اعتمد مجلس الشيوخ الفرنسي بالإجماع يوم الخميس 21/1/2021 مشروع قانون يحدد عمر 13 سنة للمواقفة الجنسية أو ممارسة الجنس بالتراضي أو ما يعرف قانونياً باسم "سن القبول أو الموافقة". كما أطال مشروع القانون الجديد فترة التقادم لقضايا الاعتداء على الأطفال واغتصاب القاصر حتى 10 سنوات للجنح و20 سنة للجنايات، بسبب طبيعة هذه القضايا التي قد لا يستطيع فيها الضحية الإبلاغ وهو طفل أو يتستر أهله على الحادثة. واعتبر المجلس أن القانون الجديد يهدف "لحماية القاصرين" تحت 13 سنة من الاغتصاب والاعتداء الجنسي! حيث لن يضطر الأطفال تحت هذا السن لإثبات عدم موافقتهم على ممارسة الجنس مع شخص بالغ. ويعتبر كل من تعرض للاعتداء الجنسي تحت الثالثة عشرة مكرهاً بالضرورة وضحيةً لجريمة الاغتصاب إذا ثبتت الواقعة، لكن هذا القانون من جهة أخرى يعني التسامح بقضايا ممارسة الجنس مع الأطفال فوق 13 عاماً بالتراضي، ويعني أيضاً أن ضحايا الاغتصاب من الأطفال فوق هذا السن قد يخسرون دعواهم أمام المحاكم الفرنسية بحجة "الرضا" أو بسبب غياب الأدلة التي تثبت الإكراه. حتى الآن ما زال مشروع القانون يلقى معارضةً كبيرة من جمعيات حماية الطفل التي تعتقد أن سن 13 عاماً للموافقة الجنسية في قضايا الاغتصاب غير منطقي، وتنادي باعتماد سن 15 عاماً الذي تعتمده الكثير من القوانين حول العالم، وهو نفسه سن الرشد الجنسي في القانون الفرنسي. جاء هذا القانون بعد سنوات من الجدل حول تحديد سن الرضا الجنسي في قضايا الاعتداء الجنسي واغتصاب القاصر في فرنسا، حيث شهدت المحاكم الفرنسية عام 2018 قضية مثيرة للجدل، رجل في الثامنة والعشرين اغتصب طفلة في الحادية عشرة من عمرها وحصل على البراءة بحجة رضا الطفلة وعدم إكراهها على الجنس، وتم اتهامه بالاعتداء الجنسي بعد تبرئته من الاغتصاب؛ والتي تعبر تهمة مخفّفة. ومن القضايا التي أثارت الرأي العام الفرنسي عام 2018 تبرئة رجل يبلغ من العمر 28 سنة من جريمة اغتصاب طفلة عمرها 11 سنة، حيث طالب محامو المتهم بتبرئة موكّلهم من تهمة جريمة الاغتصاب لأن الطفلة -البالغة 11 عاماً- قابلته في حديقة عامة وذهبت معه برضاها إلى مسكنه ووافقت بإرادتها على ممارسة الجنس! وكان المجرم يعتقد أنها تبلغ أكثر من 15 عاماً! ليقوم المدعي العام بإسقاط تهمة الاغتصاب واستبدالها بتهمة الاعتداء الجنسي، التي تعتبر تهمة مخفّفة. أعادت هذه القضية وما يشبهها الجدل حول تحديد السن القانوني الذي يعتبر عنده كل اعتداء على الطفل اغتصاباً قسرياً، وانتقد محامون ونشطاء منطق القانون الفرنسي الغريب الذي يطلب من الطفل ضحية الاغتصاب إثبات عدم موافقته حتى ولو كان في السابعة، كما أكد نشطاء حماية الطفل أن معظم حالات الاغتصاب التي يتعرض لها الأطفال الصغار تتم دون مقاومة ولا يمكن إثبات الإكراه فيها من خلال الطرق التقليدية، وهذا يعتبر تساهلاً كبيراً مع المعتدين على الأطفال في فرنسا.