فقد سوق الشغل بالمغرب 712 ألف منصب شغل بسبب تداعيات الأزمة العالمية لجائحة كورونا. وبحسب الميزانية الاقتصادية التوقعية 2021: الوضعية الاقتصادية لسنة 2020 وآفاق تطورها خلال سنة 2021، التي نشرتها المندوبية السامية للتخطيط، فإنه وفي هذا السياق، الذي يشهد تدهورا للنمو الاقتصادي الوطني، سيعرف سوق الشغل خلال سنة 2020 فقدان العديد من المناصب ستصل إلى 712 ألف منصب شغل. وفي ظل هذه الظروف وبناء على فرضية استمرار المنحى التنازلي لمعدل النشاط، سيسجل معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفاعا ليصل إلى حوالي 14,8 في المائة، أي بزيادة5,6 نقطة مقارنة بمستواه المسجل سنة 2019. وثيقة المندوبية السامية للتخطيط، أوضحت أن المغرب سيتأثر كباقي دول العالم خلال سنة 2020 بوباء فيروس كورونا الذي خلف نتائج سوسيو اقتصادية قاسية، حيث ستفرز هذه الأزمة مصحوبة بتداعيات سنتين متتاليتين من الجفاف، إلى ركود عميق هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقدين من الزمن. فعلى مستوى القطاع غير الفلاحي، تعد الأنشطة المرتبطة بالطلب الخارجي، خاصة الطلب الوارد من الدول الأوروبية، هي الأكثر تضررا بتأثيرات الوباء. ويتعلق الأمر أساسا بقطاع السياحة وأنشطته الملحقة والصناعات الميكانيكية والكهربائية بالإضافة إلى أنشطة صناعة النسيج والجلد والتجارة والنقل. وبالمقابل، ستتمكن أنشطة أخرى من تجاوز تداعيات الأزمة وتسجيل نتائج جيدة، خاصة أنشطة المعادن والصناعات الغذائية والصناعات الكيميائية وشبه الكيميائية وخدمات أنشطة الصحة والتعليم والخدمات الإدارية. وهكذا، ستتأثر أنشطة الصناعات التحويلية بالتداعيات السلبية للأزمة الصحية وبالتوقف المؤقت للعديد من الصناعات وتراجع دينامية السوق الداخلي والأسواق العالمية. وبالتالي، ستعرف القيمة المضافة لهذه الأنشطة سنة 2020 تراجعا كبيرا، لتسجل معدل نمو سالب في حدود%7 عوض ارتفاع ب %2,8 سنة 2019. وتعزى هذه النتائج غير الملائمة أساسا إلى انخفاض القيمة المضافة للصناعات الميكانيكية والكهربائية ب %22,4 عوض ارتفاع ب%4,7 خلال السنة الماضية. فيما ستتأثر أنشطة قطاع صناعة السيارات، المرتبطة كثيرا بالطلب الخارجي والتي تمثل %27 من الصادرات الوطنية خلال الفترة 2010-2019، بشكل كبير بهذه الأزمة، نتيجة التوقف الجزئي لأنشطة العديد من الوحدات الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، سيتأثر قطاع صناعة الطائرات، الذي ينشط في منظومة سلسلة عالمية، بشكل مباشر نتيجة الصعوبات التي تواجهها مختلف أنشطة مصانع الطائرات، وبالتالي تراجع كبير للطلب على الطائرات الجديدة، الشيء الذي سيقلص كثيرا من وتيرة الإنتاج من طرف شركات الطيران الجوي الكبرى. وبخصوص أنشطة النسيج والجلد، فإنها ستسجل انخفاضا ب 14,1% سنة 2020 عوض ارتفاع ب%3,1 سنة 2019، متأثر بتداعيات الأزمة الصحية والمشاكل البنيوية التي يعرفها القطاع، خاصة منافسة الأسواق التركية والصينية، والوزن الكبير لأنشطة القطاع غير المنظم. وستتفاقم هذه الوضعية الهشة بالاختلالات التي تعرفها المخزونات لدى الوحدات الصناعية من المدخلات الواردة من أسيا وخاصة الصين وبالانخفاض الكبير للطلب الخارجي الموجه نحو منتجات النسيج والجلد، خاصة الواردة من إسبانيا وفرنسا. غير أن تغيير بعض وحدات إنتاج مواد النسيج لأنشطتها نحو إنتاج مستلزمات طبية، مستفيدة من الارتفاع القوي للطلب العالمي والوطني على هذه المنتجات. من جهتها، ستعرف الصناعات الغذائية تحسنا في قيمتها المضافة لتسجل نموا متواضعا بوتيرة %0,6 سنة 2020 عوض ارتفاع ب %1,1 خلال السنة الماضية. وسيستفيد هذا القطاع من النتائج الجيدة للطلب الداخلي على منتجاته، المدعم بالمجهودات المبذولة لتعزيز القدرة الشرائية، ليتمكن بذلك من تغطية حدة التراجعات التي ستعرفها منتجاته التصديرية. وستعرف أنشطة قطاع المعادن زيادة في قيمته المضافة بوتيرة%4,4 سنة 2020 عوض %2,4المسجلة سنة 2019. وسيسجل إنتاج الفوسفاط الخام تحسنا، نتيجة دينامية الطلب الوارد من الصناعات المحلية، مستفيدا من حجم تدفقات الفوسفاط ومشتقاته، رغم الاختلالات التي تعرفها الأسعار العالمية. غير أن إنتاج المعادن الأخرى، خاصة الزنك والكوبالت والرصاص ستعرف انخفاضا خلال سنة 2020، متأثرة بتدابير إغلاق أغلبية المواقع المعدنية وتراجع أسعارها في الأسواق العالمية. من جهته، سيسجل قطاع البناء والأشغال العمومية انخفاضا في قيمته المضافة ب %9,8 سنة 2020 بعد ارتفاع طفيف ب%1,7 خلال السنة الماضية. وستتأثر أنشطة البناء أكثر من غيرها بالصدمة المزدوجة للعرض والطلب الناتجة عن الأزمة الصحية. وهكذا، سيؤدي تقليص الأجور وفقدان مناصب الشغل إلى تدهور القدرة الشرائية للمستهلكين. كما أن توقف أوراش البناء وانخفاض مبيعات الوحدات السكنية، سيعيق بشكل كبير استثمارات المنعشين العقاريين. ومن جهته، سيتأثر قطاع الطاقة بالنتائج غير الجيدة للعديد من الأنشطة الصناعية، حيث سيسجل تراجعا بحوالي%4,1 سنة 2020 بعد ارتفاع ملحوظ ب%13,2 المسجل خلال السنة الماضية. وستتفاقم هذه النتائج المتواضعة لإنتاج الطاقة الكهربائية، كذلك بانكماش الطلب الخارجي على الكهرباء، خاصة الوارد من إسبانيا. وستتضرر دينامية أنشطة السياحة بشكل سلبي، نتيجة إغلاق الحدود ومنع التنقل بين المدن. كما سيتأثر هذا القطاع بإلغاء عملية "مرحبا 2020″، بالنظر لأهمية وزن المغاربة المقيمين بالخارج من مجموع عدد السياح الوافدين. وهكذا، فقد سلطت الأزمة الضوء على الاختلالات الهيكلية للقطاع واعتماده الكبير على الأسواق الخارجية، حيث لا تتجاوز حصة السياحة الداخلية %31. وفيما يتعلق بأنشطة قطاع التجارة، فإنها ستسجل معدل نمو سالب ب%11,4 سنة 2020 عوض ارتفاع ب %2,4 سنة 2019. غير أن الأنشطة التجارية المرتبطة بالمنتجات الغذائية ومنتجات النظافة ستستفيد من الأزمة وتعزز ديناميتها. بالمقابل، ستعرف التجارة المرتبطة بالسلع الأخرى كتجارة الأجهزة المنزلية، والترفيه، والأثاث، ركودا حادا، باستثناء الأنشطة التي قامت بتطوير التجارة الإلكترونية.