فاطمة الزهراء العرش / صحافية متدربة عزز المغرب من عدالة قضية الصحراء المغربية داخل مجلس الأمن الدولي، الجمعة المنصرم، بقرار جديد نص على تمديد ولاية بعثة "المينورسو" لمدة عام جديد، ودعا إلى استئناف المفاوضات السياسية التي تقودها الأممالمتحدة، بدون شروط مسبقة، من أجل إيجاد حل للنزاع الذي عمر طويلا. القرار الذي اعتبره مجموعة من الباحثين أنه بمثابة مكسب جديد ينضاف لسلسلة الانتصارات الدبلوماسية التي راكمها المغرب، حيث رحبت الرباط بالقرار الجديد، فيما أصدرت جبهة "البوليساريو" الانفصالية بيانا استنكاريا استبقته بانتقادات لنص القرار الذي تم اعتماده بموافقة 13 بلدا مقابل امتناع تونس وروسيا عن التصويت. وكان مجلس الأمن قد دعا في القرار 2602، الذي صاغته الولاياتالمتحدة، إلى حل سياسي واقعي ودائم ومقبول للنزاع، يعرب عن دعمه الكامل للأمين العام ومبعوثه الشخصي لتيسير عملية المفاوضات. كما دعا القرار المغرب والجزائروموريتانيا وجبهة "البوليساريو" إلى استئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة وبحسن نية، على أن تكون المفاوضات في شكل موائد مستديرة. تكريس للمكتسبات أدلى وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مباشرة بعد جلسة التصويت في ندوة عقدها بمقر وزارة الخارجية، بتصريحات أكد فيها على أن القرار مهم بالنسبة للمغرب حيث يكرس المكتسبات التي راكمها بخصوص قضية الصحراء. واعتبر أن هذه المكتسبات أشار إليها الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير حول الصحراء، ولخصها في ثلاث نقاط أساسية هي تأمين معبر "الكركرات" مع موريتانيا وفتحه من جديد للحركة التجارية، والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وفتح مجموعة من القنصليات في الأقاليم الجنوبية للمملكة. وأبرز الوزير التزام المغرب مجددا بوقف إطلاق النار، في رده على الفقرة التي نصت على قلق الأممالمتحدة من خرق وقف إطلاق النار من طرف جبهة البوليساريو. وأورد بوريطة أن مجلس الأمن رد على رفض الجزائر المشاركة في العملية السياسية، مبرزا أن "مجلس الأمن حدد الأطراف الحقيقيين في هذا النزاع بتأكيده على مسؤولية الجزائر في استمرار النزاع حول الصحراء". كما أكد على أن مجلس الأمن الدولي جدد في قراره ال18 على التوالي جدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، مشيرا إلى أن اعتماد هذا القرار الجديد يأتي في سياق استئناف العملية السياسية، وذلك إثر تعيين، ستيفان ديميستورا، مبعوثا شخصيا جديدا للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء. انتصار ديبلوماسي يرى عبد الفتاح الودميشي، باحث بسلك الدكتوراه، أن تصويت أغلبية الدول على نص القرار الذي صاغته واشنطن، دون إدخال تعديلات عليه، يعتبر "انتصارا للدبلوماسية المغربية وتأييد المجتمع الدولي للخيار الديموقراطي للحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كحل سلمي للنزاع". وفي تصريح لجريدة "العمق المغربي"، يرى الباحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "قرار مجلس الأمن قد أخذ علما بالطرح المغربي وأشاد بجدية الجهود المغربية من أجل التوصل إلى حل للنزاع". وكان المغرب قد تقدم عام 2007 بمبادرة تقوم على أساس تمتيع سكان أقاليم الصحراء بحكم ذاتي، معتبرا إياها بمثابة إطار واقعي وجدي عملي ودائم لقضية الصحراء. ويعتبر الباحث في العلاقات الدولية، أن نتيجة التصويت على نص القرار يشكل اعترافا ضمنيا بالطرح المغربي. "صدمة" للانفصاليين وفي نفس السياق، يرى المسؤول الأمني السابق في جبهة البوليساريو، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، أن قرار مجلس الأمن رقم 2602 يمثل دليلا على الحجم الحقيقي للجزائر. وقال ولد سيدي مولود في تدوينىة على صفحته في "فيسبوك"، إن "نتيجة التصويت لصالح المغرب في مجلس الأمن أظهرت الحجم الحقيقي للجزائر"، وأن "المغرب تجاوزها بسنوات ضوئية"، مستطردا: "النتيجة أبانت الفرق بين الصراخ والعمل الهادئ". كما يعكس هذا التصويت، وفق الناشط الحقوقي الخبير في قضية الصحراء، القوة التي بات يتمتع بها الطرح المغربي، مؤكدا أن "القرار نزل كقطعة ثلج باردة على الجبهة بمخيمات "تندوف". وأضاف أن "عدم إصدار بيان بعد مرور أكثر من 24 ساعة يؤكد هول "الصدمة"، لأن البوليساريو كانت تمني النفس بقرار "يدين" المغرب، ويعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل "تهور" الجبهة في أواخر السنة الماضية، والذي أدت ثمنه غاليا. تجاوز مقترح الاستفتاء لم يشر نص القرار الجديد لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء، إلى مقترح الاستفتاء الذي تطالب به جبهة البوليساريو، والتي ترفض رفضا باتا مقترح الحكم الذاتي. وفي هذا السياق، يقول مصطفى سلمى، إن مجلس الأمن الدولي، منذ سنة 2004 لم يعد يشير إلى هذا الإجراء، ويحث على ضرورة البحث عن حل "سياسيي" متفاوض بشأنه ومقبول من جميع الأطراف. وشدد على أن مقترح الاستفتاء تم إقباره، والمغرب بقوته على طاولة المفاوضات وبحزم دبلوماسيته، استطاع أن يسبق حاضنة البوليساريو وداعمتها الرئيسية الجزائر، حسب قوله. كما أن نتيجة التصويت على نص القرار، يضيف نفس المصدر، تشكل اعترافا ضمنيا بمقترح الحكم الذاتي الذي حضي خلال جلسة التصويت بدعم قوي من قبل فرنساوالولاياتالمتحدة، وهما عضويين دائمين. الموائد المستديرة دعا قرار مجلس الأمن الدولي المغرب وجبهة البوليزاريو والجزائروموريتانيا إلى العودة إلى مسلسل الموائد المستديرة الذي توقف عام 2019. وقبل أسبوع على جلسة التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي، كانت الجزائر قد عبرت عن رفضها للعودة إلى مفاوضات الموائد المستديرة، كما أنها وزعت مذكرة رسمية على أعضاء مجلس الأمن تؤكد فيها بأن هذا القرار لا رجعة فيه. وحول أثر المقاطعة الجزائرية للموائد المستديرة على العملية السياسية أكد الأستاذ عبد الرحيم منار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أنه بدون الجزائر، "الطرف المعني في النزاع، لا يمكن أن تكون هناك عملية سياسية". وأردف في بث مباشر عبر قناته على اليوتيوب، أن القرار ذكر الجزائر خمس مرات، وهو ما يؤكدها "طرفا رئيسيا في النزاع القائم"، مشيرا إلى أن الجزائر أدركت بأن المجتمع الدولي أضحى يعرف "بلعبتها". واعتبر اسليمي أن "قرارات مجلس الأمن لما تكتب تكون فيها إشارات محددة، فالجزائر انسحبت من الموائد المستديرة لما أدركت بأن المجتمع الدولي يتجه نحوها وأنها ستصبح وجها لوجه أمام المغرب". موقف تونس وبخصوص موقف تونس التي امتنعت عن التصويت لصالح المغرب، أفاد رضوان اعميمي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أگدال بالرباط، بأن موقفها "متحفظ". وقال اعميمي إن "قرار دولة تونس لن يؤتر لا على القرار الأممي أو على المكاسب التي يمكن أن تنتج عنه خاصة من حيث زيادة حجم الشرعية والدعم الدوليين للتدخل المغربي بالگرگارات أو ما سيتبع ذلك من مواقف وأحداث من شأنها أن تدفع بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية نحو دخول مرحلة جديدة تنبئ باقتراب الحل الذي لا يمكن أن يتعزز إلا بالاستثمار أيضا في أوراش الإصلاح وفرص التنمية على الصعيد الوطني".