ما من شك في أن مشروع المؤسسة أضحى لبنة محورية في سياق مسعى الإصلاح التربوي المأمول، والتغيير الاستراتيجي (في الرؤية والبنية) الذي نترقبه بشغف منذ أمد غير قصير. ولأن هذا المشروع بمثابة إطار منهجي مخصوص، وآلية ميدانية تستجلي بلورة الإجراءات التدبيرية والتعليمية، بهدف تحسين جودة النسق التعليمي التعلمي، داخل مؤسسة تربوية بحصر المعنى، فإن المطلوب هو المضي قدما في اتجاه العناية بمشاريع تربوية رفيعة وراجحة تستلهم محتوى المنجز التعليمي الدولي والوطني، و تروم نشر قيم المشترك الإنساني من قبيل التفتح والإبداع اللامتناهي، مع الاستناد العقلاني على متطلبات الثورة المعلوماتية بالغة الأهمية. وفي هذا السياق نبتهج أيما ابتهاج كلما أشرقت شمسُ مشروعِ مؤسسةٍ، إبداعاً و ابتكاراً وتميزاً في أي شبر من تراب المملكة العزيزة، كما هو الحال بالنسبة لتجربة تربوية استثنائية شهدتها مدرسة ابتدائية عمومية "ابن حمديس" التابعة للمديرية الإقليمية بعمالة مقاطعة الحي الحسني بالدارالبيضاء. وقد لمسنا ذلك عن كثب عبر زيارة رسمية للسيدة عامل عمالة مقاطعة الحي الحسني رفقة السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدارالبيضاء – سطات والسيدة المديرة الإقليمية. فمن خلال رؤية متقدمة وعمل جماعي بالغ التنسيق وتضحية معتبرة لكل الأطراف المعنية بالشأن التربوي، من مدرسين وآباء وأولياء التلاميذ وأطر إدارية وباقي جنود الخفاء، تمت بلورة تجربة تربوية تستحق كل التنويه تمثلت في مشروع مؤسسة رقمية بالمعنى العميق للكلمة. لقد أضحت هذه المدرسة المغربية الكائنة في حي شعبي من أحياء مدينة الدارالبيضاء، نموذجا للمؤسسة التعليمية المواكبة للعصر، بِرِهَانِهَا على مستلزمات التكنولوجيا الرقمية من حواسيب و ألواح إلكترونية و سبورات تفاعلية وشبكة إنترنت عالي الصبيب، ولم يكن مقصد المسؤولين عن هذا المنجز التربوي تمكين المتعلمات والمتعلمين من العدة الرقمية فقط، بل كانت الغاية أيضا السعي نحو الرقي بالمدرسة العمومية من خلال التقليص من الهدر المدرسي وتحبيب الفضاء للناشئة وتحسين مؤشر الرأسمال البشري المغربي.