وصلتنا بعض التسريبات، التي تفيد أن رئيس الحكومة المعين، سيقتصر فقط على الأحزاب الثلاثة الأولى في الترتيب، الذي أفرزته الاستحقاقات الثلاثية لثامن شتنبر 2021 ببلادنا، لتشكيل عناصر الحكومة المنتظرة، وإذا صدقت هذه التسريبات، سيكون المغرب قد قطع مع سياسة جبر الخواطر، التي كانت سائدة في السابق! وأعطى صورة جيدة للديمقراطية ببلادنا و للمنطقة العربية والإفريقية، بل وللعالم أيضا، مثل هذا السلوك هو المفترض في الديمقراطيات العريقة، التي تحترم إرادة الناخب، و تلتزم بقواعد الديمقراطية، لأن الخروج عن هذه القواعد، لا يمكن تفسيره إلا بالانقلاب على الديمقراطية والتحول إلى نظرية التآمر على مصلحة الوطن والمواطنين، فما معنى أن تكون للأحزاب الثلاثة المرتبة في الصدارة الاغلبية العددية، ويلجأ السيد رئيس الحكومة المعين إلى إضافة أحزاب أخرى إلى التشكيلة الحكومية؟! أليس هذا سلوكا نشازا؟ أليس هذا سلوكا يخدش إرادة الناخبين و يضرب الديمقراطية في العمق؟ أليس هذا سلوكا يجعل من العملية الانتخابية مجرد لعبة بدون قواعد؟ وصلتنا أيضا لائحة مسربة لعناصر الحكومة المرتقبة و تضم 24 عنصرا، وهذا أيضا أمر محمود، و إن تحقق يكون المغرب خطا خطوات كبيرة على مستوى احترام الدولة المغربية واحترام الهيئة الناخبة وعموم المواطنين، نتمنى أن يحدث ذلك لتصمت افواه الأعداء. لكن الى جانب هذا الطموح والانشراح، هناك من جانب أخر وضع مقلق يحيط بهذه المرحلة المتعلقة بالتشاور حول تشكيل الحكومة المرتقبة، ويعطي صورة بئيسة عن قيادات بعض الأحزاب التي تحسب على اليسار، بينما سلوك هذه القيادات وأفعالها وممارساتها تناقض تماما ما ألفناه عن شخصية القيادات اليسارية، سواء داخل الوطن أو خارجه، و ما علمنا يوما أن أحزابا حصلت بالكاد على عشرين أو ثلاثين مقعدا أو ما يقاربهما و يتملقون لرئيس الحكومة المعين، على وعسى يظفرون بنصيب من الحقائب! هل نحن أمام حكومة تنتظرها مجموعة من الاكراهات والملفات الصعبة، وفي ظروف إقليمية أكثر صعوبة، تتطلب رجالات دولة من عيار ثقيل؟ أم نحن أمام كعكة ينتظر كل حزب نصيبه منها؟! اعتبر أحد قياديي هذه الاحزاب التي نتحدث عنها أن وضع حزبه الطبيعي هو التواجد بالحكومة، كما برر ذلك بكونه يسعى الى تجديد التناوب بأفق اجتماعي ديمقراطي، السؤال المطروح هو لماذا لم يطبق هذا الحزب هذه الأمور في الحكومة المنتهية ولايتها وهو كان عضوا بها! كما اعتبر أن النتائج التي حصل عليها في هذه الاستحقاقات الثلاثية كانت مشرفة وتؤكد صواب تركيزه على التناوب الجديد! حبذا لو فسر لنا هذا القيادي معنى مفهوم تناوب جديد بأفق اجتماعي ديمقراطي! ما معنى اشتراط هذا الحزب بالمشاركة في الحكومة بعرض مقبول؟ إذا كان هذا الحزب أو غيره صادقا مع نفسه ومع بلاده، فقبوله المشاركة في الحكومة يتوقف على البرنامج الذي تسعى هذه الحكومة المرتقبة تقديمه للبلاد، وليس على العرض المقدم للحزب، وبديهي أن العرض المقبول المشار اليه هنا يهم بالأساس عدد الخقائب المقترحة عليه ووزنها في الحكومة! ولعل مثل هذه الأمور لا تحدث إلا عند من لهم نزعة انتهازية ورغبة في توفير مصالح ذاتية بالأساس! نحن نتمنى أن يقتصر السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة المعين في تشكيل الحكومة التي سيترأسها على الاحزاب الثلاث التي تصدرت النتائج دون غيرها، وهذا الامر سيجعل الأحزاب الأخرى مراجعة حساباتها والتفكير في طرق جديدة وحديثة لإعادة البناء، إن هي رغبت في الاستمرار، لأنه دون ذلك ستموت هذه الاحزاب وتغادر الساحة السياسية، وهذه الخطوة أيضا ستضع الأحزاب اليسارية أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التكتل في فيديرالية يسارية أو الإبقاء على الوضع الانفرادي ثم التقهقر الى الزوال.