أُصيب 163 فلسطينيًّا على الأقلّ، مساء الجمعة، إثر اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيليّ في المسجد الأقصى، وفي حيّ الشيخ جرّاح بالقدس المحتلّة، وفي منطقة باب العامود الذي أُغلِق أمام الزوار والأهالي مع عدة أبواب أخرى للمسجد، في حين أنشأت طواقم طبيّة مشفى ميدانيًّا، إثر امتلاء غرف الطوارئ بمشافي القدس بالإصابات. وقالت مصادر إن قوات الاحتلال اقتحمت قبة الصخرة المشرفة والمصلى القبلي وقامت بإطلاق القنابل إلى الداخل، كما شهد المسجد اعتداءً، طال طواقمَ طبيّة، إذ منع عناصر شرطة الاحتلال، الطواقم، من الوصول إلى مُصابين، وتقديم العلاج إليهم. وقالت جمعية الهلال الأحمر في بيان، إن طواقمها في القدس "تقوم بفتح مستشفى ميداني لاستقبال الإصابات المحولة من المسجد الأقصى نظرا لارتفاع أعداد الإصابات"، مشددة على "امتلاء غرف طوارئ المستشفيات" في المدينة. وعُلم أنه من بين المُصابين، مصلّون من الداخل الفلسطينيّ، من الناصرة، والطيبة، وعكا، والبعنة، لم تُعرف طبيعة إصاباتهم حتّى إعداد هذا الخبر. واعتقل عناصر شرطة الاحتلال الإسرائيليّ، 3 أشخاص على الأقل من حيّ الشيخ جرّاح، وأغلقوا مداخل الحيّ الذي بات أشبه بثكنة شرطيّة، في حين شهدت ساحات المسجد الأقصى مواجهات بين متواجدين داخل المسجد، وبين شرطة الاحتلال، استخدم عناصر شرطة الاحتلال، خلالها، القنابل المُدمعة والرّصاص المغلّف بالمطّاط. وأغلقت قوات الاحتلال طريق الواد في القدس القديمة، ومنعت الأهالي من الدخول باتجاه المسجد الأقصى عقب أذان المغرب. وقالت مصادر محلية إن الاحتلال أغلق الطريق بحواجز عسكرية ومنع وصول الصائمين القادمين للإفطار في المسجد الأقصى من الدخول عبره، واستخدم الأسلحة لترهيبهم وإجبارهم على الابتعاد عن المكان. وبعد ذلك اعتدى عناصر شرطة الاحتلال على المصلّين، ما تسبب بإصابة بعضهم. وأفادت جمعيّة الهلال الأحمر في بيان، بوقوع "163إصابة خلال مواجهات في المسجد الأقصى والشيخ جراح وباب العامود"، موضحةً أن معظم "الإصابات بالرأس وعدد منها إصابات بالغة بالعيون والصدر بالرصاص المطاطي". وذكرت أنه "تم نقل 83 إصابة لمستشفيات القدس وباقي الإصابات تم علاجها ميدانيا". وذكرت وكالة "الأناضول" للأنباء أنّ قوات الاحتلال هاجمت آلاف المصلين المتواجدين داخل الأقصى قرب "باب المغاربة" أحد أبواب المسجد، بالضرب وإلقاء قنابل الغاز والصوت. كما اشتبكت قوات الاحتلال مع عدد من المصلين عند "باب السلسلة" بعد منعهم من دخول المسجد الأقصى واعتدت عليهم بالضرب وإلقاء قنابل الصوت. وبحسب الوكالة، فقد "دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات كبيرة تجاه باحات المسجد الأقصى من أجل قمع المصلين". وفي الشيخ جرّاح اقتحمت الشرطة منزل عائلة القواسمة في الحيّ، كما منعت متظاهرين، من الوصول إلى منطقة التظاهُر الرئيسيّة. واستخدم عناصر شرطة الاحتلال قنابل الصوت لتفريق متضامنين. ومنعت الشرطة إقامة إفطار جماعيّ في الحيّ، وأجبرت الأهالي على إزالة طاولات الإفطار، منعا لاجتماع العائلات معا. والمعتقلون هم: عريب شلش، وجمال الحسيني، ومحمد الرشق. وأفاد مراسل "عرب 48" بأنّ أحد المُعتَقَلين في الحيّ، شاب من جلجولية. وأبدت الولاياتالمتحدة قلقها من التوتر المتصاعد في القدس والمسجد الأقصى على خلفية مساعي الاحتلال الإسرائيلي لطرد عائلات من منازلها لصالح المستوطنين، وسط تأكيد تركي وعربي لدعم القضية الفلسطينية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها قلقة للغاية بشأن التوترات المتصاعدة في القدس الشرقية، داعية جميع الأطراف إلى ضمان الهدوء والتصرف بمسؤولية لتهدئة التوترات وتجنب المواجهات. من جهته قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات على سكان حي الشيخ جراح في القدس يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية. وأضاف المالكي -في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو- إن السلطة الفلسطينية طلبت من المحكمة الجنائية الدولية أن تأخذ موقفا واضحا من هذه الاعتداءات. ودانت الرئاسة التركية الهجوم الذي وقع اليوم على المسجد الأقصى بالقنابل الصوتية، مؤكدة أنه لا يمكن المساس بالمقدسات. وقالت الرئاسة في بيان صادر عن دائرة الاتصال إنها تتابع بقلق سياسة العنف والاحتلال التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين. وفي هذا السياق، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الجمعة إن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية بالنسبة إليه، داعيا للتعاون الإقليمي من أجل حلها. وأفاد غوتيريش -في لقاء متواصل مع ممثلي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك- بأن "القضية الفلسطينية هي قضية مركزية بالنسبة إلي، ونعمل على أساس القانون الدولي وعلى أساس قرارات الهيئات الأممية المختلفة". واعتبرت الأممالمتحدة -في بيان سابق- أن قرار الطرد، في حال اتخاذه، سيعد انتهاكا إسرائيليا للقانون الدولي، وأكدت أن القدس الشرقية لا تزال جزءًا من الأراضي الفلسطينية المحتلة. من جانبها أدانت قطر بأشد العبارات، اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى المبارك، واعتدائها الوحشي على المصلين، معتبرة ذلك استفزازا لمشاعر ملايين المسلمين حول العالم، وانتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية. وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قال إن ترحيل أهالي الشيخ جراح في القدس من منازلهم جريمة يجب أن يمنع العالم حدوثها. وأضاف الصفدي -في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر- اليوم الجمعة أن الفلسطينيين المهددين بالترحيل هم المالكون الشرعيون لبيوتهم، كما تثبت وثائق سلّمها الأردن للجانب الفلسطيني. شعبيا، شارك عشرات الموريتانيين اليوم الجمعة في وقفة تضامنية مع أهالي حي الشيخ جراح بالقدس في العاصمة نواكشوط. وبحسب مراسل الأناضول، رفع المشاركون في الوقفة التي نظمتها "المبادرة الطلابية لمناهضة الاختراق الصهيوني والدفاع عن القضايا العادلة" (غير حكومية)، لافتات كتب عليها "أنقذوا حي الشيخ جراح" و"لبيك يا أقصى". وضجّت المنصات العربية بالتفاعلات والصور ومقاطع الفيديو الموجهة لدعم مدينة القدسالمحتلة، تزامنا مع يوم القدس العالمي، في حين خرجت المسيرات الحاشدة في عدد من الدول العربية نصرة للمدينة المقدسة. وعبّر مغردون من خلال التفاعل عبر وسم #يوم القدس العالمي عن تضامنهم مع أهالي مدينة القدس، وتحديدا أهالي حي الشيخ جراح الذين يعانون من اعتداءات وانتهاكات وحشية يمارسها الاحتلال ليل نهار بحقهم. وتداول النشطاء مقاطع فيديو وصورا من باحات المسجد الأقصى اليوم، حيث الحشود الغفيرة التي أتت لنصرة المسجد الأقصى، وردد المصلون خلالها التكبيرات والهتافات، وأدوا القسم بحماية المسجد الأقصى في مشهد مهيب. في حين تناقلت وسائل إعلام عربية ونشطاء مقاطع فيديو صورا توثق انطلاق المسيرات الحاشدة في عدد من الدول العربية نصرة للقدس في يومها العالمي الذي يأتي تزامنا مع الجمعة الأخيرة في شهر رمضان، ورفع المشاركون مجسمات لقبة الصخرة وعبارات ترفض التطبيع وتؤكد على حرية القدس ونصرتها.