مهما تطورت التكنولوجيا وحققت العديد من القفزات الرقمية وقدمت العديد من الحلول، يبقى الإنسان في الميدان، هو الحل الجذري الذي لا يعوض. درس في القسم أمام المتعلمين، في المدرسة أو الكلية، لن تعوضه كل أشكال هذه التكنولوجيا . المدرسة كانت ولا تزال وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، هي الأم التي تعلم الجميع . لا مكان آخر يمكن له أن يلعب هذه الوظيفة . لا أحد أيضا يمكن أن يلعب دور المدرس . لا الأب ولا الأم في المنزل ولا الهاتف المحمول ولا الحاسوب. كل ما ذكرت من الممكن أن يكون عنصرًا مساعدًا للمتعلم، لكن المدرس طائر نادر لا يعوض !. هو نادر وعبر التاريخ لان ما يقوم به لا يقوم به غيره .صحيح ، فمكانة المدرس تتراجع بشكل ملحوظ.. يكفي التذكير بمكانة مدرس الأمس واليوم، لنستخلص العديد من الدلالات على مستوى رمزية وقيمة المدرس في مجتمعه. أسباب ذاتية وموضوعية عديدة قد نفكك بها هدا التراجع. المدرسة هي أم إذا ما فقدناها، فقدنا حنانا لا يعوضه الحليب الاصطناعي . هل من الممكن أن تحل كل هذه التكنولوجيات الحالية والآنية محل أحاسيس المدرس نحو متعلميه ؟. أكيد أن سؤال الإحساس لن يستطيع هذا الكم التكنولوجي ( حسب وجهة نظري حاليا وقد تكون خاطئة )، أن يجيب عنه . الإحساس كمكون تعليمي وتربوي وإنساني وجمالي، لن يعثر عليه المهندس المختص، وهو يطور كل ما يوجد في جوف هذه التكنولوجيا. مدرستنا، أمنا التي لا تعوض. مدرسنا، ذلك الطائر الذي مهما سخرت منه النكتة ومهما حاولنا جعله يعيش في ظل شروط مادية جد محدودة، يبقى فعلا ذلك الطائر النادر الذي من الصعب أن نعثر على من يعوضه. جرب أيها الأب أو أيتها الأم الاشتغال مع ابنك أو ابنتك لمدة ساعة واحدة في اليوم. فمتى يتصالح المجتمع مع مدرسته في أفق جعلها رمزًا من الرموز التي على الجميع ان يهتم بها ؟. طبعًا ، كلما تأزم سوق الشغل، تتجه عيون الجميع إلى المدرسة لكي نجلدها ونحملها المسؤولية، بينما المسؤولية تقع على غيرها. المدرسة اليوم، طبعًا، بجانب وظيفتها الأساسية والمحددة في بناء مجموعة من التعلمات، علينا أن نجدد لها، وفق روية تعاقدية مجتمعية، وظائفها التعليمية والتعلمية والحياتية، بمعنى علينا أن نطرح السؤال الآتي: لماذا المدرسة ؟. يبدو لي ان الحياة اليوم أصبحت معقدة. أمراض نفسية عديدة يعيشها عالمنا، وستتطور مع تطور الوضع الوبائي اليوم. هنا المدرسة المرشحة الأولى لتعليم المتعلم كيف يخرج نفسه من مآسي هذا العالم . إسعاده وجعله يفهم ذاته والآخر والعالم فهمًا أفضل ، هي اليوم وظيفة من وظائف عديدة على المدرسة ان تهتم بها في حياتنا الحالية حيث أسئلة القلق ستزداد أكثر. لاشيء يعوض المدرسة والمدرس . رحم الله كل من علمنا. المجد والخلود لمدارسنا أينما كانت ولو في قمة جبل وبها متعلم واحد .