وجدة ترتدي الأسود حدادا على ثلة من الشباب الذين استقلوا قوارب الموت والحلم يراودهم بجنة موعودة على الضفة الأخرى، لا صوت يعلو على صوت الصراخ والنحيب لأمهات تعلو محياهن قسمات حزينة على فراق فلدات أكبادهن ، ولا حديث في وجدة إلا عن قوارب الموت والفاجعة التي أودت بحياة فتية في ريعان شبابهم كفروا بساسة المدينة و مسؤوليها ولبسوا أكفانهم بأيديهم وولوا ظهورهم لبلد لم يمنحهم سوى الآلام و المآسي ليسقطوا لقمة سائغة في أيدي مافيا التهريب والاتجار بالبشر،مافيا تجردت من ضميرها الإنساني فازداد الإقبال عليها بعد صورة سجدة الشكر و صور (السيلفي والفيديوهات )المتداولة في منصات التواصل الاجتماعي والتي توثق لهجرة شباب عبر قوارب صغيرة تمخر عباب أعالي البحار في رحلة غير محسوبة المخاطر تكون نهايتها في غالب الأحيان مقبرة مائية لهذه الجثت سرعان ما يلقي بها الموج على الشاطئ هامدة لا تحرك ساكنا. وجدة حبلى بقنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة لأن الوضع الاقتصادي فيها كارثي وبكل المقاييس وكل الإشارات الضوئية تومض باللون الأحمر خصوصا مع تداعيات كورونا و إغلاق الحدود الجزائرية و سبتة ومليلية، ومسؤولو المدينة في خبر كان. فبدل أن يسارعوا لجلب استثمارات ومشاريع تحرك العجلة الاقتصادية تراهم صما بكما عميا في كل شيء عن المدينة إلا صفقاتهم العقارية فلا تغيب عنهم مثقال ذرة أما الحكومة فهي غارقة في تطبيعها، أو أنها لازالت على العهد الاستعماري معتبرة المدينة من المغرب غير النافع ، كل هذه الأسباب وغيرها كثير جعلت من غالبية شباب المدينة يحلمون بغد أفضل ومستقبل أرغد عبر وسيلة واحدة ووحيدة ألا وهي مغادرة الوطن رغم حبهم الكبير له ولا يمكن لأحد أن ينازعنا في وطنيتهم ولكن لقمة العيش الكريم تؤسس في بعض الأحيان وطنا لمن لا وطن له.