قالت إنها "أخذت علما" به.. الجزائر تتأسف على تأكيد أمريكا موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء    أكادير تحتضن المنتدى الدولي الأول للصناعة والخدمات    مغاربة يلفتون أنظار "الرقابة الأجنبية" بشراء عقارات باريسية فاخرة    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الشارقة تحتضن أول اجتماع لمجلس الأعمال المغربي-الإماراتي    وزارة الانتقال الرقمي في ورطة بعد "فضيحة" تسريب بيانات ملايين المغاربة على يد هاكرز جزائريين    دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جيرمان ضد أستون فيلا وبرشلونة أمام دورتموند    الذهب يرتفع واحدا في المائة مع تراجع الدولار الأمريكي    قضية "سلمى" تعود إلى الواجهة.. مطالب بالعدالة بعد توقيف المعتدية    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    المغرب الفاسي يعين بدر القادوري مديرا رياضيا    نهضة بركان في مواجهة أسيك ميموزا الإيفواري لحسم التأهل    حكام الجزائر يستعجلون مواجهة عسكرية مع المغرب    زيارة استراتيجية تعكس ثقل المغرب الإقليمي: ناصر بوريطة أول مسؤول مغاربي يلتقي إدارة ترامب الجديدة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    هل فشل المبعوث الأممي دي ميستورا في مهمته؟    الأزمة التونسية المغربية إلى أين؟    زوجة الأمير هاري تعترف بمعاناة صحية عقب الإنجاب    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    الترويج لوجهة المغرب: المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    بعد أن فضحتها المهندسة المغربية ابتهال.. انتقادات من الداخل والخارج ل "مايكروسوفت" بسبب دعمها إسرائيل    السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    كيوسك الأربعاء | تخفيض جديد في أسعار بعض الأدوية منها المسخدمة لعلاج السرطان    من بنجرير وبغلاف مالي بلغ مليار الدرهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث والابتكار    رابطة العلماء تواصل حملة "تمنيع" السجناء ضد التطرف العنيف في سياق "مصالحة"    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    طقس الأربعاء.. أجواء غائمة بمعظم مناطق المملكة    أحزاب مغربية معارضة تطالب بعقد جلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    "سلة الفتح" تفوز على الملعب المالي    ماكرون يدين استهداف إسرائيل لطواقم الإسعاف في غزة    ديكلان رايس نجم أرسنال ضد الريال    البايرن ميونخ والهزيمة الغير المتوقعة أمام الانتر    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    دينامية شبابية متجددة.. شبيبة الأحرار بأكادير تطلق برنامج أنشطتها بروح المبادرة والتغيير    الهجرة الجديدة من "بلاد كانط".. خوف من المستقبل أم يأس من التغيير؟    دروس ما وراء جبهة الحرب التجارية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    بين نور المعرفة وظلال الجهل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للتاريخ.. حزب المصباح يسجل نقطة نظام
نشر في العمق المغربي يوم 01 - 03 - 2021

في سياق الاستعداد للانتخابات المقبلة، يعرف المغرب ديناميكيتين رئيسيتين، على الأقل مما يمكن رصده وتتبعه، تتعلق الأولى بالديناميكية التشريعية، فيما تتعلق الثانية بديناميكية تنافس الأحزاب الاستباقي على التموقع الانتخابي في الدوائر وعلى مستوى المرشحين.
بالنسبة للديناميكية التشريعية، فإنه إذا خلا النص المقدم للبرلمان من أهم قضية أثارت الجدل السياسي والقانوني وحتى الحقوقي والأخلاقي، والتي تتعلق بالقاسم الانتخابي، فإن احتمال توجه البرلمان بغرفتيه، او بالأحرى توجه غالبية الأحزاب المشكلة للفرق والمجموعات البرلمانية، نحو اعتماد عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في احتساب القاسم الانتخابي جد وارد. ويعتبر هذا الأمر، كما نبه إليه عدد من الخبراء والأكاديميين المعتبرين، أمرا خطيرا يخالف الدستور، ويناقض مبادئ الديموقراطية، ولا يجد له سندا معتبرا وذا مصداقية في التجارب المقارنة للدول.
إن احتمال توجه باقي الأحزاب في غرفتي البرلمان نحو اعتماد المسجلين أساسا لاحتساب القاسم الانتخابي هو ما يفسر مبادرة حزب العدالة والتنمية لإعلان موقفه الاستباقي لرفض تلك القوانين إذا انزلقت إلى ذلك المحظور. وهو ما أعلنه النائب الأول للأمين العام لحزب المصباح في تصريح مصور يوم الاثنين 1 مارس عبر الموقع الرسمي للحزب.
والواقع أن اعتماد احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين ليس أكثر من عملية مأسسة الفساد الانتخابي، وتوريط المؤسسة التشريعية في مخالفة الدستور وتكريس الانحراف عن الاختيار الديموقراطي. وقد نبه إلى ذلك الكثير من الملاحظين والأكاديميين، الذين انتقدوا جميع الأطروحات الحزبية التي تحاور تبرير ذلك التوجه الفاسد.
فمن الناحية الأخلاقية، فذلك التوجه يسمح باحتساب العاجزين عن المشاركة في التصويت والأموات وفاقدي الأهلية في عملية انتخابية هم محرومون منها قصرا، بفعل الموت أو بفعل السجن أو بفعل المرض أو السفر وغير ذلك. ومن الناحية الحقوقية، فتلك المقاربة تفرغ مواقف المقاطعة الانتخابية والتصويت السياسي بالأوراق الفارغة من كل اعتبار، ذلك أنها تحتسبهم في تقسيم حصيلة العملية الانتخابية التي قاطعوها كل بطريقته. ومن الناحية السياسية فتلك المقاربة من شأنها، إضافة إلى تشويه صورة المغرب الناشئ ديموقراطيا، بلقنة المؤسسات المنتخبة، وإفراز حكومة ومؤسسات مضخمة وضعيفة، مما يعني أن نتيجة اعتماد تلك المقاربة ليس أكثر من رهن المؤسسات المنتخبة للوبيات الفساد.
إن الموقف الاستباقي الذي أعلنه حزب المصباح موقف تاريخي، وهو بطبيعته عنوان توجه سياسي قوي في المفاصلة مع محاولات التمكين التشريعي للفساد. وهو بذلك رسالة إلى باقي الفرقاء السياسيين من أجل إنقاذ التجربة المغربية في مجال الديموقراطية الانتخابية من الانتكاسة، وإنقاد جهود المغرب في بناء دولة ديموقراطية من التبديد والضياع. وهو صرخة تنبيه لتلك الأحزاب كي تتحمل مسؤوليتها التاريخية في التخلي عن أنانيتها الانتخابية الضيقة، والانتصار لمصلحة البلاد والعباد، في هذه المرحلة الدقيقة.
وفيما يتعلق بديناميكية تنافس الأحزاب الاستباقي على التموقع الانتخابي في الدوائر وعلى مستوى المرشحين، فهي تكشف الوجه الآخر للتوجه التشريعي الذي يسعى إلى مأسسة الفساد. حيث تنشط العديد من الأحزاب اليوم في "بورصة المرشحين"، والتي نتابع أخبارها كل يوم حيث تتكشف عمليات "الترحال الانتخابي" الجماعي والفردي بين الأحزاب. والأمر هنا لا يتعلق بتغيير القناعات والاختيارات الحزبية والسياسية في الأيام الأخيرة للولاية التشريعية، بل يتعلق بفساد يشتبه في توظيفه المال السياسي في عمليات بيع وشراء الذمم.
ولتعويض ضعفها العضوي، الكمي والنوعي، وضعف تغطيتها الجغرافية، انطلقت حمى التنافس بين أحزاب عديدة حول "جلب" المنتخبين لتعزيز لوائح ترشيحاتها المستقبلية، ومن المعلوم بالضرورة حول "الترحال الانتخابي" أنه يتم على أساس وعود أومقابل مبالغ مالية. وأصبح حديث كثير من المنتخبين اليوم كما لو أنهم "قطيع غنم" في سوق أسبوعي، لكل لون سياسي وحجم انتخابي "ثمنه".
وهذه الديناميكية المقلقة، تطرح أكثر من سؤال حول السلوك السياسي لمثل تلك الأحزاب خلال الحملة الانتخابية المقبلة، وخاصة حول وسائلها لإقناع الناخبين، وما إذا كان المال السياسي سيحضر أيضا لضمان أكبر "عائد للاستثمار" في "جلب" اللاعبين؟
إنه حين يرفع حزب شعار "المسجلين" أساسا لتحديد القاسم الانتخبي بيد، وينشط في "جلب" فرق المنافسة الانتخابية بيد أخرى بوسائل غير سياسية، فنحن أمام مشاريع انتخابية برنامجها الحقيقي هو التمكين للفساد.
إن من الواجب الوطني التنبيه إلى أن المؤشرات المتعلقة بتوجه الأحزاب نحو مأسسة الفساد في القوانين الانتخابية، ومؤشرات الاشتباه بانخراطها القوي في عمليات شراء الذمم السياسية، ستكون أول ضريبته السياسية على مستوى انهيار نسبة المشاركة، والتي يتطلب الحفاظ على حدود مقبولة لها إرسال رسائل تعزز المصداقية والثقة في العملية الانتخابية، وليس رسائل حول تخريبها.
إن هذه الخلاصة المؤلمة تسائل عددا من مؤسسات الدولة حول مستقبل الديموقراطية في هذا البلد السعيد، في شقها الانتخابي على الأقل. وتسائل وزارة الداخلية بشكل خاص حول ما إذا كان بمقدورها ضمان مرور الانتخابات المقبلة في أجواء تتوفر فيها الحدود الدنيا من شروط النزاهة؟ وحول ما إذا كان "حيادها" اليوم حول ما تحمله الأخبار يوميا عن عمليات يشتبه في تورط أحزاب في شراء الذمم، مؤشرا عن صمت متوقع أيضا حول عمليات شراء أصوات الناخبين؟
إن المغرب اليوم في لحظة فارقة، فإما أن يتعاون جميع الفرقاء السياسيين في تعزيز الخيار الديموقراطي وتحصينه من المغامرات العمياء، وإما ستذهب كل تضحيات الشعب المغربي، وكل منجزات الدولة المغربية حول الديموقراطية هباء منثورا.. لذلك جاء موقف حزب المصباح ليسجل نقطة نظام للتاريخ ولضمير المغاربة أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.