عدنا إلى البيت والعود أمكث هذه المرة… أنظر إلى غروب الشمس في مساء ذلك الأربعاء الندي والحزين من شرفتي والمطر الدافئ ينهال على الشوارع والمدى دون أن تصلني رائحة التراب المبللة كما العادة ظللت هناك استرق متسمرا سمع الحياة التي فنت. كم غدا يومك سرمديا يا كرونة قد طال بنا المكوث بين جدرانينا ونحن نصطلي بين نارين نار الحجر داخلا ونار المنية خارجا فلا توسط بينهما فإما السجن مع الحياة أو الفناء مع الحرية والانطلاق قل لي كيف لنا ان نقاوم نداء الذهاب بوداعة إلى مصيرنا المحتوم؟؟؟.
فجأة التفت وحييت مسائي البائس: عمت مساء أيها الامل البالي، قلنا لك تعالى بأمل فتعاليت علينا وزدت في صدك وهجرانك وعدت بخفي حنين يأس وانتظار وترقب وجزع متى ستدرك كم طال انتظارك؟؟؟ وانت مازلت في الأفق البعيد تتعالى وفي رحم فؤادنا تصطبر تجرفنا بدفقك نحو اللامنتهى بينما الظلام يكبس على صدورنا بيأس ننتظر متى ستلين وجوهنا المتجهمة والعطشى إلى رحمة ما ؟؟؟ . من نافذة الخلاص دائما اتأمل وتنهال الأسئلة علي بوجوم: هل لدى الكل بيت أو مأوى ؟؟؟ هل من لم يصب بلوثتها شاطر؟؟؟ وهل من أصيب بها خائب؟؟؟ وكم من وجع وانكسار يلف كل واحد منا ؟؟؟ لقد طال المكوث في هذا اللامعنى بين جدران منعدمة الصدى وبين جيران بيننا وبينهم سدا ومن خلفهم سدا لا يرى إلا احذيتهم المعطرة بعطر الشارع والمحتجزة عند عتباب الأبواب لأنها تحمل أسباب الموت التي تتساقط ندفا غير مرئية من جوانبها منكفئين على أنفسنا نبحث عن معاني أخرى للوجود عن الحقيقة الضائعة منذ 6000 سنة قلقون وجزعون من أخبار المنايا التي تخبط خبط عشواء فينا مترقبين دورنا في طوابير المؤن والموت كأننا نضرب موعدا معها عن سابق تصميم
كم عهدنا المدن مسارح لإدمان الفرح والحياة اين نحن من تلك الليالي الصاخبة؟؟؟ ونفير السيارات المتلاحق؟؟؟ ؟؟؟؟ وشوشات العشاق وملاسنات الخصام؟؟؟ كم اشتقنا إلى ذلك الشروق الذهبي وصفاء العيش الرغيد والنعيم اللامبالي كم استهنا بلحظات السعادة البسيطة وبخسنا جنة الأرض هاته غاية كل الذين عبروا إليها من كل الحدود والأزمان . أين كل ذلك؟ ونحن في موكب الموت نسير متهالكين أو حتى غير مبالين وفي الأخير سكنا بيوت الوحدة البائسة ومدن البقاء غير المتوقع والمصير المجهول بدون أواصر ولا ذي قربى.
كل الصور والاخبار تنقلنا من بيوتنا إلى اللامكان واللازمان ونحن ندمن التنظيف والتعقيم بإصرار وعندما تطالعنا أوجهنا في المرايا القاسية نفاجأ بأعطاب الحجر عليها وكأننا نرى أنفسنا لأول مرة نعم سنعود يوما لكن بوجع وانكسار لكننا سنعود لنرفض إذن الذهاب بوداعة إلى مصيرنا المحتوم لنثر ضد موت الغباء والغفلة حيث الناس العنيدة والمستهترة تندفع الى الموت بابتهاج كأنها مقبلة على كرنفال المنايا المتنوعة وتمشي نحو مآلها ببصر معمى
هو قضاء وقدر نعم ولكن لنا أمل في رب هذا الكون . فيارب دع رحمتك تغمر العالمين واصدح بحلمك من بين تلال الريف المتموجة ودع لطفك ينبع سيالا من قمم الاطلس الشامخة وهي تجري باوديتها العذبة عبر سهول وهضاب الداخل والساحل ودع رذاذ عطفك يجتاح كثبان الصحراء الحالمة ففي افق الشروق البعيد ستنبعث شعلات الشمس الذهبية وسيستنير بنورها عموم الأرض بيتنا العامر والأبدي هذا الذي لا يسامى جمالا والفة فها قد تحققت المساواة بين كل الأمم والشرائح بعدما عجزنا عن ذلك الاف السنين الم تكن كرونة هي ما ينقصنا في كل ذلك ؟؟؟