هاجم المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، البرلمان الأوروبي بعد قراره الأخير بإدانة ما أسماه ب"خرق" الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل من طرف المغرب، على خلفية الهجرة الجماعية نحو سبتةالمحتلة قبل أسابيع، معتبرا أن القرار "لا يعدو أن يكون محاولة غير مقبولة لإقحام الاتحاد الأوربي في أزمة ديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا"، مبديا 8 ملاحظات على القرار الأوروبي. وقال الرميد في مقال له على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، إن "محاولة ربط الادعاءات المتعلقة بخرق اتفاقية حقوق الطفل بالمغرب والتغافل المقصود عن ذكر الخروقات المرتكبة من طرف السلطات الإسبانية في تدبيرها للمهاجرين، بمن فيهم الأطفال، ولاسيما تعريضهم للعنف والخطر والطرد الجماعي بشهادة منظمات دولية، ليظهر اصطفافا ومناصرة تعتمد الاصطفاف السياسي بدل الاعتبارات الحقوقية الخالصة". وأشار إلى أن "ما يثير الانتباه أن البرلمان الأوروبي بدل تحميل إسبانيا المسؤولية عن الخروقات المرتكبة على ما تعتبره حدودا لها بناء على الاتفاقيات الأوروبية ذات الصلة، اعتمد اتفاقية دولية (اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل) ليقحم المغرب في المسؤولية عن هذه الانتهاكات، بالرغم من أن البرلمان الأوروبي غير مختص بالنظر في الالتزامات أو الخروقات التي قد تقع على تراب دولة غير أوروبية وفق الاتفاقية الدولية المذكورة التي تجعل هذا الاختصاص من مسؤولية اللجنة الأممية المعنية بمراقبة إعمالها". وشدد على أن البرلمان الأوروبي "عوض أن يبحث في الأسباب الحقيقية للخروقات التي يتعرض لها المهاجرون، حاول ولأسباب سياسية، من خلال هذه القرار الذي ليس له أي طابع إلزامي، أن يقحم المغرب فيه دون اعتبار لاتفاقيات التعاون الثنائي التي تقتضي تنفيذها من الطرفين معا بكل التزام وثقة ومسؤولية، كما تقتضي تعاونا كاملا بين الطرفين بدل اللجوء إلى البحث عن مشجب لتبرير الإخفاقات المسجلة على مستوى تدبير ملف الهجرة". ويرى الرميد أن المغرب "ما فتئ يبذل مجهودات متواصلة في مجال الهجرة واللجوء بمبادرة ملكية سامية تعبر عن تضامن إقليمي، ووفاء بالعهود تجاه شركاء المغرب، ولعل قراره الأخير بالعمل على إرجاع كل الأطفال المغاربة غير المرافقين المتواجدين بالدول الأوروبية إلى بلدهم الأصلي ليعبر عن حكمة ومسؤولية كان ينبغي أن تكون محل تقدير، ولا يتم التشويش عليها بإصدار التوصية التي جاءت خارج السياق". وأضاف: "إننا في المغرب، كنا ننتظر أن تتم معالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الأزمة مع إسبانيا، فإذا بنا نفاجأ بهذه المحاولة التي ترمي إلى توظيف البرلمان الأوروبي لقضية الأطفال القاصرين والمهاجرين لإضفاء بعد أوروبي على أزمة ثنائية، وخلافا لما تقتضيه الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي التي ما فتئ المغرب يحرص على تنميتها والاضطلاع بدوره فيها بكل التزام ومسؤولية وحسن نية، والتي اعتبرها الطرفان نموذجية ومثالية". وتابع قوله: "في الوقت الذي سجل المغرب صمتا مطبقا لمؤسسات الاتحاد الأوروبي بما فيها البرلمان الأوروبي، عندما طالب بتوضيحات حول دخول زعيم جماعة انفصالية مسلحة بهوية مزورة إلى التراب الإسباني، والسماح له بمغادرته دون محاكمة رغم الاشتباه في تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني معروضة على القضاء الإسباني من طرف ضحايا من ضمنهم مواطنون من جنسية أوروبية، لاحظ أن هذه التوصية جاءت غير مفهومة بإقحامها لأحد أجهزة الاتحاد الأوروبي في خلافات ثنائية بعيدة عن مقاصد الشراكة التي تربطه بالمغرب، والتي كانت محط إشادة وتنويه من طرف الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بما فيها إسبانيا نفسها وفي مختلف المجالات الأمنية والاقتصادية وقضايا الهجرة واللجوء والديمقراطية وحقوق الإنسان، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول هذا النوع من المواقف و التقديرات". واعتبر أنه "إذا كان البرلمان الأوروبي انحاز بهذه الطريقة الخاطئة إلى إسبانيا في نزاع ثنائي، فينبغي ملاحظة أن ذلك جلب للمغرب مناصرة البرلمان الأفريقي إضافة إلى جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وسبق ذلك موقف مساند من منظمة التعاون الإسلامي، وهو مايبين أن الانحياز المبني على الاعتبارات الخاطئة لايمكن أن يمر دون جواب، وأن البرلمان الأوروبي بموقفه ذاك أحدث اصطفافات ليست ذات فائدة بالنسبة للتعاون المشترك بين عموم الدول". وختم قول: "إننا نحن المغاربة بقدر ما نؤمن بالشراكة وحسن الجوار وبالعلاقات التاريخية مع إسبانيا ومع باقي دول الاتحاد الأوروبي، بقدر ما نؤمن كذلك بعدالة قضايانا الوطنية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية للمغرب التي لا تقبل المساومة أو المهادنة، والتي تعد من ضمن القضايا المصيرية المحددة لطبيعة شركاء المغرب وأصدقائه الذين عليهم أن يعاملوه في مثل هذه القضايا معاملة تليق به باعتباره حليفا وشريكا على أساس الثقة والوضوح والشفافية والاحترام المتبادل".