تُعتبر الوحدة الترابية للملكة المغربية الشريفة، أسمى القضايا الوطنية والثوابت الراسخة، التي تدافع عنها المملكة -ملكا وحكومة وشعبا-، وذلك عبر مسارات تاريخية ومحطات وطنية ودولية. وتزداد وثيرة المنافحة والدفاع عن أم القضايا الوطنية، في أكبر المحافل العالمية والمناسبات الدولية، كلما سنحت الفرصة أو دعا الداعي لها، حيث يتجاوب الشركاء الرسميون والداعمون للمملكة عبر مواقف رسمية وثابتة، من خلال الدبلوماسية المغربية التي لمِست سنواتها الأخيرة تغيرا جوهريا في تعاطيها لملف الوحدة الترابية، حين شهد العالم إقبال العديد من الدول على فتح قنصلياتها في الأقاليم الجنوبية وعلى رأسها مدينة العيون، كما تم سحب اعترافهم بجمهورية الضّرار الوهمية. وتتأسس هذه الدينامية السياسية للدبلوماسية المغربية في الدفاع عن الوحدة الترابية، من خلال حكمة الملوك الثلاث: الذين تحمّلوا الأمانة الكبرى، فرَعَوْها حقّ رِعايَتها، حفاظا على البلاد وخدمة للبلاد. حيث قال الملك محمد الخامس -رحمه الله رحمة واسعة- بعد العودة من المنفى: "لقد عُدنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر". والذي يتطلب قصارى الجهد وبذل الغالي والنفيس، في بناء الذات أولا، ثم بناء الوطن من خلال تموقع الفرد، في حياته المهنية أو اليومية. ليشهد العالم ويُسطّر التاريخ بمداد من الفخر، المسيرة الخضراء: التي انبثقت من العقلية الفذة والبصيرة النافذة للملك الحسن الثاني -رحمه الله رحمة واسعة- حيث أَلْهَمَ العالم وفاجأه، بمسيرة سلمية تُحِقّ الحقّ وتُزهق الباطل، وتَصُون وحدة البلد الواحد، والأمة الواحدة. وما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله- في خطاباته السامية، يدعوا إلى الالتفاف حول الوحدة الوطنية، والتعبئة الشاملة لغلق المنافذ على كل صغير الشأن، سيء الطوية، يريد السوء بالوطن والمواطن. كما تعددت الرسائل الملكية السامية: قولا وفعلا في تجسيد الرؤى والمخططات التنموية. حيث جاء في الخطاب الملكي: "المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها". وجاء في الخطاب الأخير، للذكرى 46 للمسيرة الخضراء، على: "أن مغربية الصحراء أمر لا نقاش فيه، ولا تفاوض عليه". بل شهدت الزيارة الملكية للأقاليم الجنوبية سنة 2016، -كما لعدد من الجهات والأقاليم المغربية-، إعطاء الانطلاقة الفعلية لعدد من الأوراش الوطنية الكبرى التي كانت نقلة نوعية في البنية التحتية، وخلق آلاف فرص الشغل، علاوة على المشاريع الاستراتيجية التي كانت رافعة للاقتصاد الوطني: كمشروع الطاقة الشمسية والريحية، علاوة على فتح المجال أمام الشركات العالمية المصنعة للسيارات وهياكل الطائرات… للاستثمار على أرض الوطن. واستكمالا لحكمة الملوك، فلا بد من تظافر الجهود، للخروج من النمطية والجمود، قصد الدفاع عن القضية الوطنية التي أجمع المغاربة عليها قاطبة، وشكلت مسيرتها الخضراء، وعيا نوعيا أمكن من خلاله اجتماع الأمة حول العرش العلوي المجيد، والتاريخ التليد، ومستوعبين حجم المخاطر التي يُروّج لها أعداء الوحدة الوطنية، في الداخل والخارج. *حسن رشيدي أستاذ وباحث أكاديمي