هو رجل المهام الصعبة، كأنه ولد من بطن أمه دبلوماسيا، يمتاز بأسلوب يستثنيه عن باقي الوزراء المغاربة، حتى كاد البعض يجزم بأنه أكثر الوزراء حنكة في أداء مهامه داخل وخارج الوطن. قليل الكلام، هادئ الطبع، فصيح اللسان، متناسق الهندام، ترافقه ابتسامة دبلوماسية كمهمته، ويطبق مقولة "الدبلوماسية هي أن تفكر مرتين قبل أن تنطق بأية كلمة"، لا ينطق عن الهوى السياسي لأنه بعيد عن معتركها ولم يُعرف بانتمائه لأي حزب من قبل، يعرف جيدا قيمة الحروف التي يخرجها، خاصة في خرجاته القليلة أمام وسائل الإعلام. بوريطة.. مسار دبلوماسي حافل في 27 ماي 1969، بمدينة تاوناتجنوب غرب جهة فاس- مكناس، ولد ناصر بوريطة وسط أسرة مغربية، ترعرع وأتم مساره الدراسي بالمغرب، وظل مقيما في بلده وهو وزيرا على رأس الخارجية المغربية. حصل بوريطة على شهادة الإجازة في القانون سنة 1991، من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، ثم شهادة الدراسات العليا في العلاقات الدولية سنة 1993، وفي 1995 حصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون الدولي العام. تدرج في أسلاك الدبلوماسية، حيث شغل سفير مدير عام العلاقات المتعددة الأطراف والتعاون الشامل، ومدير مديرية الأممالمتحدة والمنظمات الدولية بين 2006 و 2009، ومدير ديوان وزير الخارجية، ورئيس مصلحة الهيئات الرئيسية بالأممالمتحدة ورئيس قسم الأممالمتحدة خلال الفترة الممتدة بين 2003 و 2006. كما عمل من قبل في الإدارة المركزية للتعاون الوطني في الرباط، وفي سفارات المغرب في كل من فيينا وبروكسيل. في 2011، تم تعيينه كاتبا عاما لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وهو ما جعله مؤهلا لثقة الملك ليعينه وزيرا للخارجية المغربية في أبريل 2017، ليستمر على رأس الوزارة نفسها مع الحكومة الجديدة برئاسة عزيز أخنوش. خلال التاسع من أكتوبر 2019، أثناء التعديل الثالث في عهد حكومة سعد الدين العثماني، جدد الملك محمد السادس ثقته في ناصر بوريطة، وعينه وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. ناصر بوريطة من بين الوزراء الذين وثق بهم الملك محمد السادس، ليعيد تعيينة للمرة الثالثة، وزيرا للشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يوم الخميس 7 أكتوبر 2021. بوريطة في قلب معركة "ملف الصحراء" سطع نجمه للجمهور المغربي، خلال تحركاته ومرافعاته ودفاعه المستميت عن ملف الصحراء. يتحرك بين كل الأطراف المعنية بالقضية ويربط الاتصال بكل الجهات لإيجاد حل للملف العالق منذ فترة الاستعمار. في عهد بوريطة تم فتح أزيد من عشر قنصليات بالأقاليم الجنوبية للمغرب، حتى لقبه المغاربة ب"مول المقص"، من كثرة ظهوره أثناء مراسيم تدشين القنصليات الخارجية بأقاليم الصحراء المغربية. بوريطة الوزير التكنوقراط الذي يتحدث باسم المملكة المغربية ويتحرك بتعليمات رئيس الدولة وملكها محمد السادس الذي وثق فيه ليمثل سياسة المغرب الخارجية، والملفات الوطنية الكبرى، أبرز أهليته لمهمته بسهره على افتتاح قنصليات عدة في ظرف وجيز جدا. بعد اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه، تغيرت لغة بوريطة تجاه دول ساهمت في هذا النزاع بين المغرب والجزائر، خاصة دولة إسبانيا التي استقبلت قبل أشهر زعيم جبهة البوليساريو. بوريطة وجه أصابع الاتهام لإسبانيا بلغة صارمة، ذلك بعد اسقبالها زعيم البوليساريو إبراهيم غالي بهوية وجواز سفر مزورين على ترابها، إذ نبه الجارة الشمالية لخطورة التضحية بعلاقات ثنائية من أجل شخص متهم في جرائم ضد الإنسانية. الدبلوماسي المغربي، العارف أكثر من غيره من الوزراء بقواعد سياسة المغرب الخارجية، أُعطِي له الضوء الأخضر للمرة الثالثة وسط حكومة بوجوه جديدة، ليكمل مسار الترافع على ملفات المغرب الخارجية، وفتح علاقات جديدة داخل المجتمع الدولي.