خطفت يد المنون صديقا عزيزا وشاعرا مرهفا وجليسا مؤنسا، ففداحة الخطب وعظيم وقع النازلة كان أكبر٬ ومهما كانت الألفاظ مكلومة والجمل مهمومة والأحرف ولهى والعبارات ثكلى، فلن تستطيع جودة التعبير، ولا دقة التصوير أن تفي بما نحس من أسى وحزن على فقدان أخينا العزيز حميد زريويل الشاعر والمثقف المتميز والإعلامي الذي وضع مع اللبنة الاولى للعطاء في هذا الموقع الذي يشكل لنا جميعنا بيتنا الثاني. فمهما يكن الأمر، فالكلمات والقوافي التي ركب موجها في القريض، ستظل تحس بخصاص عاطفي مهول، فهو الذي دأب تسطير وتبسيط أحاسيسه ومشاعره الجياشة في خلوته الشعرية، ينتشي منها أبياتا وقصائد، لقد أثارت فاجعة رحيله ومفاجأتها غصة في الحلق، وانحسارا لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني.
لذلك فنحن في موقع تازاسيتي نقول لك: "للموت جلال أيها الراحل، كما له مرارة وألم وشعور بالغ بالفقد"، نحن وحدنا من تمتد به الحياة نبكيك، ونذرف الدمع في وداعك، ونشيعك لمثواك الأخير، ونحن لا نكاد نصدق أننا لن نراك بعد اليوم، إننا في الحقيقة لا نبكيك لأنك رحلت، بل نبكي أنفسنا لأنك تركتنا وحدنا لكل الآمنا ودموعنا وفراقنا وقلقنا، لأننا لن نراك بعد اليوم في دنيانا، وقد كنت بعض سلوتنا أو جزأ من حياتنا أو بقية من رفاقنا...
إننا نبكي من أجلنا نحن، لا من أجلك، لأنك رحلت، فلن تشعر ببكائنا، ولن تستعيد شيئا مما مضى، ولن يكون بمقدورك أن تصنع شيئا لنفسك أو لنا ..نحن إذن من يجزع لأن الراحلين انطفأت شموعهم في حياتنا وهذا إعلان على أن قطار العمر ماض والأيام حبلى والقدر محتوم، إن قطار الزمن سريع لا يعرف المهل والتريث، وليست له محطات نقف عليها؛ كي نستريح كما نشاء؛ إنه يسير بإرادة الله؛ لينقل خلقه من محطة المهد الأولى إلى محطة اللحد الأخيرة.. الزمن يسير.. والعمر قصير، فرحم الله فقيدنا العزيز حميد زريويل وأسكنه فسيح جنانه وألهمنا وألهم ذويه الصبر والسلوان .