المبادرة إلى توحيد جهودها والتنسيق في ما بينها، لأجل التصدي لانزلاقات وانحرافات الأغلبية، وإثارة الانتباه إلى خطورة ذلك على الخيار الديمقراطي وعلى التقيد بروح الدستور ومنطوقه، وكذا على التأويل الديمقراطي للنظام الداخلي لمجلس النواب. وبعدما نبهت إلى "الممارسات غير الديمقراطية للأغلبية"، دعت إلى "ضرورة صَوْنِ التعددية السياسية والتوازن والتكامل المؤسساتيين خدمة للأفق الوطني المشترك"، مبدية قلقها إزاء التضييق، وعدم تمكينها من المساحة الزمنية الكافية واللازمة لممارسة مهامها التشريعية وأدوارها الرقابية، مع استحواذٍ يكاد يكون كُلِّياًّ للحكومة والأغلبية البرلمانية. وانتقدت المعارضة، المكونة من فرق الاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، التخلف عن الموعد الدستوري لعقد جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة في مجال السياسة العامة. في السياق ذاته، سجلت المعارضة عدم تجاوب الحكومة مع طلباتها للتحدث في مواضيع عامة وطارئة تستلزم إلقاء الضوء عليها وإخبار الرأي العام الوطني بها، وذلك طبقا للمادة 152 من النظام الداخلي للمجلس، إضافة إلى غياب عدد من الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية، واكتفاء الحكومة بتقديم عددٍ هزيل جدا من الأجوبة على الأسئلة الكتابية التي تَوَجَّهَ بها أعضاءُ مجلس النواب. وأبدت فرق ومجموعة المعارضة قلقها من التعطيل العملي لأشغال اللجان الدائمة، من خلال رفض الحكومة، بشكلٍ ممنهج وغير مفهوم وغير مبرر، على حد تعبيرها، حضور الاجتماعات التي تطلب فرق ومجموعة المعارضة عقدها لمناقشة قضايا ذات أهمية وراهنية. إلى ذلك اتهم رؤساء فرق المعارضة، تجاهل الحكومة للمبادرات التشريعية المهمة المتمثلة في مقترحات القوانين التي تقدمت بها المعارضة، والتي بلغت 59 مقترح قانون، بما يفوق 85 في المائة من مجموع المقترحات، مسجلة هزالة الأداء التشريعي للحكومة خلال الدورة الخريفية. وفي هذا الإطار، قالت المعارضة، إن عدد مشاريع القوانين المصادق عليها بمجلس النواب لم يتجاوز 3 نصوص تشريعية (قانون المالية لسنة 2022، قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة 2019، القانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا) و14 اتفاقية. بخصوص إقدام الحكومة على سحب مشاريع قوانين، أشارت المعارضة إلى أن هذا السحب تم بدون تفسير أو تبرير أو توضيح أو تشاور، من قبيل مشروع القانون الجنائي، ومشروع قانون التغطية الصحية، ومشروع قانون الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة ومشروع قانون المناجم،وذلك من غير تحديدِ مصير هذه النصوص الهامة ولا أيِّ أفق زمني لإعادة إيداعها في ظل عدم توفر الحكومة على مخطط تشريعي. وسجلت حرمان الرأي العام من متابعة أشغال اللجان الدائمة برفض رفع السرية عن اجتماعاتها في حدود المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، وكذا عدم اتخاذ إجراءات عملية لتفعيل الترجمة الفورية إلى اللغة الأمازيغية، لتمكين كافة الشعب المغربي على قدم المساواة من حق متابعة أشغال المجلس. وانتقدت المعارضة تجاوز رئيس الحكومة للبرلمان باستعمال الإعلام العمومي في تقديم حصيلة عمل حكومته خلال 100 يوم، وكذا نهجُ الحكومة لسياسة التبرير إزاء المنحى المُقلق لارتفاع أسعار المحروقات وأثمنة معظم المواد الاستهلاكية الأساسية، وعدم التدخل لضبطها. في السياق ذاته، عابت المعارضة على الحكومة، تأخرها في اتخاذ إجراءات عملية استباقية لمعالجة أزمة الماء التي تلوح في الأفق القريب سواء تعلق الأمر بمياه السقي أو بالماء الصالح للشرب في عددٍ كبير من مناطق بلادنا. ونبهت فرقُ ومجموعةُ المعارضة الحكومةَ وأغلبيتها إلى عواقب سلوكها ونهجها وسياساتها، وإلى المخاطر التي تضع فيها بلادَنا، نتيجة ابتعادها عن التوجه نحو الأفق المشترك بوضع الأسس الصلبة للتفعيل الأنجع للنموذج التنموي الجديد، والإقدام على مبادرات إصلاحية جريئة ومتشاور بشأنها مع مختلف الفاعلين المجتمعيين. وطالبت فرقُ ومجموعة المعارضة إلى التجاوب مع مطلبها الآني في إجراء تعديل عاجل وعميق للنظام الداخلي لمجلس النواب، بما يحفظ حقوق المعارضة ويصون التعددية، معلنة مواصلة التنسيق المحكم من أجل المصلحة الوطنية ودفاعاً عن قضايا المواطنات والمواطنين، في أفق كسب التحديات الديمقراطية والتنموية لبلادنا.