قد يستغرب قارئ عنوان هذا المقال عن مقصديتي في عنونت مقالي ووسمه بالتضامن الجهوي: ناقوس يهدد إنسانية المغاربة، وقد يحاول جاهدا التكهن بمحتوى المقال..لكني أقول له بصدق لن تنفعك نظريات القراءة في فك طلاسم هذا العنوان حتى تغوص في بحره اللجي. لن تنفعك لذة القراءة ودرجة الصفر في الكتابة عند بارت، ولن ينفعك دريدا بتفكيكيته، كما أن إيزر وياوس بأفق توقعهما سيخيبان معك أيها القارئ العزيز. لن تجد لجمالية التلقي هنا أي أثر، لكنك صدقا ستذرف عبرات غاليات إذا كنت ممن عمل بقول إيليا أبو ماضي: أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا..لولا الشعور الناس كانوا كالدمى. الكل سمع بالطفل عدنان وقضيته، والكل تضامن وعبر عن سخطه وغضبه العارم، الأمر طبيعي وبديهي، هي فطرة الإنسان ! لكن أن يكون التضامن مبنيا على الجهوية، وتصير المآزرة رهينة لمدينة مغربية معروفة وكبيرة دون غيرها أو رهين مثيلاتها، فهنا يجب أن نقيم مأتما لأننا أصبنا في أخلاقنا. وأمير الشعراء يقول: وإذا أصيب الناس في أخلاقهم..فأقم عليهم مأتما وعويلا. إن المتأمل في ما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد، يدرك منذ الوهلة الأولى أننا قطعنا حبل السرة بيننا وبين القيم الإنسانية، وأصبحنا عبيدا لنرجسية الإنسان المنقطعة النظير. فها هي نعيمة روحي،طفلة من دوار تفركالت إقليم زاكورة يعثر عليها بعد خمسة وثلاثين يوما من البحث ميتة في أعالي جبل بضواحي زاكورة. الجنوب الشرقي من المغرب دائما ما عانى ولا زال يعاني الويلات، تهميشا وتفقيرا، وأمل قاطنيه أن يلتفت إليه كما يلتفت إلى باقي الجهات بالمغرب، فالجهوية زادت الطين بلة، حتى أصبح الجنوب الشرقي معزولا..هكذا بدأ الناس يتشربون الجهوية حتى أن التضامن مع نعيمة واستنكار الوضع والجرم المقترف في حق بريئة لم يصدر إلا من أبناء هذا الربع الخالي، أو ممن تربوا داخل أحضانه. ختاما، أدعو من موقعي السلطات بزاكورة إلى بذل الجهد لإيجاد المجرم في أسرع وقت، فالوضع لا يطاق. رحمات ربي على روح البريئة نعيمة، سائلا المولى عز وجل أن يجعلها تنعم بفردوسه، وهو الذي أنعم عليها باسم نعيمة مذ صرخت صرختها الأولى.