الى كل الإباء والامهات... لا تدفعوا أبنائكم للعمل بالبيوت، مهما اشتد فقركم، اشتغلوا أنتما لأجل حماياتهم، فان لم يرحم الابوين أطفالهم، فلا ينتظرا من أحد أن يفعل ذا لك هذه رسالة محجوبة، والتي قضت 39سنة خدمة بالبيوت تحكي فيها بمرارة عما تختزل تلك السنوات من معاناة حقيقية وأسرار عاشتها مع كل أسرة اشتغلت لديها... تقول محجوبة اشتغلت وانا عمري لم يتجاوز 9 سنوات، حينما أتذكر تلك اللحظة التي حكم فيها عليها بهذا القرار ، وأتمنى لوكان الحكم بالموت، تلك الصورة لازالت راسخة وكأنها لبارح ،أعيش على تكرارها كل صباح، حيث كنت ألعب وبنات الجيران في دوارنا بأولاد تايمة ،ما أن لمحت «عمي الحسين» الذي يسكن مدينة «أغادير» كعامل بأحد مصانع السمك، وتركت اللعب بسرعة حيث انتابتني فرحة الأطفال البريئة حين يرون ضيف او قريب لهم فذالك الشعور لا يأتي عبثا، فالطفل يحتاج للإحساس بقوة العائلة يعني انه ليس وحيد ، المهم أن زيارة عمي لم تكن بريئة فهو بمجرد ما شرب كأس شاي ، فاتح والدي في الموضوع «أنا جاي نأخذ وحدة في البنات تمشي تخدم ،راه مرات الباطرون بغا ت شي بنت وهي امرأة مزيانة وتخاف الله ،علاش ندي لها البراني؟ وانت بناتك ما يعاونك في الصير. راه بزاف عليك...» اجتمعت اخواتي الثلاث في ركن البيت بمجرد سماعهم للموضوع برغم أنهن يكبراني في حين يصغرني أخويا الذكور، ولما نظر إليهم والدي بائسات، رد عليه « لا انا ما نصيفط بناتي يخدموا في الديور» بدأ عمي يحاول إغرائه، لدرجة أنهما اوشكا على الخصام، وتدخلت وكأنني لا اريد لهما دالك «با ،نمشي انا نخدم ما فيها والو و ياك معي عمي الحسين أنا راه عزيزة عليه ما يخلي حد يمسني..» لم يقبل والدي وأمرني بالخروج، لم تمر سوى شهور توفي ابي رحمه الله بعد مرض لم يلزمه الفراش كثيرا، وجاء العم ليحقق مبتغاه بصفته المسؤول عنا، وأمام رفض اخواتي الذهاب معه، قررت أنا ذالك، كان يوم مأسوي حزين بكت فيه امي واخواتي كما بكينا يوم توفي والدي، وانا احمل رزمة فيها بدلتين لا غير. مان ركبت سيارة الأجرة، حتى عرفت أنه الوداع الأخير للدوار الذي ترعرعت فيه، ذهبنا عند الاسرة التي سأعمل لديها وانا لا اعرف شيئا ولا اعرف كم هو المبلغ الذي اشتغل به، عمي تكلف بكل شيء، فأحيانا يبعث لأمي 100 درهم مع سائق التاكسي، ومرات يقول لها «بنتك مبرعة شنو ناقصها واكلة شاربة ولا بسة عند الناس» في الحقيقة الاسرة التي اشتغلت عندها أول مرة كانت اسرة طيبة الاشكال الوحيد الذي كنت اعانيه هو أنهم يتحدثون الامازيغية وانا لا اتقنها، لكن تعلمت بعض الكلمات عندهم، إضافة الى أن الذي يتحكم في البيت هي «أمي الباتول» شغالة قديمة وهي المكلفة بشؤونه وما يخصه، انا دوري كان هو «السخرة» يعني أقدم طلبات من يتواجدون في الطابق الثاني أو افتح الباب للضيوف واشتري من البقال. خصوصا عندما علم الجميع انني يتيمة، ما عانيته هو بعدي عن امي واخوتي فترة غياب ابي عن البيت، ما عانيته هو استغلال عمي لعرق جبيني وما عانيته أكثر هو حين يأتي الأطفال في عمري من أحفاد الاسرة يحملون أدواتهم المدرسية واللعب، وانا بنت جيلهم لم أتمتع بتلك اللحظة... المهم أنني كنت شبه مرتاحة رغم كل ذالك مع هذه الاسرة، ومرة حاول البقال لمس ثدي وقال لي «مازال ما بغيت تكبري نشوف الزين..» جئت اليهم باكية، وتمردت وبكيت ابي المفقود، وبعد امي واخوتي، ورغم انتقام الاسرة لي والدفاع عني الا أنني احسست بالغبن و الاحتقار... لم يكن لوالدتي ولا اخوتي طريقة للتواصل والسؤال عني، رغم قصر المسافة، علمت أن عمي أراد أن يشغل أخواتي عند أسر أخرى فهاجمه خالي ،ثم بمجرد ما جاء لخطبتهم أزواج من الدوار، اختارت امي تزويجهم على الا يكون مصيرهم مثل مصيري، وأمام هذا الصراع بين الاسرة وعمي قرر الانتقام منهم ، فجاء عند «الحاجة» أي مشغلتي وطلب منها أن يأخدني لحضور زواج اخواتي ويعيدني بعد ذالك، فاشترت لي «الحاجة» الحلي والملابس و اعطتني النقود، أخد مني كل شيء وذهب بي الى سيدة أخرى لأشتغل عندها دون علم أحد من العائلة، وانا لا اعرف الأماكن باغادير ،لكن اعرف ان الحي يدعى «حي الشرف» لتبدأ المعاناة الحقيقية، فالأسرة التي كنت معها لم تكن تعاملني كمشغلة، وانما مساعدة لمشغلتهم ،جئت الى سيدة لا تعرف معنى الرحمة حيث رغم قصر قامتي تريدني أن أنظف كل أركان البيت لوحدي ،دون معين واخرج الصالون ليشمس بالخارج واعيده، وتنهال علي بالضرب كلما لا يعجبها شقائي البريء، فانا لا املك تلك الطاقة التي تنتظر مني،.. لقد ذهب عمي ولم يظهر له أثر وأنا مستغلة من طرف هذه السيدة التي كانت تدير بيتها للدعارة، خصوصا للأجانب فترة الثمانينات، هي قوة السياحة الأجنبية باغادير، يقدم لي زبائنها اكراميات فتنزعها مني، عشت عندها العذاب الأليم ... قضيت عندها 3سنوات والاسرة الاخرى سنتين ونصف ويوم قرر الله لي الفرج ،جأتها فرصة السفر الى الخليج، فعرضت على اغلب صديقاتها تشغلي عندهم وكأنها تريد بيعي ،فلم تقبلني حتى واحدة منهم اما بحجة انهم يتوفرون على غيري او لا يرونني مناسبة لهم، وبعد يأسها اتصلت بعمي ليأتي و يأخذني، وفرحت كثيرا لأمر، ظننته سيعدني للأمي أو على الأقل الى اسرة «الحاجة» التي كانت تعطف علي لكن هيهات لقد ذهب بي عند أسرة أخرى، سيدة محتجبة وزوجها،هي لا تنجب الأولاد وهو متزوج بالثانية ،يقضي ليلة معها وليلة عند الأخرى، وحسب قولها تحتاج لطفلة تؤنسها الليلة التي يغيب فيها زوجها عند الأخرى.. بالفعل جلست معها، طمئنني شكلها بداية فهي على الأقل أنظف من تلك الأخيرة شكلا، وبيتها يذكر فيه الله، عبر جلسات نسائية للمحجبات كل عصر يقضوها عندها. ما عانيته معها هو كثرة الأوامر، والجوع ، لم أرى انسان يحرم نفسه من نعمة أعطاه الله إياها، زوجها كريم ويأتي بالكثير من الأغدية لكنها لا تترك لي و لا حتى لنفسها أن تشبع قضيت معها، 9 اشهر ونحن على نفس الحال، و كل جارتها اللواتي يحضرن الجلسات الدينية التي تقام عندها يحنن في، إلا مرة ،وهن يصلن العصر وأنا حائض استغلت الفرصة لأكل تفاحة بعد ان دحس امعائي الجوع، بمجرد ما نهت هي الدعاء أي مشغلتي ،دخلت على وأنا أمضغ، فقرصتني بيد وخنقتني بالأخرى ومع صمت وخشوع صديقاتها، سمعن تنهداتي وكأن الروح تخرجني «الخرخرة» فسرعن جميعا نحو المطبخ ،لمعرفة ماذا حصل ،انصدمن لذالك المنظر... لقد صدمتهم صديقتهن الداعية وهي تشنق خادمتها من اجل تفاحة، لقد صدمتهن كيف تعامل اليتيم، صرخوا جميعا» أجننتني كنت غادي طيحي روح على تفاحة يبدو أنك غير طبيعية.» حررتني احداهن من قبضتها وهي لم تتوقع ان يكشف وجهها الحقيقي يوما... أخرجتني صديقتها الى بيتها المجاور وقدمت لي طعام وهي تردد «لا حول ولا قوة الا بالله» ووعدتني لن تسلمني سوى لزوج مشغلتي، حتى يتكلف بي ويوصلني الى اهلي، ولما حكيت لها حكاية عمي، حيث انه لا يرغب في إيصال للأمي واخواتي، وهو الذي يستغل عرق جبيني. ولما جاء زوج مشغلتي وعلم بالأمر، قال هناك حالين اما ان اوصلها الى أمها وابلغ عمها انها هربت ولم نرى لها اثر، أو نبلغ الشرطة نصحته جارته بالحل الأول، وسألني مان كنت اعرف بيت اهلي لو وصلت الدوار اجبت بنعم، وتحقق حلمي في معانقة امي واخوتي بعد غياب ازيد من 7 سنوات ... وحين مرت فترة رفقة اهلي، بحثت عن «الحاجة» الاسرة الأولى التي شغلتني، ووجدت »أمي الباتول» أصبحت تكبر اقترحوا على الاشتغال معها وقبلت، خاصة وأنني مسؤولة عن نفسي، واخذ منهم المبلغ الشهري بشكل شخصي واصرف منه على امي ودراسة اخوتي الذكور. توفيت «امي الباتول» واخدت مكانها وأصبحت مسؤولة عن الاسرة بأكملها بعدها توفيت «الحاجة» واستمريت مع ابنها الأكبر وزوجته، أربى لهما الابناء واتكلف بمصاريف البيت. بقيت أنا دون زواج ولا أطفال، الحمد لله عشت ظروف قاسية، وأخرى أحسن، لكن لا أتمنى ان تعاد تجربتي في أي اسرة، مهما بلغ بها الحد فالأطفال مكانهم المدرسة ودفئ العائلة ولا ينتظر من أي جهة أن تعوضهم حب ابويهم... هده حكاياتي وهي أضعف الحكايات ألما فانا صادفت العاملات في البيوت وحدثوني عن حالهن، واكتشفت انني لم اعاني شيئا مقارنة بمعانتهن أضعفها تعرضهن للاغتصاب المتكرر...