Yahia [email protected] حينما كنت أتابع شأني شأن باقي الجماهير الشعبية المهتمة بالشأن العام للبلاد، الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة بموجب الدستور من لدن نواب الأمة، المخصصة لسياسة الدين العمومي والحوار الاجتماعي مع الفرقاء الاجتماعيين والنقابات، كنت أطرح جملة من الأسئلة حول خطاب رئيس الحكومة الذي خالف المعهود والمعتاد من خطبه المثيرة للجدل، القائمة على سياسة الاتهام والردع والتخويف ولغة الشارع ، فأثارني الأمر، إلى درجة أنني غيرت من وضعية جلستي، وهممت بإعادة النظر في خطابات الرجل وسلوكه السياسي. وتذكرت أشياء كثيرة كنت قد قرأتها عبر وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية تؤكد أن الرجل صامت، واختار الانزواء والاعتكاف عقب تدخل المؤسسة الاستشارية الملكية. فزدت اليوم تأكدا من الأمر، بعد أن مرت مداخلته الأولى بشكل هادئ ونظيف ، فراقني الأمر مرة أخرى، وسعدت بالأمر كثيرا. لكن بعد رد وأخذ سرعان ما فوجئت بالحنين إلى الماضي في الخطاب السياسي، فعادت حليمة إلى عادتها القديمة. ألقى رئيس الحكومة المحترمة بحجر كبير آخر من مقلع الأحجار- ليست الكريمة طبعا - في بركة البرلمان الآسنة. ماذا حدث؟ سفه ولي الله خطاب المعارضة بعد تذكير بأحاديث نبوية، كأسلوب تكتيكي واستراتيجي(...)، نطق الرجل شهادة السفاهة والسفه في حق من يرددون ويربطون ربطة عنقه بدامس وداعش وداحس والغبراء، والموساد والنصرة والإخوان المسلمين، معلنا عدم سكوته وصمته أمام هذه الاتهامات، مرددا لازمته الشهيرة: «ما تخلعونيش أنا ما تنتخلعش..» لتتوقف دراما أو كوميديا الجلسة الشهرية بعد ساعة من «النقاش». خارقا بذلك أفق انتظار علماء التلقي مع» إيزر وياوس»،وضاربا عرض الحائط كل الفرضيات التي رجحت إمكانية ردع الرجل، وركونه إلى صمت «الحكيم». مستلهما مفهوم الاختلاف والكشط من أدبيات فيلسوف التفكيك الفرنسي «جاك دريدا» ليعلن عن أن الأمر لا يعدو مجرد استراحة محارب بعد الهزة الأرضية التي أصابت بيت «الدوش والناموسية» والرجة الارتدادية التي عصفت باللعب الهاوي والممارسة المتصابية لدراريه القاصرين، ودرياته التي نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم إنسيا.. خطاب التسفيه والسفاهة والتسافه والتنابز بأبشع الألقاب، يضرب في مقتل جوهر الممارسة السياسية بالمغرب، ويعلن شئنا أم كرهنا قراءة الفاتحة ودق آخر مسمار في نعش السلوك السياسي المغربي مع رئاسة هده الحكومة. هل نحن اليوم بين التنظير «الإسلامي» والتطبيق «الإسلاموي» لرئيس الحكومة، أم أننا أمام خطاب عمربن الخطاب وفعل مسيلمة الكذاب؟ ما جرى بحلبة قبة البرلمان خلال هذه الجلسة الشهرية يعيد إلى ساحة النقاش العمومي، قضية ممارسة السياسة بالقدوة، على غرار بيداغوجيا التربية بالقدوة. فالمطلوب من لدن مختلف علماء العلوم الاجتماعية والنفسية أن يشمروا على سواعدهم، وينبروا بكل قواهم المستبطنة قبل الظاهرة، لتفسير ظاهرة عوائق السياسة بالقدوة في مغربنا الذي أهلكت قواه، الإعاقة السياسية والخطابة الخشبية.