كشفت خلاصات تقرير، أصدره مؤخرا، مجلس المنافسة حول موضوع: "وضعية المنافسة في قطاع التعليم المدرسي الخصوصي بالمغرب"، أن قطاع التعليم الخاص بالمغرب لم يتمكن من تحقيق الهدف المحدد لسنة 2015 بموجب الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمتمثل في بلوغ عدد تلامذته 20 بالمائة من مجموع تلامذة النظام الوطني. وأوضح التقرير الذي أعده المجلس بناء على طلب من رئيس مجلس النواب حول قواعد المنافسة في مؤسسات التعليم الخصوصي، أن عدد تلاميذ التعليم المدرسي الخصوصي، لم يتجاوز إلى حدود الموسم الدراسي 2019-2020، نسبة 15 بالمائة من مجموع تلاميذ النظام الوطني، مبرزا أن ذلك "يظهر ضعف الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي مقارنة مع نظيراتها العمومية". وأشار المجلس إلى أن "التحليل التنافسي أبان على أن التعليم المدرسي الخصوصي يفتقر إلى الآليات والإمكانيات لعرض الخدمة على مستوى كل الجهات بالتراب الوطني، حيث يبرز التوزيع الجهوي لتلاميذ النظام الوطني حسب الأطوار التعليمية، هيمنة اللجوء إلى المدرسة العمومية واستقطاب التعليم المدرسي الخصوصي لنسب تختلف حسب الجهات والأطوار لم تتجاوز في مجملها نسبة 30 بالمائة من مجموع تلامذة النظام الوطني". وشدد التقرير على أن ذلك "ما يعكس تمركز السوق على مستوى بعض الجهات وتقسيما غير متكافئ على صعيد التراب الوطني، حيث تتمركز نسبة 60،28 بالمائة من المؤسسات التعليمية الخصوصية على مستوى ثلاث جهات وهي الدارالبيضاء- سطات والرباط – سلا – القنيطرة وفاس – مكناس، مع هيمنة الطور الابتدائي الذي يشكل 40،50 بالمائة من مجموع مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي برسم الموسم الدراسي 2018-2019. كما سجل التقرير معاناة باقي الجهات من قلة العرض المدرسي الخصوصي الذي تصل نسبته من مجموع مؤسسات النظام الوطني إلى 22،81 بالمائة بجهة العيون – الساقية الحمراء، وإلى 18،28 بالمائة بجهة الداخلة – وادي الذهب، وإلى نسبة 3،54 بالمائة بجهة درعة – تافيلالت، برسم نفس الموسم الدراسي. وأبرز في الآن ذاته بأن الإحصائيات أظهرت تطورا كميا خلال العشر سنوات الأخيرة، تمثل في انتقال نسبة عدد مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي من 24،61 بالمائة إلى 35،71 بالمائة من مجموع مؤسسات تعليم النظام الوطني، مقابل زيادة في نسبة مجموع تلاميذ التعليم المدرسي الخصوصي من 9،64 بالمائة إلى 14،58 بالمائة. ودعا المجلس إلى الارتقاء بالتعليم الخصوصي وذلك عبر تطوير نموذج مؤسساتي جديد ومتكامل للعرض التربوي الخاص قادر على تغطية التراب الوطني مع إقرار آليات تحفيزية لاستثمار الخواص في قطاع التعليم، وذلك بإرساء شراكة تعاقدية بين الدولة والجهات والقطاع الخاص للرفع من دينامية سوق التعليم المدرسي الخصوصي ولتعميم الخدمة وطنيا خاصة في الجهات الصحراوية والشرقية التي تعاني من الخصاص. ولتحقيق هذا الأمر، أوصى المجلس باتخاذ مجموعة من التدابير، منها إحداث نماذج جديدة من المؤسسات التعليمية الخصوصية خاصة منها تلك الغير ربحية، تساهم في تطوير العرض التربوي وتعديل مستويات الرسوم المطبقة من ِقبل المؤسسات الخصوصية في توافق مع الكلفة وكذا الاستجابة للاحتياجات التعليمية لاسيما على مستوى المناطق التي تعاني من ضعف التغطية والخصاص. وخلص التقرير إلى أن "واقع المنافسة في سوق التعليم المدرسي الخصوصي" أبان عن ضعف الحكامة وتعدد المتدخلين في تنظيمه ومراقبة سيره، وتجاوز الأحكام والتشريعات المنظمة له مما يؤثر على عدم إخضاع كافة الفاعلين لنفس شروط المنافسة وعدم ضبط سلوكياتهم في أداء الخدمة. كما تبين أن مساهمة هذا التعليم في استقطاب تلاميذ النظام الوطني لم ترق إلى النسبة المستهدفة. وأبرز مجلس المنافسة أنه "أمام الرهانات الكبرى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وفي ظل الوضعية الوبائية لجائحة كورونا التي أبانت عن هشاشة المؤسسات التعليمية الخصوصية وضعف مكوناتها، بات من الضروري إرساء منظومة متكاملة للمراقبة ولتقييم أداء مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي وإحداث نظام ترخيص شفاف يضمن خضوع جميع طلبات الترخيص إلى شروط موحدة غير تمييزية، وكذا تحديد معايير مضبوطة لجودة الخدمات المقدمة". وأضاف أن واقع القطاع بيّن الحاجة الملحة إلى المرور لنموذج تنافسي جديد لسوق التعليم المدرسي الخصوصي قوامه تعاقد كبير بين الدولة والقطاع الخاص والجهات يرمي إلى تجويد الخدمة وتعميمها، وكذا حكامة جديدة كفيلة بالرفع من دينامية المنافسة. وكذلك من ركائز هذا النموذج، تبني إطار قانوني وتنظيمي ملائم لمواكبة التحولات التي تعرفها سوق التعليم المدرسي الخصوصي. وشدد المجلس على أن نجاح هذا النموذج التنافسي الجديد يتوقف على وضع سياسة ترابية شاملة للقطاع، يتوجب ربطها بالنماذج التنموية الجهوية لضمان توزيع متكافئ ومنصف. ومن أجل الاستجابة للتحديات الجديدة التي تطرحها المنظومة الوطنية للتعليم، يتسنى لهذا النموذج احتضان آليات وتدابير لتعزيز فرص الولوج والتنوع للأسر وكذا فتح باب التعاون بين النظام الوطني للتعليم والأنظمة الأجنبية المتواجدة بالمغرب.