اعتبر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الإشتراكي إدريس لشكر، أن الانسداد التنظيمي الذي عانى منه الحزب خلال السنوات الماضية، حتى كاد يتحول إلى عطب بنيوي يشل قدرات الحزب الأخرى التأطيرية والترافعية والانتخابية، جاء بفعل المشاركة في الحكومة منذ لحظة التناوب التوافقي، وبفعل المواجهة المجتمعية الميدانية مع قوى الإسلام السياسي على واجهات مختلفة. وأبرز لشكر خلال كلمة له في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الحادي عشر، الذي تحتضن فعالياته مدينة بوزنيقة على مدى يومي الجمعة والسبت، أنه "كان لزاما علينا أن ننتبه أن كل هذه المهام التي كانت "ضرورة الوقت" قد أضعفت تنظيماتنا وهياكلنا الحزبية، وبالتالي كانت الضرورة ملحة لترميم الذات التنظيمية". واعتبر لشكر أن ترميم الذات التنظيمية لا بد أن يمر عبر مسارين؛ الأول يتعلق ب "المصالحة"، الذي قال إنه توج باندماج الحزب الاشتراكي الديموقراطي، وبعودة الحزبين الاشتراكي والعمالي لعائلتهم الحزبية، وعودة كذلك مجموعة من الاتحاديات والاتحاديين الذين كانوا قد غادروا الحزب لأسباب مختلفة لاستئناف انخراطهم في المعارك الحزبية على مختلف الواجهات. وأشار إلى أن المسار الثاني يتعلق ب "الانفتاح"، الذي قال أكد أنه "يجب أن يظل دائما ورشا مفتوحا يمكن الاتحاد الاشتراكي من استقطاب طاقات تشتغل في ميادين مختلفة، وتسمح للحزب بتجديد قاعدته وجعلها أكثر تنوعا مما يمكنها من التفاعل الإيجابي مع المجتمع، وهذا المسار هو الذي مكننا من تدشين فروع حزبية جديدة، ومن استئناف أخرى لعملها بعد سنوات من التجميد الإرادي". وشدد لشكر على أن "هذين المسارين التنظيميين أمدا الحزب بدينامية داخلية، عرفت بعض الاضطراب بفعل تداعيات جائحة كورونا، مما حرمنا من مزيد من الاشتغال على تقوية الأداة الحزبية، ذلك أن الجائحة تزامنت مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية التي تتطلب رفع مستوى أداء التنظيمات الحزبية ومناضلات ومناضلي الحزب". وانتقد لشكر من يعتبرون أن "لنتائج الانتخابية المهمة التي حصلنا عليها، بالنظر للسياق الانتخابي الذي كان مطبوعا بالعودة القوية للمال وبنيات المقاولات الانتخابية المفصولة عن أي مشروع سياسي أو قيمي، كانت نتائج تعبر عن التحاق الاتحاد الاشتراكي بطائفة الأحزاب الانتخابية حصرا"، معتبرا أن من يقولون بذلك لم يفهموا "دلالات المحطة الانتخابية الأخيرة". وأوضح لشكر أن "التقدم الانتخابي الذي حققناه لا تكمن أهميته عدديا، بل سياسيا، ذلك أن كل المؤشرات كانت تسير في اتجاه إمكانية التأسيس لتناوب جديد على أرضية انتخابية، لا توافقية، وكان يجب تأهيل الحزب تنظيميا وانتخابيا وتعبويا ليكون في صلب هذا التحول، ولا نبالغ إذا قلنا بأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالنظر للبرنامج الانتخابي الذي قدمه كان يحمل إجابة عن شكل ومضمون ذلك التناوب المأمول، باعتبار أنه يحوز على مشروع مجتمعي وسياسي وقيمي وإيديولوجي وبرنامجي نقيض لمشروع الإسلام السياسي". وأضاف: "على هذا الأساس، دخلنا المعركة الانتخابية بطموح وبشرف وبتجرد المناضلات والمناضلين في مختلف الفروع الحزبية، ولقد تمكنا بفضل تلك الإرادة من تحقيق تقدم لافت، لكن للأسف لم نبلغ طموح تحقيق التناوب الجديد، ذلك أن مخرجات العملية الانتخابية بفعل عوامل عديدة أفرغت التناوب من مضمونه السياسي، وجعلته لا يعدو أن يكون تناوبا حزبيا بدون مضمون سياسي. ولذلك، فإننا نعتبر أن ورش التناوب السياسي ما زال مفتوحا، ومن هنا رهاننا على الانتخابات القادمة لتحقيق هذا الطموح لفائدة وطننا ومختلف طبقاته الاجتماعية وتنويعاته المجالية".