بأغلبية ساحقة صادق مجلس الأمن الدولي، على قرار أممي جديد يتم بموجبه تمديد مهمة المينورسو، سنة إضافية إلى غاية شهر أكتوبر 2022. بذلك، يستمر الوضع على ما هو عليه، و يتجدد تسجيل مصداقية و جدية المقاربة المغربية، و صلابة المقترحات المقدمة من طرف بلادنا لحل المشكل المفتعل بشأن الصحراء المغربية، على أساس واقع يميزه احتضان أقاليم الصحراء لتمثيليات قنصلية لعدة دول، و آفاق طفرة اقتصادية واعدة تعزز مكتسبات التنمية، و سياسات إدماج اجتماعي متجددة، و توالي عمل مؤسساتي ديمقراطي، يفرز في كل محطة انتخابية، نخبة من أبناء المنطقة لهم شرعية تمثيل مواطني جهات الصحراء المغربية في برلمان المملكة المغربية بغرفتيه، و تسيير شؤون الجماعات الترابية المحلية و الجهوية، و الغرف المهنية المختلفة. و من دون شك، يحق لنا أن نبتهج للقرار الأممي الجديد الذي يتوج المجهودات الديبلوماسية الكبيرة التي يرعاها جلالة الملك، و التي ستنتهي حتما بإقناع العالم أن الشرعية الحقة و المشروعية الثابتة هي في مزيد من الاعترافات بالسيادة المغربية الكاملة، التي بموجبها يوجد المغرب في صحرائه و توجد الصحراء في مغربها، و #سالات_الهضرة. و القرار الأممي هو، أيضا، مناسبة لتسجيل الموقف الإيجابي للدول الصديقة و الشريكة العضوة بمجلس الأمن. و كذلك، تسجيل الموقف الروسي بالامتناع عن التصويت و ليس معارضته، باعتباره موقفا يعكس الرغبة الروسية الجادة في التزام الحياد الإيجابي و عدم الاصطفاف مباشرة ضد المغرب و ضد قضيته. وهذا أمر مهم جدا بالنظر إلى ما كان يقال عن قوة العلاقة بين روسيا و الجزائر، و ما مارسته هذه الأخيرة، عبر ديبلوماسيتها الفاشلة و إعلامها الكاذب و المروج للزور، من ضغوط لتحريض روسيا ضد المغرب و محاولة الإساءة لعلاقة البلدين. و هو ما رفضته روسيا، بشكل يؤكد معارضة الكريملين لأي إساءة للعلاقات المتميزة مع المملكة. و لا شك أن الرسالة التي حملها الموقف الروسي قد وصلت لكل الأطراف المعنية بالملف، و شكلت، يوم أمس، صدمة مدوية للمتآمرين على بلادنا، و زعزعت بشدة ما تبقى من رصيد لدى الوزير الذي "ذهب بعيدا جدا" في الكيد لبلادنا. و بالضرورة، في دولة العز و الرسوخ التاريخي الممتد لقرون و قرون، لا محالة سنرد على الرسالة الروسية و ما ترمز إليه من ذكاء جيوستراتيجي، بما يليق بسمو مقام المملكة الشريفة و رقي ديبلوماسيتها، و رغبتها القوية في أن تتعزز العلاقات الدولية من أجل ترسيخ السلام و التعاون، حتى تنتصر تنمية الشعوب على مواقف البؤس و على ديبلوماسية الفاشلين الذين يسعون لتشثيت الموارد و الإساءة للجيران عبر تمويل عصابات الانفصال. بموازاة ذلك، لا يمكنني إلا أن أتأسف على موقف الامتناع عن التصويت على القرار الأممي، الذي اختارته تونس، لأنه موقف سلبي تفوح منه رائحة خوف غير مبرر في سلوك دولة، كنا نعرف عنها، أيام "النموذج التونسي"، شجاعة الحرص على التحرر من ضغط جوار غربي متغطرس و ناقم على حلم شعوب المغرب الكبير في الوحدة و التنمية و الحرية و الديمقراطية. و إذا كانت الحكمة تقتضي أن لا نسقط في فخ اعتبار الموقف التونسي انحيازا ضد المغرب و حقوقه التاريخية المشروعة، إلا أنني أؤكد أننا كمغاربة غير راضين عن سلوك لم يعكس حسن تقدير الموقف الذي كنا ننتظره من القيادة التونسية، احتراما للتاريخ المشترك بين البلدين، و اعتبارا للأيادي البيضاء للمملكة المغربية التي تجلت في مبادرات متنوعة و راقية تجاه تونس، بتوجيه سامي وحرص أخوي كبير من جلالة ملك المغرب، سواء مباشرة بعد التغيير السياسي الذي عرفته في 2010 و ما خلفه من شبه عزلة ديبلوماسية و اقتصادية، أو مؤخرا في عز ضغط الجائحة الوبائية و المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي أفرزتها. سأقبل وجهة النظر التي تقول أن مواقف الديبلوماسية التونسية، بشأن ملفات المنطقة، صار يحكمها خوف كبير من أشياء يعرفها جيدا أهل تونس، و لو أنها أشياء لا يقبلها عقل و لا منطق سياسي و لا أساسيات ميزان التدافع بين الدول. لذلك، لن أزيد أكثر على ما كتبته، حتى لا أقسو على بلد شقيق نقدر أهله، و لنا فيه أصدقاء نعزهم. لكن، بالمقابل أقول للأشقاء في تونس : "صححوا و تداركوا الموقف، و أحسنوا الاصطفاف حتى تكونوا حيث يوجد الحق و الصواب، و حيث يبنى مستقبل التنمية في المنطقة و القارة الإفريقية، و لا تقفوا حيث يقف رعاة الديبلوماسية المحنطة المنتهية الصلاحية، التي ستخرج قريبا من الجغرافيا لتدخل أرشيف التاريخ. وتأكدوا أن يد بلادنا ستبقى ممدودة بالخير و الدعم، في ساعة الضيق و زمن الخذلان، لأننا نؤمن أن الشعب التونسي أكبر من قرارات بعض سياسييه و من اجتهاداتهم غير الموفقة، تماما كما نؤمن بأن المغرب كبير على العابثين….!"