ان العلاقات المغربية الإسبانية اليوم تجتاز مرحلة صعبة على خلفية تشبث مدريد بقرار استقبال زعيم جبهة "البوليساريو"، وباعتبار الوضع مجرد حالة إنسانية وما تبع ذلك من تداعيات وصول أكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين إلى سبتةالمحتلة. مما صدم إسبانيا ووجدت نفسها عاجزة أمام تدفق سيل من المهاجرين غير النظاميين صوب المنطقة البحرية الحدودية مع سبتةالمحتلة، الامر الذي جعلها تتأكد من الدور الهام لسلطات الحدود المغربية في مكافحة عمليات الهجرة اتجاه الالاف من المهاجرين المغاربة والافارقة . وبالنسبة لانعاسات هذه القضية على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي : أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو مواصلة الشراكة المتميزة مع المغرب لأنه يُعتبر شريكاً موثوقاً للغاية وذلك بناء على مخرجات مجلس الشراكة المغربية الأوروبية بتاريخ 27 يونيو 2019 حيث هذه الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي واحدة من الشراكات المتقدمة مع دول جنوب المتوسط الواردة فيما يعرف بقانون الجوار الأوروبي فأن كانت هذه الشراكة تميل اقتصاديا للاتحاد الأوروبي مع تغييب الجانب السياسي في هذه الشراكة واستحضار التعاون الأمني والاستخباراتي والهجرة لصالح اوروبا فإنه آن الأوان للرباط ان ترفض هذا الوضع بالتركيز على اقحام الجانب السياسي والدبلوماسي في هذه الشراكة باحترام أوروبا للقضية الوطنية الأولى وبشكل واضح للارتقاء بهذه الشراكة الى مستوى التعاون المتبادل تحت شعار :" رابح رابح" فلن يعد من المقبول للمغرب تقديم خدمات كبيرة لاوروبا في مسألة الهجرة والتعاون الأمني مقابل لاشيء ينبغي على قواعد هذه الشراكة ان تتغير لصالح المغرب لان المغرب لا يريد أن يُنظر إليه باعتباره دركي أوروبا. واعتبارا لهذه الازمة نضع السيناريوهات التالية بين البلدين: -السيناريو الاول تجميد العلاقات بين الطرفين إذا قامت اسبانيا بتهريب المدعو غالي الى خارج اسبانيا بعد استشفائه ، ستعمل الرباط على تجميد العلاقات مباشرة لأن نوايا اسبانيا آنذاك لن تكون كما تزعم اليوم " حالة إنسانية" وانما سيطرح سؤال عميق ماهي الدوافع التي تحرك الجانب الاسباني اتجاه المغرب في الوقوف ضد مصلحته الوطنية؟ ولذلك ممكن أن يستخدم المغرب ورقة احتلال سبتة ومليلية من طرف اسبانيا وتقديم الدبلوماسية المغربية طلبا رسميا للأمم المتحدة في هذا الشأن . – السيناريو الثاني عودة العلاقات الى ما كانت عليه قبل الازمة على أساس مراعاة مصلحة الجانبين المغربي والاسباني مع التدخل من الاتحاد الأوروبي من اجل تهدئة الوضع بين الجانبين باعتبار المغرب تربطه بالاتحاد الأوروبي شراكة استراتيجية قوية وهذا الأخير الذي ينظر للمغرب باعتباره حليفا أساسيا في مجالات الأمن والتعاون من أجل مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية إلى أوروبا. – السيناريو الثالث باستثمار الرباط لهذه الازمة مع الجانب الاسباني لإثبات انه لن يتساهل مع أي سلوك دبلوماسي ضبابي من الجانب الاسباني او الألماني او اية دولة أوروبية او غيرها باعتباره بات قوة إقليمية معتبرة واوربا بحاجة إليه خصوصا في مجال مكافحة الهجرة و في المجال الأمني والاستخباراتي وفي مكافحة الإرهاب على أساس الند للند وليس على أساس منطق الاستقواء الأوروبي. * رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية